منوعات / صحيفة الخليج

موعد مع «اللحظة»!

د. إيمان الهاشمي

دعونا نتحدث عن الصفات الإنسانية المندثرة، وعن جثث الأحلام المتناثرة، وعن خفقات القلوب المتأثرة، وعن الضيق وما ترتب على أثره، من قيمٍ مكسورة، وضمائر مبتورة، ومشاعر مقهورة على أعتاب الغفلة والغرور، مذ بات الخير غريباً في ديار الشرور، والصدق مسجوناً في دهاليز الزور، والرحمة مسجونة خلف قضبان الفجور، حيث تكاثرت الأجساد وندرت الأرواح، لكن.. لا تزال هناك قلوب تنبض بالصفاء، وعقول تُفكّر بالنقاء، وأرواح تقاوم التيه بالبقاء، وكأنّ في داخل هذا الركام صوتاً خافتاً لا ييأس، يهمس بأن النور قد يتسلل من بين الشقوق، وأن الإنسان، مهما ابتعد عن إنسانيته، قد يعود إليها في لحظة! حسناً.. لحظة! قد حان موعد اللحظة.
هو مؤلفٌ موسيقيٌ جاء من بلاد الإنجليز، عاش عصر النهضة والزمن الوجيز، في حقبة التنوير وفترة التجهيز، للقضاء على ظُلمات التحطيم والتعجيز، وذلك بالاجتهاد وقوة الملاحظة والتركيز، على تشجيع النور وتشييع الظلام بالتحفيز، وزرع الثقة بالنفس في سبيل التميّز لا التحيّز أو التمييز، وكل هذا حدث بعد انقضاء الضجيج والأزيز، تماماً عقب العصور الوسطى وقبيل العصر الباروكي العزيز، الذي كثرت فيه الزخرفة والنقش والتطريز، والمبالغة في ترصيع الألحان كالبراويز، حتى بدت الأعمال الفنية آنذاك كالدهاليز، أو أشبه بوصفٍ لا نجده في المعجم الوجيز!


تحمّل الكثير من الإساءة والإهانة والإهمال والأذى، وكتب الكثير من القوالب الموجودة إلى يومنا هذا، وتشمل أعماله عدة أنواع من الموسيقى الدينية والدنيوية، ولذلك سمّاه معاصروه بــ(أب الموسيقى البريطانية)، وكان لقباً قد استحقه الموسيقار (ويليام بيرد) عن جدارة، حيث جمع بألحانه بين المشاعر الحسية والمهارة، فاستمر بكل فطنة وذكاء، في جمع الأصدقاء، باستخدام موهبته الموسيقية وأسلوبه المبتكر الفني، أثناء أكثر الفترات عنفاً في تاريخ إنجلترا الديني!
في سنواته الأخيرة صار (بيرد) متسامحاً بشأن الكثير من المعتقدات، بل في عدة مواقف دفع هو وزوجته العديد من الغرامات، وذلك لتغيبهما عن الكنيسة وعدم تأدية الصلوات! بالرغم من أنه كان غزيراً بإنتاج الأنغام الكاثوليكية، حيث برع في تطوير صيغة التناغم بمؤلفاته الذكية، ومن أهم ما قدّمه (ويليام) لجميع هذه البشرية، لحنٌ أطلق عليه اسم «الصلاة الكبيرة» ولعله قصد به الحرية، وهو يتمثل بمجموعة من المقطوعات الخلابة والجميلة، والتي لحنها من أجل بعض النصوص القدسية الطويلة.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا