القاهرة: «الخليج»تجسد عمارة معابد الكرنك بالأقصر، براعة المصري القديم في فنون البناء والعمارة، على نحو يليق بواحد من أكبر المجمعات الدينية في العالم القديم، وربما أقدمها على وجه الإطلاق، إذ يرجع تاريخ هذا المجمع العتيق إلى أكثر من 4000 عام، وهو التاريخ الذي كان سبباً في وضعه على قائمة مواقع التراث العالمي لهيئة اليونسكو.تشير العديد من الدراسات الحديثة، إلى تاريخ معبد الكرنك، وكيف تحول من مجرد جزيرة صغيرة داخل سهل فيضان النيل، إلى القلب النابض لمدينة طيبة القديمة، التي تحولت سريعاً إلى العاصمة الدينية لمصر، وهو ما يتجلى في العديد من المعابد الصغيرة التي يحتضنها معبد الكرنك، والتي تحفل جدرانها بالعديد من النقوش والتماثيل الضخمة والأعمدة، التي تروي جانباً من هذا التاريخ العتيق.وتعد قاعة الأعمدة الكبرى، أحد أبرز مكونات مجمع معابد الكرنك، وهي تحتوي على 134 عموداً ضخماً، يصل ارتفاع بعضها إلى 15 متراً، بينما يصل ارتفاع الأعمدة الكبرى في المنتصف إلى 21 متراً.عرف معبد الكرنك حسبما تقول وزارة السياحة والآثار، في بادئ الأمر باسم معبد «إبت سوت» التي تعني بالمصرية القديمة أكثر الأماكن تميزاً، قبل أن يتحول على مدار قرون إلى مجمع للمعابد، بما يضمه من معابد أخرى صغيرة ومقاصير، ربما كان من أشهرها معبد آمون الكبير، الذي كانت تمارس فيه الطقوس الخاصة بالمعبود آمون، وهو المعبود الرئيسي لطيبة القديمة، ما حوّل معبده إلى مركز للثروة والقوة، حيث كان للكهنوت سلطة سياسية هائلة، خصوصاً في بداية الدولة الوسطي، التي لمع فيها نجم طيبة، بعد ظهور السلالة الملكية التي وحدت مصر بعد عصر الانتقال الأول، ليصبح هذا المكان أحد أعظم وأهم المدن في مصر القديمة.يتألف مجمع الكرنك من مجمع هائل من المعابد، من بينها مقصورة موت زوجة آمون في الجنوب، ومقصورة مونتو في الشمال، إلى جانب معبد إخناتون المخصص لعبادة آتون في الشرق، وقد بني معبد آمون بمحور شرقي غربي، في محاكاة لرحلة إله الشمس عبر السماء، ويمتاز باتصاله بمعبد الأقصر، وقد ربط بين المعبدين عن طريق احتفالي مزين بتماثيل أبو الهول، وقد كان هذا الطريق يستخدم في «عيد الأوبت»، أحد أهم الاحتفالات في التقويم المصري القديم. قاعة الأعمدة تعد قاعة الأعمدة من أجمل مكونات مجمع معابد الكرنك، وقد بدأت أعمال بناء هذه القاعة في عهد أمنحتب الثالث في نحو 1390 إلى 1352 قبل الميلاد، لكن الزخارف والبناء الرئيسي تم في عهد كل من سيتي الأول، ومن بعده رمسيس الثاني نحو 1279 إلى 1213 قبل الميلاد، وبالقرب من هذه الأعمدة تقف مسلتان ضخمتان، شيدت إحداهما الملكة حتشبسوت، ويبلغ ارتفاعها نحو 30 متراً، ووزنها أكثر من 300 طن.ويضم الجدار الخارجي لمعبد آمون معبداً مخصصاً لخونسو في الزاوية الجنوبية الغربية، إضافة إلى معبد أوبت، أنثى فرس النهر التي كانت رمز الولادة في مصر القديمة، وقد تم بناء هذا المعبد في العصر البطلمي، ويتميز المعبد بوجود البحيرة المقدسة، التي كان الكهنة يتطهرون فيها قبل أداء الطقوس، وتتوسط البحيرة العديد من المعابد الصغيرة، ما يجعل الموقع بمثابة متحف مفتوح يعكس فنون وعمارة مصر القديمة.