منوعات / صحيفة الخليج

«أم الزيتون».. شجرة عمرها آلاف السنين تتحدى عنف المستوطنين في الضفة الغربية

الولجة - أ ف ب
في الضفة الغربية، لا تزال أقدم شجرة زيتون في المنطقة، صامدة رغم المواجهات بين مزارعين فلسطينيين ومستوطنين إسرائيليين، والاعتداءات التي تستهدف حقول الزيتون والتي شهدت تصعيداً هذا الموسم.
ويقول صلاح أبو علي (52 عاماً) من قرية الولجة جنوب القدس، بينما يقطف ثمار الشجرة تحت أشعة شمس نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، «هذه ليست شجرة، نحن نتحدث عن تاريخ، عن حضارة، عن أيقونة، شجرة مقدسة، مباركة».
وبحسب خبراء إيطاليين ويابانيين، فإن عمر الشجرة التي تعرف بأسماء عدة بينها «العجوز» أو شجرة «البدوي» أو «أم الزيتون»، في الولجة يتراوح ما بين 3000 و5500 عام، وصمدت لآلاف السنين في الأرض التي مزقتها الحروب، وتأثرت بالعوامل الطبيعية والمناخية.
على بعد عدة أمتار من الشجرة، يمكن رؤية الجدار الذي أقامته إسرائيل بارتفاع خمسة أمتار تعلوه الأسلاك الشائكة، والذي تسبب بفصل أكثر من نصف أراضي القرية الفلسطينية عن أصحابها. إذ تقع هذه الأراضي خلف الجدار.
وحول جذع الشجرة الضخم وفروعها الممتدة التي أطلق أبو علي على بعضها أسماء أفراد عائلته، يعمل أبو علي في ما يشبه واحة صغيرة هادئة.
حتى اليوم، نجت القرية من هجمات المستوطنين التي شهدها موسم الزيتون، والتي أسفرت عن إصابة العديد من الفلسطينيين.
ورصدت ثماني هجمات على الأقل لمستوطنين على مزارعين فلسطينيين ومتطوعين أجانب خلال موسم هذا العام الذي بدأ منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي تقريباً. وغالباً ما تنتهي المواجهات بوصول الجيش، واستخدام الغاز المسيل للدموع، لتفريق الحشود، أو منع المزارعين من الوصول، أو العودة إلى أراضيهم.
ونادراً ما يتم توقيف أي من المهاجمين، وفق ما تقول منظمات حقوقية إسرائيلية.
وقالت هيئة مقاومة الاستيطان والجدار التابعة للسلطة الفلسطينية في الله، إنها سجلت 2350 هجوماً من الجيش الإسرائيلي والمستوطنين في الضفة الغربية خلال الشهر الماضي.
وتحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ عام 1967، ويعيش فيها حوالي نصف مليون مستوطن في مستوطنات غير قانونية بحسب القانون الدولي.

«الذهب الأخضر»


في الولجة، لا يزال أبو علي يهتم بشجرته المعمّرة، ويقول إنها يمكن أن تنتج ما بين 500 إلى 600 كيلوغرام من الزيتون سنوياً.
ويشير إلى أن إنتاج هذا العام كان جيداً، رغم الجفاف وقلة الأمطار الذي يشكو منه المزارعون. وأوضح أبو علي وهو من الجيل الثالث من عائلته الذي يعتني بالشجرة، إن زيت الزيتون في الأراضي الفلسطينية يمثّل «بترول فلسطين، زيت فلسطين له قدسية خاصة».
أما زيت شجرته فيرى أنه «مختلف. كلما كانت الشجرة معمرّة وقديمة، كان زيتها أفضل وأكثر جودة»، مشيراً إلى أن سعر «الذهب الأخضر» الذي تنتجه الشجرة «أغلى من الذهب».
وأضاف: «زيت الولجة غالي جداً، وزيت الشجرة أغلى بأربعة إلى خمسة أضعاف» من زيت باقي الأشجار في مناطق أخرى.
ويبلغ قطر الشجرة 25 متراً، وارتفاعها 13 متراً، وتحيط بها عشرات الفروع الكبيرة بحجم أشجار الزيتون العادية التي يبلغ طولها ثلاثة أمتار.

رمز للشعب الفلسطيني


في العام 1949، صادرت إسرائيل، بعد تأسيسها، جزءاً كبيراً من أراضي القرية، واضطرت عائلات فلسطينية عدة إلى ترك منازلها، والاستقرار على الجانب الآخر الذي يُعرف بخط الهدنة.
بموجب اتفاقات أوسلو (1993) التي كان من المفترض أن تقود إلى سلام بين الجانبين، صُنّفت معظم الأراضي المتبقية في الضفة الغربية كمناطق (ج)، أي تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة.
ورغم أن قرية الولجة اليوم بمنأى إلى حدّ كبير عن الهجمات التي تواجهها المدن والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية، إلا أنها ليست مستبعدة تماماً.
وقال رئيس المجلس القروي خضر الأعرج: «اليوم، تتجسد في الولجة تقريباً ممارسات الاحتلال ضد فلسطين: المستوطنات، الجدار، هدم المنازل، مصادرة الأراضي، والإغلاقات».
وتركزت تلك الانتهاكات مؤخراً بسياسة هدم المنازل بحجة البناء دون تراخيص إسرائيلية، وهو أمر شائع في المنطقة «ج» التي تغطي 66% من الضفة الغربية.
مع ذلك، تمثّل الشجرة، وفق الأعرج الذي يقول إن الشجرة «أصبحت معلماً تاريخياً، والزيتون في فلسطين يعتبر رمزاً للشعب الفلسطيني. هذه الشجرة موجودة منذ آلاف السنيين، وتدلّ على تجذّر الفلسطينيين في المنطقة».
وعيّنت التابعة للسلطة الفلسطينية أبو علي حارساً للشجرة التي اعترفت بها كمعلم طبيعي فلسطيني.
وبحسب أبو علي، كانت الشجرة مقصداً للسياح المحليين والأجانب الذين كانوا يتوافدون بأعداد كبيرة لرؤيتها، إلا أن هذه الأعداد تراجعت إلى حد كبير منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة قبل أكثر من عامين، وازدياد الحواجز العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، وتصاعد العنف.
وزرع أبو علي حول الشجرة خضاراً وأشجار فاكهة. وهو يحافظ على دفتر مليء برسائل بعشرات اللغات من زوّار يشكرونه على أجواء السكينة التي يعيشونها عند زيارتهم للمكان. ويقول: «أنا أصبحت قطعة من الشجرة، لا أستغني عنها أبداً، لا أبتعد عنها».

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا