تشهد الولايات المتحدة واحدة من أسوأ أزمات السفر الجوي في تاريخها الحديث، بعدما ألغت شركات الطيران أكثر من ألف رحلة وأخرت أكثر من ثلاثة آلاف أخرى أمس الجمعة، إثر قرار إدارة الرئيس دونالد ترامب بخفض الرحلات الجوية بنسبة 10% في نحو 40 مطاراً رئيسياً في البلاد.وجاء القرار، الذي أصدره وزير النقل شون دافي، بدعوى ضمان السلامة في ظل النقص الحاد في عدد مراقبي الحركة الجوية خلال الإغلاق الحكومي المستمر منذ أكثر من خمسة أسابيع، وهو الأطول في تاريخ الولايات المتحدة. تحذيرات من فوضى تمتد إلى عطلة الشكر حذر الوزير دافي من أن الفوضى في حركة السفر قد تستمر حتى عيد الشكر، حتى لو انتهى الإغلاق في الأيام المقبلة، مشيراً إلى أن نحو 31 مليون مسافر من المتوقع أن يتنقلوا خلال موسم العطلة، ما ينذر بتكدس غير مسبوق في المطارات، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.وقال دافي في مؤتمر صحفي: «هذا القرار لم يُتخذ باستهتار، لأنه ضروري لضمان سلامة الطيران وسط ضغط غير مسبوق على المراقبين الجويين الذين يعانون الإجهاد ونقص الموارد». الضربة الأقوى لأهم المطارات الأمريكية شمل القرار ما يُعرف بـ مطارات «Core 30»، وهي أبرز محاور الطيران في البلاد مثل:جون كينيدي ولا غارديا في نيويورك، لوس أنجلوس، شيكاغو أوهير، أتلانتا، ميامي، سان فرانسيسكو، دالاس فورت وورث، وسياتل تاكوما.وفي مطار نيوارك ليبرتي بنيوجيرسي، تجاوزت التأخيرات 3 ساعات ونصف الساعة، بينما وصف أحد العاملين الوضع بأنه كابوس قادم. شركات الطيران تتأقلم بصعوبة قالت شركة «يونايتد إيرلاينز» إنها، «ستفعل كل ما في وسعها لتقليل الإزعاج»، مؤكدة أنها تتجنب إلغاء الرحلات الدولية الطويلة.أما أمريكان إيرلاينز قلصت جدولها بنسبة 4%، أي ما يعادل 220 رحلة يومياً، في حين ألغت دلتا إيرلاينز نحو 170 رحلة أمس الجمعة، بينما أعلنت ساوث ويست إلغاء 120 رحلة.وبدورها، أكدت ألاسكا إيرلاينز أنها ألغت عدداً محدوداً من الرحلات القصيرة عالية التكرار لتقليل الأثر في المسافرين.حتى شركة الطيران الاقتصادية فرونتير نصحت عملاءها بحجز تذاكر بديلة على خطوط أخرى تحسباً لأي طارئ. مراقبو الحركة الجوية تحت ضغط هائل وفق بيانات إدارة الطيران الفيدرالية (FAA)، يعمل أكثر من 13 ألف مراقب جوي و50 ألف موظف أمن من دون رواتب منذ بدء الإغلاق، فيما ارتفعت نسبة الغياب في بعض المطارات إلى أكثر من 30%.وكانت الإدارة تعاني أصلاً عجز بنحو 3,500 مراقب، ما اضطر كثيرين للعمل لساعات إضافية تصل إلى ستة أيام أسبوعياً.ومع تفاقم الأزمة، يخشى خبراء الطيران أن تؤدي هذه الظروف إلى «نزيف بشري» في القطاع، إذ قد يفكر العديد من العاملين في ترك المهنة بالكامل.«الطيران لا يزال آمناً».. تطمينات رسمية رغم الاضطراباتحاول وزير النقل طمأنة الرأي العام قائلاً: «من الآمن الطيران اليوم، وسيبقى آمناً الأسبوع المقبل أيضاً»، فيما أكد مدير إدارة الطيران برايان بيدفورد أن الهيئة لن تتردد في اتخاذ خطوات إضافية إذا اقتضت الضرورة لضمان السلامة العامة.لكن حذر محللون من أن الأزمة قد تترك أثراً طويل الأمد على صورة الصناعة الجوية الأمريكية وثقة المواطنين في أداء الحكومة. خسائر بالملايين وتأثير اقتصادي متصاعد تُقدر شركات الطيران أن أكثر من 3.2 مليون مسافر تأثروا حتى الآن بالإغلاق، بين إلغاء وتأجيل رحلات.كما تتكبد الشركات خسائر ضخمة يومياً بسبب انخفاض الحركة التشغيلية وارتفاع تكاليف التعويضات والفنادق البديلة.ويرى مراقبون أن استمرار الأزمة سيؤثر سلباً في النمو الاقتصادي في الربع الأخير من العام، خاصة مع اضطراب سلاسل الإمداد وتأخر الشحنات التجارية. رسالة عاجلة إلى الكونغرس وجهت جمعية شركات الطيران الأمريكية (A4A) نداءً عاجلاً إلى الكونغرس قائلة:«لم يتبق سوى أسبوعين قبل موسم السفر الأكثر ازدحاماً في العام، ولا يمكننا الانتظار أكثر..نطالب بتحرك فوري لإنهاء الإغلاق واستعادة انسيابية الرحلات».