تحت رعاية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، واصل المؤتمر العام السابع والعشرون للمجلس الدولي للمتاحف «آيكوم دبي 2025»، الذي تستضيفه دبي للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا، فعالياته، الخميس، بمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين من جميع أنحاء العالم.
وركزت نقاشات اليوم الثاني على تجارب التعليم المتحفي وأهمية تفعيل الحوار المناخي وتعزيز التعاون العالمي.
واستُهلت الفعاليات التي تعقد في مركز دبي التجاري العالمي، بكلمة ترحيبية ألقتها هالة بدري، مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي، ورئيسة اللجنة التنظيمية لـ«آيكوم دبي 2025»، أكدت فيها أن «فوز دبي باستضافة هذا الحدث العالمي كان ثمرة رحلةٍ طويلةٍ من الإيمان والرؤية والعمل الجاد، سطّرها أبناء هذه الأرض الذين نشؤوا في مدرسة صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، المدرسة التي علمتنا أن المجد لا يُمنح، بل يُصنع بالعزيمة والشغف والمسؤولية».
وقالت: «بقيادة سموّ الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، كانت بداية مسيرة الإلهام والعمل لاستقطاب هذا الحدث العالمي الكبير، برؤيةٍ طموحةٍ تؤمن بأن الثقافة قوّةٌ تصنع المستقبل، وأن الإبداع جسر يعبُر بنا نحو عالم أكثر إشراقاً وإنسانية».
وأشارت هالة بدري إلى أن المسار نحو «آيكوم دبي 2025» مثّل محطة مُلهِمة جسّدت نموذجاً لما يمكن تحقيقه حين تتوحّد الرؤية والإرادة. وأضافت: «على امتداد هذه الرحلة حددنا محاور المؤتمر وبرامجه العلمية والمعرفية، والتي تمثلت في التراث غير المادي، والتقنيات الحديثة، وقوة الشباب، إذ أردنا عبر هذا المزيج أن نفتح للعالم نافذةً لاستكشاف دور المتاحف في حفظ التراث غير المادي، الذي يجسّد ذاكرة الشعوب الحيّة، وروحها التي تسكن الناس والقصص والعادات والحِرف، وتمنح الأمم هويتها المتجددة».
ولفتت إلى أن «دبي تواصل بخطى واثقةٍ تشكيل ملامح المستقبل، عبر أفكارها المبتكرة التي تُعيد تعريف مفهوم المتاحف ورسم سياسات هذا القطاع عالمياً برؤى متجددة، وتُرسّخ إرث «آيكوم» المستدام القائم على مبادئ الشمولية والانفتاح، كما تعمل على إرساء معايير مهنية جديدة تُهيئ بيئة ترسخ مكانة المتاحف كصروح ثقافية ووجهات تعليمية ومراكز معرفية تسهم في تقديم أفكار جديدة تعيد تعريف علاقتنا بالمعرفة والهوية والمكان».
مفاهيم جديدة
ألقى راكان بن إبراهيم الطوق، مساعد وزير الثقافة في السعودية، كلمة رئيسية، قال فيها: «نعيش في مجتمعات تتغير بسرعة، وتشهد نمواً للوعي الثقافي، أصبح فيها الاتصال وتدفق المعلومات أمراً ثابتاً، ويتمثل دور المتحف فيها كمساحات فكرية تسهم في تحليل وإعادة قراءة السرديات التاريخية للخروج بمفاهيم جديدة قادرة على ملامسة حاضرنا الاجتماعي والثقافي». واستعرض الطوق أبرز مشاريع المملكة في قطاع المتاحف، لافتاً إلى أنها تعمل على بناء منظومة تربط المتاحف الوطنية والمتخصصة لتكون عناصر فعالة في المشهد الثقافي الوطني.
وتابع: «مسؤوليتنا لا تقتصر على حفظ التراث، وإنما تشمل إشراك المجتمع في سرده وصياغة معناه، وإعادة تعريف مفهوم المتحف من مستودع للمقتنيات إلى منارة ثقافية ومجتمعية تشجع التشارك والابتكار». وأكد الطوق أن متاحف اليوم تُبنى لمجتمعات تعيش في عالم في حالة تغير سريع، وهو ما يتطلّب إدخال وسائل جديدة للتبادل وصياغة مفاهيم معاصرة.
وألقت كاميني ساوني، المدير المؤسس لمتحف التصوير الفوتوغرافي في بنغالورو، كلمة رئيسية بعنوان «لِمَن هذا المتحف حقاً؟»، تناولت فيها كيف يمكن للمتاحف أن تسهم في تعزيز ثقة الجمهور من خلال إعادة النظر في طبيعة علاقاتها مع المجتمعات التي تخدمها.
مواكبة التحولات
ركزت جلسات اليوم الثاني على سُبل تكيف قطاع المتاحف مع التحولات المتسارعة، وقدرته على مواكبة تغير القيم الاجتماعية والمعايير الثقافية والديموغرافية داخل المجتمعات حول العالم، وهو ما تجلى في نقاشات جلسة «إعادة صياغة مفاهيم القوة: المتاحف تروي قصص مَن؟» التي أدارها الباحث والكاتب سلطان سعود القاسمي، مؤسس مؤسسة بارجيل للفنون، وشارك فيها الكاتب والمحرر والمحاضر والفنان فريد راكون، ود. ناتالي ماغواير، قيّمة تاريخ المجتمع والمشاركة المجتمعية في جمعية متحف وتاريخ باربادوس. وسلّطوا الضوء على كيفية قيام المجتمعات في الجنوب العالمي بتطوير نهجها الخاص في التفسير والممارسات المشتركة، وتحدّثوا عن إعادة توزيع السلطة داخل المؤسسات الثقافية، وابتكار نماذج جديدة تعكس السياقات المحلية.
واستضافت جلسة «ترابط الحياة: فتح المتحف على رؤى متعددة الأنواع» التي أدارتها الكاتبة والباحثة سايرا أنصاري، كلاً من مسكريم أسيغيد بانتيوالو، القيّمة والمديرة العامة لمتحف «زوما»، وتاكاشي كودو، مدير الاتصالات في فريق «تيم لاب»، ود. نِهى فورة، أستاذة الأنثروبولوجيا بالجامعة الأمريكية في الشارقة.
تحديث الميثاق
وجمعت جلسة «مراجعة ميثاق أخلاقيات آيكوم»، نخبة من الخبراء والمختصين في المجال المتحفي، من بينهم سالي يركوفيتش، رئيسة لجنة مراجعة ميثاق أخلاقيات المتاحف التابعة للمجلس الدولي للمتاحف (آيكوم)، وجولي هيغاشي، عضو «آيكوم اليابان»، وبرونو برولون سواريس، عضو المجلس الاستشاري العلمي لمتحف حضارات أوروبا والبحر المتوسط، وليونتين ماير-فان مينش، مديرة متحف مدينة روتردام، ود. لويسا دي بينيا دياز، المديرة المؤسسة للمتحف التذكاري للمقاومة الدومينيكية في جمهورية الدومينيكان، ود. كاثرين بابست، المؤسِّسة المشاركة وأول رئيسة للجنة الدولية للأخلاقيات التابعة لـ«آيكوم».
وناقشت الجلسة أهمية تحديث الميثاق لمواكبة التحولات الثقافية والاجتماعية التي يشهدها العالم، مع تجديد التأكيد على رؤية «آيكوم» لمتاحف أكثر إنسانية ومسؤولية، تسهم في بناء مجتمعات قائمة على الحوار والاحترام المتبادل.
قوة الطبيعة
شهد المؤتمر كذلك انعقاد منتدى «الطبيعة كشريك: قوة الاستعادة»، برئاسة مرجان فريدوني، رئيس التعليم والثقافة في مدينة إكسبو دبي، ومشاركة أديب دادا، المهندس المعماري المختصّ في التجديد البيئي ومحاكاة الطبيعة لدى «theOtherDada»، ود. ديبرا ريد، أمين قسم الزراعة والبيئة في متحف هنري فورد، ونوبور بروثي، الخبيرة الأولى في مجال المناخ.
جلسات متخصصة
من جهة أخرى، سعى المؤتمر إلى تعزيز الخبرات القيادية والفنية للمشاركين في العمل المتحفي، من خلال أربع جلسات توجيهية متخصصة. وشهدت الجلسة الأولى «قيادة المتاحف والتخطيط الاستراتيجي» بمشاركة 100 متخصص من حول العالم، توزيع المشاركين على أربع مجموعات تولى الإشراف عليها غايل لورد، الشريكة المؤسسة لشركة (Lord Cultural Resources)، ود. خارالامبوس خايتاس، المستشار الأول للمؤسسات الحكومية، ود. آن-ماري غيليس، المستشارة الثقافية والأكاديمية، إضافة إلى الدكتورة كارول آن سكوت، مديرة (ICOM-IMREC).
وناقش المشاركون خلال الجلسة مجموعة من المحاور الرئيسية، شملت القيادة في المتاحف، ودور الذكاء الاصطناعي في تطوير العمل المتحفي، والثقافة المؤسسية في بيئة المتاحف، إضافةً إلى التحديات العالمية المرتبطة بقيادة المؤسسات المتحفية.
واستعرضت جلسة «المجموعات، الحفظ، والتراث الثقافي» خبرات كلٍّ من تشاو تايانا ماينا، المؤرخة وخبيرة التراث الرقمي، وكيت سيمور، مؤسسة (Art Conservation Education) لتعليم صون الأعمال الفنية، وبراندي ماكدونالد، المدير التنفيذي لمتحف جامعة إنديانا للآثار والأنثروبولوجيا.
واستضافت جلسة «تجربة الزائر: التقنيات، والإتاحة، والتواصل» منال عطايا، المستشارة في هيئة الشارقة للمتاحف، ود. لوسيانا مينيزيس دي كارفاليو، عالمة المتاحف في الجامعة الفيدرالية في ريو دي جانيرو، ود. آنا ماريا تيريزا ب. لابرادور، زميلة فخرية أولى في مركز غريمويد لحفظ المواد الثقافية في جامعة ملبورن، وماريا كريستينا فانيني، المؤسسة والمديرة التنفيذية لشركة (SOLUZIONIMUSEALI) للحلول المتكاملة في إدارة المتاحف.
وتولى ديفيد فان دير لير إدارة جلسة «تجربة الزوّار: مجموعة أدوات عملية للمتاحف والمناطق الثقافية»، في حين شارك آرثر جي. أفليك الثالث، الرئيس والمدير التنفيذي لجمعية متاحف الأطفال، ومارثا إيكابونغو، الموظفة الإدارية لمتحف ليفينغستون، في نقاشات جلسة «التعليم، والبرمجة الثقافية، والتواصل المجتمعي، والشباب».
تواصل مهني
خلال فعاليات اليوم الثاني من «آيكوم دبي 2025»، عقدت لجنة الشباب في المجلس الوطني للتراث في سنغافورة دورة تدريبية متقدمة بعنوان «التوجيه العكسي: تمكين الشباب للمتاحف والتراث»، وشارك فيها كلّ من آرثر تان، وروزان لو، وجيريمي هاو، ورايس رايان، وليم شينغ يي، وهاريك كوه.
في المقابل، نظم المؤتمر الدولي جلستين للتواصل المهني، عقدت الأولى في دبي بمشاركة كل من مؤسسة إشارة للفنون، ومدينة إكسبو دبي، ومتحف المستقبل، ومبادرات السركال، ومشروع سموّ الشيخة فاطمة بنت محمد بن زايد، بينما أقيمت الثانية في أبوظبي بمشاركة مؤسسة أبوظبي للموسيقى والفنون (مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون)، والمورد: المركز العربي لدراسة الفن - جامعة نيويورك أبوظبي.
عروض الحرفيين
بالتوازي مع جلسات المؤتمر، استضاف «معرض المتاحف» مجموعة من التجارب الثقافية التفاعلية المستلهمة من التراث الإماراتي، ومن أبرزها عروض الحرفيين التي قدّمها مركز تراث للحرف اليدوية التقليدية التابع لهيئة الثقافة والفنون في دبي، وعروض تطريز التلي من مركز الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للتواصل الثقافي الحضاري، إضافة إلى جلسات رسم الحناء مع د. عذراء خميسة. واستمتع الزوّار بتذوّق نكهات القهوة مع خالد الملا، واستكشفوا جماليات الحرف اليدوية في جناح صناعة الميداليات الذي قدّمته مبادرة «أهلاً وسهلاً»، فيما شكّلت تجربة صناعة العطور التي نسّقتها منى حداد واحدة من أبرز محطات المعرض، إذ أُتيحت للحضور فرصة ابتكار عطورهم الخاصة. وقدّمت الشيف آمنة، بالتعاون مع الشيف فيصل، تشكيلة من المقبلات والمأكولات المحلية التي أضفت بُعداً ثقافياً مميزاً على التجربة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
