في تطور لافت يُنظر إليه كخطوة دبلوماسية داعمة للوحدة الترابية للمملكة، أعلنت فرنسا عن توسيع نطاق خدماتها القنصلية لتشمل الأقاليم الجنوبية للمغرب، في مؤشر واضح على التوجه الجديد في علاقاتها مع الرباط، وخاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية. ويأتي هذا القرار بعد أسابيع قليلة فقط من زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمغرب، ولقائه بجلالة الملك محمد السادس، وهي الزيارة التي أعادت الزخم للعلاقات الثنائية بين البلدين، وفتحت الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون السياسي والدبلوماسي. وأكد الجانب الفرنسي، في أعقاب الزيارة، أن مركز الاتصال المكلف باستقبال ومعالجة طلبات التأشيرة إلى فرنسا TLS Contact، سيشرع رسمياً في تقديم خدماته بمدينة العيون بداية من شهر ماي المقبل. وستشمل هذه الخدمات معالجة ملفات التأشيرة وتقديم الدعم المباشر لطالبيها، مما يمثل تحولاً كبيراً في سياسة تقديم الخدمات القنصلية لسكان الجهات الجنوبية، لا سيما في مدن العيون، الداخلة، والسمارة. ويُنتظر أن يخفف افتتاح المركز الجديد العبء الكبير عن سكان هذه الأقاليم، الذين كانوا يُجبرون سابقاً على التنقل لمسافات طويلة إلى مدينة أكادير – التي تبعد حوالي 632 كيلومتراً عن العيون – من أجل تقديم طلباتهم. ولا يُنظر إلى هذه الخطوة فقط من زاوية إدارية أو خدمية، بل تحمل أبعاداً سياسية ودبلوماسية بالغة الأهمية، إذ تعكس رغبة فرنسا في تبني موقف أكثر وضوحاً وواقعية تجاه النزاع الإقليمي حول الصحراء، من خلال تعزيز حضورها الرسمي في هذه المناطق باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من التراب المغربي. ويرى متابعون أن هذه المبادرة الفرنسية تمثل تطوراً نوعياً في علاقات باريس بالرباط، وتجسد دعماً غير مباشر لمقترح الحكم الذاتي المغربي، وتعميقاً للتعاون الثنائي القائم على الثقة والمصالح المشتركة، خصوصاً في ظل المستجدات الجيوسياسية التي تعرفها المنطقة المغاربية.