معالم على الطريق إلى العيد الذهبي لحزب التجمع ! مصباح قطبعضو المكتب الاقتصادي للحرب شئنا ام ابينا فان احتفال حزب التجمع بدخوله العام 49 من عمره ، سيكون احتفالا تمهيديا بالدخول المرتقب إلى العام الخمسين ،اى عام اليوبيل الذهبي للحزب. سيحدث هذا على الرغم من الحصاد الحزبي الجيد على المستويات المركزية والبرلمانية والمحلية هذا العام ، وابعد من ذلك فإن الاحتفال التمهيدي بالاقتراب من بلوغ ال 50 عاما اصبح محكوما عليه هو الاخر بان يتضمن نشاطا تمهيديا من نوع خاص استعدادا للعقد المقبل من العمل السياسي ، وليس فقط للعام الذهبى وحده ، فاحتفالنا هذا العام يأتي وسط الاتفاق بين عدد ضخم من المفكرين والسياسيين في العالم كله وفي مصر والاقليم على ان 2025 سيذكر في التاريخ باعتباره عام تحطيم قواعد النظام الدولي الذي قام بعد نهايه الحرب العالمية الثانيه في 1945 ،بشكل لا رجعة فيه بعد ان كان البعض يراهن على امكان اصلاح مجلس الأمن الدولى ،ومنظمات الامم المتحدة الاخرى ، شواهد القبور بل ان عملية التحطيم اخذت قوة دفع استثنائية بالامر التنفيذي لدونالد ترامب بفرض مستويات جمركيه ابعد بكثير من ان توصف بانها حمائية على كل الشركاء التجاريين للولايات المتحدة ما جعل الجميع يثق أن ما قبل تلك الخطوة شيء وما بعدها شيء آخر ، فضلا طبعا عن كل مظاهر التفكك فى النظام الدولى ،والتى برزت فى العجز التام عن إيقاف الهمجية الصهيونية ، واختلالات الممارسة الديموقرامية نتيجة هيمنة المال على السياسة ، وتردى دور منظمة التجارة العالمية، وانفجار مشكلات الديون والمناخ العالمية الخ. وعلى المستوى الاقليمي فكلنا يشعر ايضا وبلا خداع للذات ان النظام الاقليمي العربي الذي قام مع نشأة الجامعة العربية وما بعدها اصبح قاب قوسين وأدنى من ان يتوارى او تتم قراءة الفاتحة على روحه. ايضا شئنا ام ابينا فان نظام العقد الاجتماعي المصري الذي امتد منذ ثورة يوليو ١٩٥٢ وحتى الان اصبح ايضا على وشك ان يلوح لنا مغادرا دون ان تتضح كل ملامح النظام الجديد وان كانت قد وضحت اتجاهاته وعلى رأسها ” انتهى عصر ابو بلاش واصبح لكل شيء ثمنا بما في ذلك نسمه هواء البحر وضله الشجر وكبسوله الدواء ومقعد المدرسه أو الجامعة ولبن الطفل ” مقابل شكل جديد من ” الحمايه ” الاجتماعية . رايات لم تكتب بعد ما الذي يرتبه ذلك على حزب التجمع وعلى قياداته وأعضائه وعلى مواثيقه وبرامجه ؟ .لقد صمد حزب التجمع في وجه عواصف عاتيه ودفع الالاف من أعضائه ثمنا فادحا لنضالهم وثباتهم على مواقفهم دفاعا عن التقدم والعقلانية …عن الانسان والاوطان والعدالة الاجتماعية ، في مواجهة التيارات المهيمنة اقتصاديا وسياسيا ، سواء منها في داخل دوائر السلطة التنفيذية ، أو تلك التي تقوم بالتخديم عليها بشكل نصف مباشر واقصد تيارات العنف والتخلف السياسي والاقتصادي والثقافي التى تتسربل برداء الدين ، وتوجه نيرانها فى الأساس إلى صدور اليسار الحقيقي والليبراليين الحقيقيين. ملاحقة الحياة لاحقا اى فى نحو ١٩٩٠ ، قام التجمع بعد سنوات من النضال المكثف بانتهاج طريق جديد اختلف الكثيرون حوله منذ البداية ، خاصة وأنه جاء بعد سقوط الاتحاد السوفيتي ، بحيث ظن البعض ان التجمع يريد ان يرفع شعار ” آن للفارس ان يترجل “، ورأى البعض الاخر ان صيغة التجمع الوطني المبدعه تسمح له بهامش من المرونه في الحركه تجعله يواصل مسيرته دون ان يجرفه تيار النسيان كما جرى لتجمعات يسارية كثيره في المنطقة وفي العالم ، او يجرفه تيار التوحد مع القوى المهيمنة الحاليه ، و بوسعي ان اقول بصدق ان التجمع حقق نجاحا لا يمكن إنكاره خلال العقود الصعبة التي تلت انهيار الكتلة الاشتراكية ،وهو الأمر الذي جعلني على الصعيد الشخصي وبعد أن فكرت في الرحيل عن الحزب ،بعد ٢٠١١ ، اجد نفسي كلما هممت بالذهاب الى الحزب الذي قررت أن أنتمي اليه ، امر على التجمع دون إرادة مني واشارك في أنشطته ، الى ان حسم الاستاذ حسين عبد الرازق ، رحمه الله ، الأمر بقوله : ” أنا والدكتور رفعت رفضنا الاستقالة بتاعتك يا استاذ “. ولم أكن لأعود إلا لأنني على قناعة بأن التجمع لايزال هو وعاء الحركة اليسارية الأفضل. اعرف طبعا ان هناك انتقادات قوية ومحقه وجهت ويجب ان توجه للتجمع وأدائه ، ولكن اكرر ان التجمع واقعيا لا يزال هو راية اليسار في مصر رغم كل شيء. تجاوز خطوط الماضي هل يستطيع التجمع ان يواصل بتلك الصيغه المرنة والتي تنطوي بطبيعتها على مخاطر الهبوط الناعم … هل يستطيع ان يواصل ونحن نتحدث عن عالم جديد يتشكل وإقليم جديد يتشكل وواقع وطني جديد يتشكل كل ذلك في وسط فوران هائل وغير مسبوق منذ عقود ؟. بكل امانه اقول لا. ويجب ان يكون احتفالنا التمهيدي طوال هذا العام وصولا الى لحظه الدخول الى عمر ال 50 ، هو كله عمل جاد ونزيه وامين كن اجل تجمع جديد يتعايش مع واقع جديد سيستمر لسنوات ، بعد ان تتبلور ملامحه ، واقع ابرز ما فيه هو عوده الصراع الاجتماعي الواضح والصريح ،وغير المموه ، ولكن فى شكل تناقض حاد بين الاقطاب المهيمنه تكنولوجيا قبل ان تكون اقتصاديا وبين الاتباع التكنولوجيين قبل ان يكونوا الاتباع الاقتصاديين ، وتناقض داخل الفئة الأولى والفئة الثانية من الدول بين من يسيطرون على المعلومات والبيانات وبين الممنوعين او المحرومين من التموضع فى سلسلة القيمة هذه … انه صراع من نوع جديد ويحتاج اسلحه جديده من اليسار في مصر والعالم ، ومن حسن الحظ وكما اقول للاصدقاء خلال الايام الماضيه ان النظام الذي كان قد نشأ ايام عصبه الامم تطلب زواله تحطيم عده دول وعشرات المدن في اوروبا وقتل نحو 25 مليونا من البشر ليتوارى ويظهر نظام ١٩٤٥ وما بعده ، وفي اللحظه الراهنه فان ما كان ادى الى الصراعات داخل نظام عصبه الامم وحتى ، 1945 ، اي الحروب التجاريه والصراع على الأسواق، هو بعينه الذي يدور الان ويمهد لنظام جديد ، لكن قوه الشعوب وقوة ويقظة تيار الوعي العام بما يدور في الكره الارضيه الضيقه سيجعل الخسائر يقينا اقل بكثير جدا مما تم دفعه لانهاء نظام ما قبل 1945 الفواتير الظالمة على الرغم توحش العسكرة فى دول انتاج السلاح بشكل غير مسبوق، بسبب تحول هذا الانتاج الى ان يكون هو الاخر بيد القطاع الخاص ، وبالرغم من كل الانحطاط والهمجيه والعدوانية الفائقة ، الاسرائيلي الامريكي ، اى الصهيونى فى المجمل ، وفي منطقتنا بالذات ، والتي هي الاكثر سدادا لكلفه ونفقه تحولات النظام الدولي . إنه انتصار مهم جدا الشعوب لم يكشف عن ذاته بعد ،ومن واجبنا إبرازه. الامر اذا يتطلب من حزب التجمع أن يكون لاعضائه رؤية واضحة لطبيعة الصراع الاجتماعي في عصر تقوده الثورة التكنولوجية ، وتتداخل في كل مراحل وعوامل الإنتاج والمنتجات النهائية ، وتتجه لان تتداخل الان فعليا مع خلايا وأنسجة كل انسان ، وان يكون لدى كل عضو في التجمع إيمان حقيقى بحرية الفكر والإبداع، وحتمية الإنصاف الاجتماعى ، لكى تظهر كل قدرة كامنة عند اى فرد ، وتضيف الى القدرة الكلية للدولة فى هذا السباق المميت. وأن يكون عند كل عضو تجمع بالبديهة حد أدنى من المهارات اللازمة للتعامل مع هذا العالم والقدرة على التشبيك مع الجماعات الوطنية التقدمية، ومع التيارات الموجودة على المستوى المحلى ، ثم الدولي. معانقة الواقع الجديد وبشكل شفاف ونزيه ليقدم المثل في كيفيه أن تكون السياسة الوطنية مفتوحه على الافق الاممى او العالمي بما لا يخل مطلقا بمعايير الشفافية والنزاهه وخدمة المصالح القومية للبلاد ، والحفاظ على امنها القومي ، وعلى هويتها و دائرتها الحيويه العربيه ، وان يتماس التجمع ككل ايضا بشكل واضح ونزبه مع القوى الاجتماعية والوطنية في دوائر الحكم وفي غير دوائر الحكم التي تؤمن بضرورة توزيع الموارد المعلوماتية والتعليمية على البشر بشكل عادل. لا يسعني في النهاية الا ان اتذكر بكل الحب والتقدير قادتنا واحبائنا الراحلين الذين ارسوا منهج الاختيار الاشتراكي في مصر في بواكير القرن العشرين بل وقبل ذلك في العقد الاخير من القرن التاسع عشر ، وصولا الى تأسيس حزب التجمع راية اليسار اللامعة التي ضمت تحت مظلتها تيارات متنوعة فضلا عن الناصريين والقوميين وبعض العناصر الوطنية من اليسار الليبرالي. وانحني اجلالا لكل من اقتطع من عمره وعقله ووجدانه وماله وعرقه وراحته وراحة اسرته واهله ، من اجل العطاء للوطن وللانسانيه وللاشتراكيه وكل عام وانتم بخير.