أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان بيانا تناول مذبحة غزة الجديدة من القتل الجماعي للفلسطينيين، حيث سقط 29 شهيدا فلسطينيا ونحو 90 مصاباً صباح اليوم 3 يونيو 2025، بعد إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي النيران عليهم لدى تجمعهم قرب مركز المساعدات الذي أقامته الإدارة الأمريكية في رفح، وهو المركز الذي يعد في ذاته انتهاكاً لمعايير العمل الإنساني.
لقد باتت مراكز المساعدات الأمريكية مصائد لمزيد من القتل الجماعي للمدنيين الفلسطينيين العُزل في قطاع غزة المحتل، حيث ارتفع عدد ضحايا هذه الوقائع من القتل الجماعي العمدي الإسرائيلي إلى أكثر من 100 شهيد و500 جريح.
ولا يجد الضحايا الفلسطينيين بديلاً عن التوجه نحو مصائد الموت في ضوء المجاعة العارمة التي تضرب القطاع منذ رفض الاحتلال السماح المساعدات للقطاع للشهر الثالث على التوالي منذ فجر 2 مارس الماضي.
وتشكل مصائد الموت وسيلة لتنفيذ خطة الإبادة الجماعية بحق سكان القطاع بدعم أمريكي كامل، حيث تعمل هذه المراكز على تخفيف الإحساس بحجم الكارثة الإنسانية التي يرتكبها الاحتلال، وتشكل هذه المراكز اليوم الأداة الجوهرية لتكريس المجاعة وتنفيذ الإبادة الجماعية الإسرائيلية، وتحقيق رغبتها في تقويض دور وكالات الأمم المتحدة ومؤسسات الإغاثة الدولية والمحلية.
وقد أكدت الأمم المتحدة بشتى وكالاتها المعنية رفضها المطلق للتورط في الخطة الأمريكية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات لافتقادها لأدنى معايير العمل الإنساني، وللحيلولة دون تورط الأمم المتحدة في تسهيل ارتكاب قوات الاحتلال الخروقات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
ويُذكر أن الأمم المتحدة كانت تعتمد في السابق على 400 نقطة لتوزيع المساعدات الإنسانية للسكان الباقين في القطاع والبالغ تعدادهم 2.2 مليون نسمة، فيما أسس الاحتلال بدعم أمريكي 4 مراكز مساعدات تجبر الناس على النزوح مجدداً تنفيذاً لخطط الاحتلال، وتضعهم في أقفاص بشكل مهين، وتعرضهم لمخاطر الاعتقال والقتل بصورة منهجية.
وقد تغولت قوات الاحتلال في القطاع بحيث باتت تحتل فعلياً 80 بالمائة من مساحة القطاع البالغ إجمالها 362 كيلو متر مربع، وتخنق 1.5 مليون فلسطيني في مساحة لا تتجاوز 10 بالمائة من سكان القطاع، وتواصل نشر الإخلاءات القسرية للسكان في مناطق شمال غزة، ولم يبق في القطاع أي منطقة يمكن تعريفها بـ"الآمنة"، حيث يواصل الاحتلال استهداف النازحين في خيامهم في شتى مناطق القطاع.
ويأتي إشعار الاحتلال بالإخلاء القسري لمناطق في خان يونس جنوبي القطاع ليؤدي إلى خنق مزيد من السكان في مساحات أصغر نحو الجنوب وعلى مقربة ما بين 5 و15 كيلومتراً من الحدود المصرية.
وتتماهى مراكز المساعدات الأمريكية الإسرائيلية مع نوايا الاحتلال العلنية لدفع سكان قطاع غزة نحو الأراضي المصرية وإجبارهم على التوجه جنوباً، بعد شهر ونصف من تدمير آخر مبنى في محافظة رفح جنوبي القطاع، وعلى النحو الذي لا يسمح للمهجرين قسرياً بالانتقال لأية مساحات داخل القطاع.
يبلغ تعداد الشهداء في القطاع نحو 55 ألفاً، فيما يبلغ عدد الجرحى نحو 120 ألفاً، وتقدر المنظمات الإنسانية نحو 11 ألف قتيل مفقود تحت الأنقاض لم يمكن انتشال جثامينهم في ضوء رفض الاحتلال دخول المعدات اللازمة لرفع الأنقاض. ويعني ذلك أن نحو 18 بالمائة من سكان القطاع قد سقطوا ضحية حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية حتى الآن، علماً بأن 80 بالمائة من هؤلاء الضحايا هم من الأطفال والنساء وكبار السن على التوالي.
وفي ظل دعم أمريكي مطلق، تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلية احتقارها المشين للمجتمع الدولي والقواعد التي تحكم النظام الدولي، ولكافة آليات التحقيق الدولية، حيث تحول دون دخول لجان التحقيق، بما فيها لجنة التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، واستمرار رفض وصول مقررة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967، ومؤخراً منع الوفد الوزاري العربي من زيارة الضفة الغربية، وقبلها إطلاق الرصاص على وفد دبلوماسي دولي في شمال الضفة.
وفي الوقت الذي تواصل الإدارات الأمريكية المتعاقبة الضغط على المحكمة الجنائية الدولية، يبقى الإفلات من العقاب هو السمة الأساسية، حيث يجري توفير الدعم لتمكين رئيس وزراء الاحتلال من تجنب ضبطه بموجب مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة في 20 نوفمبر 2024، كما يبدو أن الضغوط الأمريكية تعرقل قدرة المحكمة على إصدار مذكرات توقيف مرتقبة منذ شهور عديدة بحق 32 متهماً إسرائيلياً آخرين، ومن أبرزهم الإرهابيين الإسرائيليين اللذين يتقلدان وزارتا الأمن القومي والمالية.
ولا يزال مجلس الأمن الدولي عاجزاً عن النهوض بمسئولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين رغم المخاطر المفزعة الأكثر جدية إزاء توسع دام محتمل للصراع في المنطقة، ويتجلى أبرز مظاهر عجز المجلس في عجزه عن تبني وتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية في 26 يناير/كانون ثان 2024.
وترى المنظمة بيقين أن المجتمع الدولي، وعلى وجه التحديد الأطراف الرئيسية ذات العلاقة بسلطات الاحتلال لا تزال دون مستوى الفظاعات المرتكبة، فلا تأخذ سلطات الاحتلال الإشارات اللفظية الأوروبية الجزئية التي جرت مؤخراً على محمل الجد، وسيبقى الحال كذلك ما لم يتم تفعيل البنود المدرجة في اتفاق الشراكة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، وغيره من اتفاقيات الشراكة الثنائية مع دول أعضاء في الاتحاد، فيما عدا مواقف إيجابية اتخذتها 5 دول فقط من بين 27 دولة عضو في الاتحاد.
جدير بالذكر أن السلطات المصرية قد أتاحت للبعثة المشتركة التي شكلتها المنظمة العربية لحقوق الإنسان ومركز الميزان لحقوق الإنسان بدولة فلسطين القيام بعمليات تقصي حقائق ميداني وتوثيق شهادات الجرحى وتقييم آليات المساعدات منذ مطلع فبراير 2024، كما نفذت لجنة التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان الأممي، وفريق المحققين بمكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية زيارات ميدانية مماثلة في نهاية فبراير 2024 ومطلع مارس 2024، بالإضافة إلى زيارات مماثلة لكل من المقررة الخاصة بفلسطين ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية في أبريل 2024.
وقد وفرت هذه الزيارات الميدانية ،، بالتضافر مع عمليات التقصي الميداني المحدودة عملياً داخل قطاع غزة إجماعاً عاماً على توافر كامل أركان جريمة الإبادة الجماعية في القطاع.
وتؤكد المنظمة مجدداً على واجبات الدول الأطراف في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وتُلزم الاتفاقية هذه الدول باتخاذ التدابير الجماعية والانفرادية لوقف الاستمرار في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية.
ونشأ الواجب الفوري على كاهل الدول الأطراف منذ 26 يناير/كانون ثان 2024 عندما قبلت محكمة العدل الدولية نظر الدعوى التي رفعتها جمهورية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، حيث يؤكد قبول نظر الدعوى أن هناك جريمة إبادة جماعية محتملة، ويعد هذا سبباً أكثر من كاف لقيام الدول الأطراف بكل ما عليها لوقف هذه الجريمة.
ويُذكر أن المنظمة العربية لحقوق الإنسان قد وصفت في 12 أكتوبر 2023 التدابير التي اتخذتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وبتوافر كامل للركنين المادي والمعنوي لارتكاب الجريمة الكبرى. وقد انتهت العديد من المنظمات الأخرى لذات النتيجة، ومن بينها منظمة العفو الدولية في أبريل 2024، ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية "هيومان رايتس ووتش" في ديسمبر 2024، بالإضافة إلى التقارير الأممية التي تتواتر منذ نهاية مارس 2024 لكل من مقررة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين، ولجنة التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان الأممي.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.