سياسة / اليوم السابع

خبير دولي: الاعتراف بفلسطين خطوة كبرى للعدالة ومأزق إسرائيلي

كتبت: منة الله حمدى

الإثنين، 22 سبتمبر 2025 02:47 م

قال أبوبكر الديب خبير العلاقات الدولية ومستشار المركز العربي للدراسات إن دلالات الاعتراف بالدولة الفلسطينية تتمثل في:

أولاً: فلسطين كيان دولة قائم لا كيان ناشئ

وأشار، إلى أن الحديث عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس مجرد حدث سياسي طارئ أو خطوة رمزية عابرة، بل هو تأكيد لحقيقة راسخة مفادها أنّ فلسطين من الأساس كيان دولة، له أرضه وتاريخه وحدوده الطبيعية التي تبلورت عبر قرون. فالوجود الفلسطيني ليس صناعة ظرفية، بل امتداد لهوية تاريخية وجغرافية تشكلت على أرض فلسطين منذ ما قبل نشوء الاحتلال الإسرائيلي بعهوده المختلفة.

وتابع الخبير العلاقات الدولية: أن الدولة، في المفهوم القانوني الدولي، لا تقوم فقط على إعلان أو اعتراف، بل على عناصر محددة: أرض، شعب، وسلطة سياسية. هذه العناصر جميعها تتوافر في الحالة الفلسطينية. الأرض واضحة المعالم وفق القرارات الأممية، والشعب الفلسطيني حاضر في الداخل والشتات، والسلطة السياسية تجسدت منذ إعلان الاستقلال في عام 1988، وتبلورت لاحقاً في السلطة الوطنية الفلسطينية، رغم ما واجهته من معوقات.

وأوضح "الديب" ما جرى هو أن الاحتلال الإسرائيلي انتزع السيطرة على مساحات شاسعة من أرض فلسطين التاريخية، ونهب مواردها، وأخضع شعبها لقوة الأمر الواقع، محاولاً تجريد الهوية الفلسطينية من أسسها الطبيعية. لكن رغم كل ذلك، ظل الكيان الفلسطيني متجذراً، ولم يُمحَ من الخارطة السياسية. ومن هنا، فإن الاعتراف بدولة فلسطين هو إقرار بالحق قبل أن يكون منحة أو مكافأة.

وأكد أهمية الاعتراف بالدولة الفلسطينية فى أنه يقطع الشك باليقين حول وجودها القانوني والسياسي. فحين تعلن دولة كبرى – أو مجموعة من الدول – اعترافها بفلسطين كدولة مستقلة ذات سيادة، فإنها تعيد التوازن إلى السردية الدولية التي حاولت إسرائيل طمسها لعقود.

وأشار الخبير العلاقات الدولية؛ إلى أن الاعتراف لا يغيّر الواقع على الأرض مباشرة، لكنه يمنح الفلسطينيين سلاحاً معنوياً وقانونياً، يمكنهم من تعزيز حضورهم في المحافل الدولية، والمطالبة بحقوقهم وفق القانون الدولي. كما أنه يحرج الدول التي ما زالت تتردد في اتخاذ هذه الخطوة، ويضعها أمام سؤال أخلاقي وسياسي: هل تقف إلى جانب الحق التاريخي والقانوني للشعب الفلسطيني، أم تظل أسيرة لضغوط الاحتلال وحلفائه؟

وتابع "الديب" شهد العالم موجات متتالية من الاعتراف بفلسطين، بدءاً من دول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وصولاً إلى أوروبا. وكلما اتسع نطاق هذا الاعتراف، ازدادت مكانة فلسطين الدولية، وأصبحت أي تسوية سياسية للصراع مضطرة للاعتراف بهذا الواقع.

ولفت إلى أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيكتب بُعداً استثنائياً عندما يصدر عن دولة كبرى ذات ثقل سياسي واقتصادي وعسكري على المستوى العالمي. فاعتراف مثل هذه الدول لا يُقرأ فقط في الإطار الإقليمي للشرق الأوسط، بل يُحدث ارتدادات في موازين السياسة الدولية ككل.

وتابع "الديب" حين تعترف قوة عظمى بفلسطين، فهي تعلن ضمنياً رفضها لسياسات الاحتلال، وتؤكد دعمها لحق تقرير المصير للشعوب، مما يعزز النظام الدولي القائم على الشرعية الدولية، ويضعف منطق القوة الذي يحاول الاحتلال تكريسه. كما أن الاعتراف من هذه القوى يُشجع دولاً أخرى مترددة على اتخاذ الخطوة نفسها، ويشكل كتلة حرجة تضغط باتجاه حل سياسي أكثر عدلاً.

وأضاف خبير العلاقات الدولية أن الأثر العالمي للاعتراف لا يقتصر على البعد السياسي، بل يمتد إلى البعد الاقتصادي والثقافي والقانوني. إذ يمكن أن يفتح المجال أمام فلسطين لعقد اتفاقيات دولية ثنائية ومتعددة الأطراف، والانضمام إلى منظمات اقتصادية كبرى، والمطالبة بحقوقها أمام محاكم دولية. كما أنه يعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية في الرأي العام العالمي، ويجعلها قضية إنسانية عادلة لا نزاعاً إقليمياً محصوراً.

وأكد أبو بكر الديب، من الخطأ النظر إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أنه شأن يخص الشرق الأوسط وحده. فالقضية الفلسطينية أصبحت منذ عقود معياراً لاختبار مصداقية النظام الدولي، ومؤشراً على مدى احترام العالم لمبادئ العدالة وحقوق الإنسان، متابعا:" أي اعتراف بفلسطين يعني بالضرورة تعزيز قيم العدالة ورفض سياسات الاحتلال والاستعمار. وهذا له تأثير مباشر في مناطق أخرى من العالم تشهد نزاعات مشابهة، حيث تصبح فلسطين نموذجاً لكيفية استعادة الشعوب لحقها في تقرير المصير.

واستطرد: علاوة على ذلك، فإن الاعتراف يساهم في تقليص حدة التوترات العالمية، إذ أن استمرار تجاهل الحقوق الفلسطينية يولد بؤرة دائمة من الصراع والتوتر، تمتد آثارها إلى الأمن الدولي بأسره، من تدفقات اللاجئين، إلى موجات العنف والتطرف، وصولاً إلى الاستقطابات السياسية داخل المؤسسات الدولية.

واكد خبير العلاقات الدولية، أنه من الطبيعي أن يثير أي اعتراف واسع النطاق بفلسطين ردود فعل غاضبة من الجانب الإسرائيلي. فمن منظور الاحتلال، الاعتراف يُشكل تهديداً مباشراً لسرديته التاريخية والسياسية، ويضعف محاولاته المستمرة لطمس الهوية الفلسطينية.

يمكن توقع أن تلجأ إسرائيل إلى عدة مسارات في مواجهة هذا الاعتراف:

1. المسار الدبلوماسي: تكثيف الضغوط على الدول المعترفة، وتهديدها بتقليص العلاقات الثنائية، أو ممارسة نفوذها عبر اللوبيات الدولية لوقف موجة الاعترافات.

2. المسار الإعلامي: شنّ حملات دعائية للتشكيك بشرعية الدولة الفلسطينية، وتصوير الاعتراف على أنه عقبة أمام "السلام".

3. المسار الأمني والعسكري: قد تستغل إسرائيل الأوضاع الميدانية لتوسيع استيطانها، أو فرض وقائع جديدة على الأرض، لإرسال رسالة مفادها أن الاعتراف لن يغير من واقع السيطرة.

4. المسار القانوني: محاولة عرقلة انضمام فلسطين إلى المنظمات الدولية أو رفع قضايا مضادة لتشويه صورتها.

وتابع:" ومع ذلك، فإن قدرة إسرائيل على مواجهة موجة اعتراف صادرة عن قوى كبرى ستكون محدودة، لأن الشرعية الدولية لا يمكن الالتفاف عليها بالكامل. وكلما اتسعت دائرة الاعتراف، زاد العزل السياسي لإسرائيل، ووجدت نفسها في مواجهة ضغط دولي متصاعد، إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس مجرد إعلان سياسي، بل هو إعادة إحياء للحق التاريخي والقانوني لشعب تعرض للاحتلال والنهب. فلسطين دولة من الأساس، أرضها ملك لها وحدودها واضحة، وما جرى لم يكن سوى اغتصاب لحقوقها، وأن هذا الاعتراف، في جوهره، خطوة على طريق طويل نحو تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، لكنه يحمل في طياته بداية مرحلة جديدة، يصبح فيها الحق الفلسطيني أكثر رسوخاً في الوعي الدولي، وأقرب إلى أن يتحول من مجرد اعتراف إلى واقع ملموس على الأرض.

 

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا