• 6.8 مليون طن القيمة الاجمالية فى 8 أشهر.. الفواكه تقص شريط 8 أسواق جديدة عالمياً.. والزراعة: تطبيق معايير السلامة كلمة السر • حلم الـ10 مليون طن صادرات يقترب فى 2030.. ومشروعات الاستصلاح الجديدة فى الدلتا الجديدة تمهد الطريق تواصل الزراعة ترسيخ حضورها القوى على خريطة الصادرات العالمية، حيث سجلت الصادرات الزراعية حتى الآن ما يقرب من 6.8 مليون طن، بزيادة تجاوزت 650 ألف طن عن نفس الفترة من العام الماضى، وهو ما يعكس ديناميكية القطاع الزراعى وقدرته على التطور ومواكبة المتغيرات العالمية. هذه الأرقام جاءت فى تقرير رسمى قدمه الدكتور محمد المنسى رئيس الإدارة المركزية للحجر الزراعى، إلى وزير الزراعة واستصلاح الأراضى علاء فاروق، الذى أكد أن تلك النتائج لم تأت مصادفة وإنما هى ثمرة جهود كبيرة بذلتها الدولة والمزارعون والمصدرون والجهات الرقابية مجتمعة، فى سبيل رفع القدرة التنافسية للمنتج الزراعى المصرى وضمان وصوله إلى مختلف الأسواق الدولية بمعايير جودة عالمية. الموالح تحتل المركز الأول فى قائمة الصادراتوكشف التقرير أن الموالح المصرية تظل القاطرة الرئيسية للصادرات، حيث تجاوزت الكميات المصدرة منها 1.9 مليون طن، لتحتل المركز الأول بلا منازع، ويعود ذلك إلى السمعة الطيبة التي اكتسبها البرتقال المصري في الأسواق العالمية، بفضل طعمه المميز وجودته العالية وسعره التنافسي، الأمر الذى جعل مصر أكبر مصدر للبرتقال فى العالم، متقدمة على دول لها خبرة عريقة مثل إسبانيا وجنوب إفريقيا. وتأتى البطاطس الطازجة فى المركز الثانى بإجمالى صادرات تجاوز 1.3 مليون طن، حيث يعتمد السوق الأوروبى والأسواق العربية على البطاطس المصرية التى تتميز بجودتها العالية وقدرتها على الوفاء بالاشتراطات الفنية الخاصة بالصحة النباتية والتعبئة، أما البصل الطازج فقد احتل المركز الثالث بإجمالى صادرات تخطى 246 ألف طن، وهو محصول يحظى بقبول واسع فى الأسواق الآسيوية والأفريقية بفضل جودته ونكهته المميزة. وفى المركز الرابع جاءت الفاصوليا الطازجة والجافة بإجمالى صادرات تجاوز 216 ألف طن، بينما احتل العنب المركز الخامس بما يزيد على 175 ألف طن، وقد حظى العنب خلال السنوات الماضية بدعم واسع من الدولة عبر منظومة التكويد الزراعى التى ساعدت على تتبع المحصول من المزرعة وحتى التصدير، إلى جانب الحصول على الشهادات الدولية اللازمة لدخول الأسواق الأوروبية التي تفرض اشتراطات دقيقة. وإلى جانب هذه المحاصيل الكبرى، شهد الموسم الحالى تصدير محاصيل أخرى أثبتت جدارتها مثل البطاطا والطماطم الطازجة والثوم والمانجو والفراولة الطازجة والرمان والجوافة، وهو ما يعكس ثراء السلة الزراعية المصرية وتنوعها وقدرتها على المنافسة في مواسم وأسواق متعددة. وزير الزراعة الصادرات الزراعية ركيزة فى الاقتصاد الوطنىأكد وزير الزراعة أن الصادرات الزراعية تمثل ركيزة أساسية فى الاقتصاد الوطنى، إذ توفر موارد مستدامة للنقد الأجنبى وتفتح آفاقًا جديدة للتوظيف فى مراحل الإنتاج والتجهيز والتصدير. وأضاف أن النجاحات المتحققة تعكس التزام الدولة المصرية بتطوير القطاع الزراعى من خلال تحديث أنظمة الرى، وتطبيق المعايير الدولية فى الإنتاج والتعبئة، وتطوير منظومة الحجر الزراعى، فضلًا عن الجهود المبذولة لفتح أسواق جديدة أمام المنتجات المصرية. وأشاد الوزير بدور المزارعين والمصدرين الذين يمثلون الجبهة الأمامية لهذه النجاحات، مؤكدًا أن الوزارة ستواصل تقديم الدعم الفني واللوجستي لهم لتعزيز قدراتهم التصديرية. من جانبه أوضح الدكتور محمد المنسى رئيس الإدارة المركزية للحجر الزراعي أن النجاحات الأخيرة تعود بالأساس إلى التزام مصر الصارم بتطبيق أحدث المعايير الدولية للجودة والسلامة، وإلى جهود الحجر الزراعي المصري فى فتح 8 أسواق جديدة هذا الموسم لمحاصيل العنب والرمان والمانجو والبطاطس وتقاوي البطاطس، وقد شملت تلك الأسواق دولًا متنوعة مثل جنوب إفريقيا وكوستاريكا وأوزبكستان والهند والفلبين، إلى جانب اختراق أسواق أمريكا اللاتينية، وبخاصة البرازيل وبيرو، ويؤكد المنسي أن فتح هذه الأسواق لم يكن بالأمر اليسير، بل جاء بعد مفاوضات فنية امتدت لفترات طويلة، وشملت الالتزام باشتراطات صحية وفنية صارمة لضمان انسياب حركة الصادرات دون عقبات. تصدير شتلات الفراولة إلى بيروويبرز فى هذا السياق الإنجاز الكبير المتمثل في نجاح مصر في تصدير شتلات الفراولة إلى بيرو، وهو إنجاز لا يقتصر على فتح سوق جديدة، بل يرسخ وضع مصر كمركز إقليمى ودولى لتصدير مواد الإكثار الزراعي. وأوضح المنسى أن المفاوضات مع الجانب البيروفى كانت صعبة ومعقدة نظرًا للاشتراطات الصحية الصارمة التي يفرضها هذا السوق، إلا أن الكفاءة العالية لفريق الحجر الزراعي المصري وقدرته على التفاوض الفني أثمرت عن التوصل إلى اتفاق يتيح دخول الشتلات المصرية إلى بيرو. وتعد بيرو بذلك ثاني سوق في أمريكا اللاتينية يتم فتحها أمام شتلات الفراولة المصرية بعد البرازيل، الأمر الذي يفتح الباب أمام مزيد من الفرص في هذه المنطقة الواعدة. ويمثل تصدير شتلات الفراولة قيمة مضافة للقطاع الزراعي المصري، إذ لا يقتصر على المكاسب الاقتصادية المباشرة، بل يساهم أيضًا في نشر التكنولوجيا الزراعية المصرية والخبرات المرتبطة بعمليات الإكثار والإنتاج فى أسواق جديدة، كما يبرهن هذا النجاح على أن مصر لم تعد مجرد دولة مصدرة للمنتجات الزراعية الخام، بل باتت تصدر التقنيات والمعرفة الزراعية المتقدمة، وهو تحول نوعي يعزز مكانة مصر التنافسية في الأسواق العالمية. وتبرز أهمية هذه الإنجازات فيىظل التحديات العالمية الراهنة، حيث تعانى العديد من الاقتصادات من تقلبات الأسواق وتغير المناخ وأزمات سلاسل التوريد.وفي هذا السياق، تشكل الزراعة المصرية عنصر استقرار استراتيجي يساهم في توفير النقد الأجنبي ودعم الميزان التجاري، كما أن نجاح مصر في النفاذ إلى أسواق جديدة يعكس قوة الدبلوماسية الزراعية وقدرة الدولة على استثمار اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة مع مختلف التكتلات العالمية. ورغم هذه النجاحات الكبيرة، يظل القطاع الزراعي المصري في حاجة إلى مواجهة تحديات قائمة، على رأسها المنافسة الشرسة في الأسواق العالمية التي تتطلب خفض تكاليف الإنتاج ورفع كفاءة سلاسل التوريد، فضلًا عن تأثيرات التغير المناخي على المحاصيل الزراعية. كما يشكل تطوير منظومات النقل المبرد واللوجستيات تحديًا مهمًا لضمان وصول المنتجات إلى الأسواق بحالة جيدة، إلا أن الدولة المصرية تضع هذه التحديات في حساباتها وتعمل على مواجهتها عبر خطط استراتيجية تشمل التوسع في الزراعة الذكية وتحديث البنية التحتية الزراعية وتبني نظم ري حديثة موفرة للمياه. وتطمح وزارة الزراعة إلى تعزيز مكانة مصر كأحد أكبر مصدري الحاصلات الزراعية عالميًا، من خلال خطط واضحة تشمل التوسع في فتح الأسواق الجديدة، وزيادة القيمة المضافة للمنتجات عبر التصنيع الزراعي، وتحفيز المزارعين والمصدرين على الالتزام بالمعايير الدولية، بما يضمن استمرار تدفق الصادرات المصرية إلى الأسواق المتقدمة. وفي هذا الإطار، يعد النجاح في تصدير شتلات الفراولة إلى بيرو خطوة على طريق طويل نحو تحقيق التنمية المستدامة، وجعل مصر مركزًا عالميًا لإنتاج وتصدير الشتلات والبذور لمختلف المحاصيل. القطاع الزراعى يشهد طفرة غير مسبوقةوفي ضوء هذه المؤشرات، يمكن القول إن القطاع الزراعى المصري يشهد طفرة غير مسبوقة تعكس قدرته على التكيف مع المتغيرات، وتؤكد أن الاستثمار في الزراعة ليس مجرد خيار اقتصادى، بل هو ضرورة استراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الاقتصاد الوطني. إن وصول الصادرات إلى 6.8 مليون طن، وفتح أسواق جديدة في قارات مختلفة، يمثل شهادة دولية على جودة المنتج المصري وقوة المنظومة الزراعية الوطنية، وهو ما يبرهن أن الزراعة المصرية ماضية في طريقها لتصبح أحد أعمدة الاقتصاد القومي، ومحركًا رئيسيًا للتنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي. ولا تتوقف أهمية هذه الطفرة الزراعية عند حدود الأرقام والإحصاءات الخاصة بالكميات المصدرة فقط، بل تمتد آثارها الاقتصادية لتنعكس بشكل مباشر على ميزان المدفوعات المصرى، فزيادة حجم الصادرات إلى 6.8 مليون طن يعني دخول مليارات الدولارات إلى خزينة الدولة من النقد الأجنبي، وهو ما يخفف من الضغوط الواقعة على العملة المحلية. كما أن هذه الطفرة التصديرية تنعكس إيجابًا على سوق العمل المحلي، إذ أن قطاع الزراعة لا يقف عند حدود الإنتاج الزراعي فحسب، بل يخلق سلسلة متكاملة من الوظائف تمتد من المزارع إلى معامل التعبئة والفرز والتغليف، ثم إلى عمليات النقل والتبريد والتخزين والشحن، وكلما زادت الصادرات، زادت الحاجة إلى عمالة إضافية في هذه الحلقات، مما يفتح المجال أمام آلاف فرص العمل الجديدة، ويسهم في تحسين مستويات المعيشة في المناطق الريفية والزراعية التي تعتمد بشكل مباشر على هذا القطاع. وفي الوقت ذاته، يمثل تنامى الصادرات الزراعية مؤشرًا مهمًا على قدرة الاقتصاد المصري على التنويع وتقليل الاعتماد على قطاعات محدودة، ففي ظل التحديات التي تواجه قطاعي السياحة والتحويلات في بعض الفترات، تبرز الزراعة كقطاع أكثر استقرارًا وقابلية للنمو المستدام، كما أن عوائد الصادرات الزراعية تتيح للدولة توفير النقد الأجنبي اللازم لاستيراد السلع الاستراتيجية مثل القمح والزيوت، بما يساهم في تعزيز الأمن الغذائي الوطني وضمان استقرار الأسعار في السوق المحلي. ومن زاوية أخرى، فإن الالتزام بالمعايير الدولية في التصدير يعزز سمعة مصر كمصدر موثوق للمنتجات الزراعية عالية الجودة، وهو ما يزيد من جاذبية الاستثمارات الأجنبية في القطاع الزراعى، فعندما يرى المستثمرون أن الصادرات المصرية قادرة على النفاذ إلى أسواق شديدة التنافسية مثل الاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية وآسيا، فإن ذلك يشجعهم على ضخ استثمارات جديدة فى الزراعة والتصنيع الزراعى، وهو ما يضاعف من الأثر الاقتصادى ويعزز قيمة الصادرات مستقبلًا. وعليه، يمكن القول إن تنامى الصادرات الزراعية المصرية ليس مجرد إنجاز قطاعي يخص المزارعين والمصدرين، بل هو رافعة اقتصادية شاملة تؤثر بشكل مباشر على ميزان المدفوعات، وتزيد من قدرة الدولة على مواجهة التحديات الاقتصادية، وتفتح آفاقًا جديدة للتنمية المستدامة، إن هذا النجاح يعكس رؤية استراتيجية واضحة تضع الزراعة فى قلب خطط التنمية الاقتصادية، وتجعلها ركيزة أساسية فى تعزيز قوة الاقتصاد المصرى على المستويين الإقليمي والدولي. وإذا كان عام 2024 قد شهد وصول الصادرات الزراعية المصرية إلى 6.8 مليون طن كأعلى رقم في تاريخها، فإن الرؤية المستقبلية تستهدف ما هو أبعد من ذلك بكثير، فوفقًا لاستراتيجية الدولة للتنمية الزراعية المستدامة 2030، تسعى مصر إلى زيادة حجم صادراتها الزراعية إلى ما يقارب 10 ملايين طن سنويًا. وتعتمد هذه الرؤية على عدة محاور أساسية، أولها التوسع الأفقى من خلال استصلاح أراض جديدة مثل مشروع الدلتا الجديدة ومستقبل مصر الزراعي، والذي من المتوقع أن يضيف ملايين الأفدنة للرقعة الزراعية، وثانيها التوسع الرأسي بالاعتماد على الزراعة الذكية والميكنة الحديثة واستخدام تقنيات الري بالتنقيط والري المحوري، بما يزيد من الإنتاجية للفدان ويضمن كفاءة استخدام المياه. كما أن الدولة تركز على تنويع سلة الصادرات بحيث لا تقتصر على الموالح والبطاطس فقط، بل تشمل محاصيل استراتيجية أخرى مثل العنب والرمان والفراولة والبصل والثوم، إضافة إلى التوسع فى المحاصيل العضوية التى تشهد طلبًا متزايدًا فى الأسواق الأوروبية والآسيوية. وفى السياق ذاته، فإن البنية التحتية للتصدير ستشهد طفرة بحلول عام 2030 من خلال إنشاء المزيد من محطات التعبئة والفرز الحديثة، وتوسيع سعة سلاسل التبريد، فضلًا عن تطوير الموانئ والخدمات اللوجستية بما يقلل من تكلفة التصدير ويزيد من سرعة وصول المنتجات للأسواق. أما على المستوى الدولى، فإن مصر تخطط لتعزيز تواجدها فى أسواق جديدة في شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا، بالتوازي مع الحفاظ على موقعها المتميز في الأسواق التقليدية مثل الاتحاد الأوروبي ودول الخليج، وتستهدف الحكومة مضاعفة عدد الاتفاقيات التجارية الثنائية والمتعددة الأطراف، بما يسهل نفاذ المنتجات الزراعية المصرية إلى أسواق أكثر تنوعًا وأعلى عائدًا. وبهذه الرؤية، تبدو مصر على أعتاب مرحلة جديدة تجعل الزراعة ليس فقط أداة للأمن الغذائى المحلى، بل أيضًا محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي، وعاملًا مؤثرًا في تحسين ميزان المدفوعات وتوفير ملايين فرص العمل، وإذا ما تحقق هذا السيناريو، فإن عام 2030 قد يشهد تحول مصر إلى مركز إقليمي رائد لتصدير المحاصيل الزراعية فى الشرق الأوسط وأفريقيا، بما يرسخ مكانتها كأحد اللاعبين الرئيسيين في السوق الزراعي العالمي.