كتبت أسماء نصار
السبت، 04 أكتوبر 2025 06:00 صقال الدكتور عاطف عشيبه وكيل معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية أن العقود الأخيرة شهدت تزايدًا ملحوظًا في الاهتمام بـ مضادات الأكسدة الطبيعية، نظرًا لدورها الحيوي في الحفاظ على جودة الأغذية وسلامتها، إضافة إلى أهميتها في الوقاية من العديد من الأمراض المزمنة.
ويأتي هذا التوجه بالتزامن مع ثبوت المخاطر الصحية لبعض المركبات الصناعية، مما دفع الأبحاث العلمية للبحث عن بدائل آمنة وفعالة من مصادر طبيعية مثل النباتات الطبية والأعشاب والفواكه والخضروات، بل وحتى المخلفات الزراعية.
وقد ساهم التقدم العلمي والتقني في فتح آفاق جديدة لاستخدام مضادات الأكسدة الطبيعية، ليس فقط للوقاية الصحية، وإنما أيضًا في تطوير منتجات غذائية وصيدلانية ذات قيمة مضافة، مما جعلها أحد أهم مكونات الأغذية الوظيفية والمكملات الحديثة.
مستجدات البحث العلمي في مضادات الأكسدة
1. مصادر جديدة وواعدة
اتجهت الأبحاث مؤخرًا إلى استكشاف مصادر غير تقليدية وغنية بمضادات الأكسدة، مثل قشور الفواكه والبذور، التي غالبًا ما تُهدر، إضافة إلى الأعشاب البحرية والنباتات البرية. لا يهدف هذا التوجه فقط إلى استخلاص مركبات فعالة كالفينولات والفلافونويدات، بل يساهم أيضًا في تقليل الهدر الزراعي وتحويل المخلفات إلى منتجات ذات قيمة غذائية وصحية عالية.
2. تقنيات استخلاص صديقة للبيئة
شهد مجال استخلاص مضادات الأكسدة تطورًا ملحوظًا بفضل استخدام تقنيات حديثة مثل الموجات فوق الصوتية، والميكروويف، والسوائل فوق الحرجة. تتيح هذه الطرق تقليل الاعتماد على المذيبات الكيميائية، مع الحفاظ على النشاط الحيوي للمركبات المستخلصة، ما يعزز استخدامها في الصناعات الغذائية والدوائية.
3. تكنولوجيا النانو لحماية المركبات
تستخدم تقنيات النانو لتغليف مضادات الأكسدة داخل جسيمات دقيقة، تحميها من التأثيرات البيئية مثل الضوء والحرارة، كما تعزز من امتصاصها في الجسم. وتُعد هذه الطريقة واعدة لرفع فعالية المركبات عند دمجها في الأغذية أو المستحضرات الطبية.
4. فهم أعمق لآليات العمل الجزيئي
لم تعد مضادات الأكسدة تقتصر على تثبيط الشقوق الحرة، بل أظهرت الدراسات الحديثة تأثيرها في مسارات خلوية معقدة ترتبط بالالتهاب والوقاية من الأمراض المزمنة، مما يعزز من إمكانيات توظيفها في الأغذية الوظيفية والدواء.
5. ابتكار الأغذية والمكملات الوظيفية
من التطبيقات البارزة دمج مضادات الأكسدة الطبيعية في مشروبات مدعمة، وألبان زبادي غنية بالعناصر الوظيفية، ووجبات خفيفة صحية تهدف إلى تعزيز الصحة العامة والحد من تأثيرات الإجهاد التأكسدي.
6. دمجها مع تقنيات حفظ الأغذية
يتم اليوم توظيف مضادات الأكسدة جنبًا إلى جنب مع تقنيات حديثة لحفظ الأغذية، مثل التعبئة النشطة واستخدام مضادات الميكروبات الطبيعية، مما يساهم في إطالة فترة الصلاحية وتقليل الحاجة للمواد الكيميائية الصناعية.
7. دور التكنولوجيا الحيوية والذكاء الاصطناعي
ساهمت التكنولوجيا الحيوية في تحسين إنتاج مضادات الأكسدة عبر استنساخها أو تعزيزها في الكائنات الدقيقة أو النباتات المعدلة. كما أصبح الذكاء الاصطناعي أداة قوية في التنبؤ بالمصادر المثلى وتصميم تركيبات غذائية محسّنة.
تحديات تواجه التطبيق الصناعي
1. تباين الفعالية حسب المصدر
تختلف فعالية مضادات الأكسدة باختلاف نوع النبات، جزءه المستخدم، وظروف الحصاد والتخزين، إلى جانب طريقة الاستخلاص. وتؤثر هذه العوامل على التركيب الكيميائي والنشاط الحيوي، ما يتطلب وضع معايير دقيقة لضمان الجودة والثبات، باستخدام تقنيات مثل HPLC وLC-MS.
2. التأثيرات الحسية غير المرغوبة
في بعض الحالات، يؤدي استخدام مستخلصات نباتية بتركيزات مرتفعة إلى مرارة أو طعم قابض أو تغيرات في اللون والرائحة، خاصة في المنتجات الحيوانية مثل اللحوم والأسماك. وتُعالج هذه المشكلات باستخدام مستخلصات منقّاة، أو تغليف ميكروي، أو تعديل النكهة بطرق مبتكرة.
3. تقييم السلامة والجرعات المثلى
رغم أن مضادات الأكسدة طبيعية، إلا أن استخدامها يتطلب ضمان السلامة والنقاء، وخلوها من الملوثات الكيميائية أو البيولوجية. كما يتم تحديد الجرعة المثلى من خلال توازن بين الفعالية، القبول الحسي، والتكلفة، مع اعتماد الجهات الرقابية مثل EFSA وGRAS.
4. التوسع في التطبيقات الصناعية
يمثل التوسع الصناعي تحديًا نظرًا لعدم توافر المواد الخام طيلة العام، وارتفاع تكلفة الإنتاج، وصعوبة دمج هذه المركبات مع عمليات التصنيع الكبيرة. وتُواجه الشركات أيضًا متطلبات رقابية دقيقة لاعتماد استخدامها في تقنيات التغليف النشط.
الآفاق المستقبلية واعدة رغم التحديات
يُتوقع أن تشهد السنوات المقبلة تطورًا كبيرًا في استخدام مضادات الأكسدة الطبيعية، بفضل التقدم في تقنيات الاستخلاص، وتكنولوجيا التغليف، والذكاء الاصطناعي. كما أن دمجها مع استراتيجيات حفظ الأغذية الحديثة، مثل الضغط العالي أو التعبئة في جو معدّل، يفتح المجال أمام تطبيقات أوسع وأكثر فعالية.
ومن خلال تطوير منتجات غذائية وظيفية، وأنظمة توصيل ذكية، وتجارب تصنيع متقدمة، ستلعب مضادات الأكسدة الطبيعية دورًا أساسيًا في ضمان جودة الأغذية، وتعزيز الصحة العامة، والحد من الاعتماد على المركبات الكيميائية الصناعية.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.