كتبت أسماء نصارالأحد، 26 أكتوبر 2025 03:02 م وضع الدكتور هشام الشاذلي، مدير تطوير الأعمال للهيئة الاستشارية في جامعة الخرطوم، رؤية وطنية شاملة لإعادة إعمار السودان، تركز على البناء المؤسسي والاقتصادي المتكامل بعد الأضرار الهائلة التي خلفتها الحرب في جميع القطاعات. وتؤكد هذه الرؤية أن عملية الإعمار هي "مشروع وطني شامل لبناء السلام والتنمية"، تتجاوز إعادة بناء المباني لتشمل إعادة بناء الإنسان والنظام والمؤسسات في شتى المجالات (الاقتصاد، السياسة، المجتمع، العمران، البيئة). كشفت الورقة عن حجم الأثر الكارثي للصراع، الذي تسبب في توقف شبه كامل للنشاط الاقتصادي، ونزوح أكثر من 7 ملايين شخص. وتشير التقديرات الأولية إلى أن إجمالي الخسائر الاقتصادية والبنية التحتية تتراوح بين 200 إلى 700 مليار دولار. كما تدهور سعر صرف العملة بشكل حاد، حيث وصل إلى 3500 جنيه مقابل الدولار في السوق الموازي، بعد أن كان 570 جنيهاً. أظهر تحليل الأثر الاقتصادي تراجعاً كبيراً في حركة التجارة، حيث انخفض إجمالي التجارة الخارجية للسودان بنسبة 48% بعد الحرب، ليبلغ 8.04 مليار دولار مقارنة بـ 15.45 مليار دولار قبلها. ويواجه الاقتصاد تحديات ضخمة، مع تقديرات بأن العودة إلى مستويات ما قبل الحرب قد تتطلب من 3 إلى 7 سنوات. وشملت الأضرار قطاعات حيوية بأولوية قصوى، أبرزها: البنية التحتية: تدمير الطرق والمطارات وشبكات المياه والكهرباء ومباني الوزارات. الصحة: خروج 70% من المستشفيات عن الخدمة. الآثار الإقليمية: تأثر طرق التجارة الدولية العابرة للسودان وزيادة نزوح المواطنين لدول الجوار. هيكلية الإعمار، مفوضية وصندوق بمليار دولارلإدارة هذه المهمة الضخمة، اقترحت الرؤية الوطنية إطاراً مؤسسياً وتنفيذياً محكماً يتكون من: 1. مفوضية إعادة الإعمار: هيئة وطنية عليا تتبع مباشرة لرئيس الوزراء، وتتولى مهام التخطيط والتنسيق والإشراف، وإدارة منصة تنسيق وطنية موحدة مع كافة الجهات المحلية والدولية. 2. الصندوق الوطني لإعادة الإعمار والتنمية: الذراع المالي للمفوضية، وهو صندوق استثماري مملوك للدولة، برأس مال مرخص مبدئي يبلغ 1 مليار دولار. يهدف الصندوق إلى إدارة أصول الدولة غير المستغلة وجذب الاستثمارات والشراكة مع القطاع الخاص لتمويل المشاريع. وتقوم خارطة طريق إعادة الإعمار على ثلاث مراحل أساسية حتى عام 2035: التعافي المبكر (حتى 2027): إصلاح الخدمات الحيوية وتوفير الخدمات الإنسانية الطارئة. الفترة الانتقالية (2027–2029): تأسيس المؤسسات والقوانين وتحريك الاقتصاد عبر الاستثمارات المباشرة. الاستدامة والتنمية (2029–2035): إطلاق المشروعات الاستراتيجية الكبرى وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. ينتظر أن يكون التكامل السوداني–المصري ركيزة أساسية في عملية الإعمار من خلال "الشركة المصرية السودانية للتنمية والاستثمارات المتعددة". وتعمل هذه الشركة كمنصة تنسيقية لتقديم الضمانات والتسهيلات للشركات المصرية وإعداد ملفات المشروعات القابلة للاستثمار. وتتركز فرص الشراكة، بنظام "البناء-التشغيل-التحويل" (BOT) و"الشراكة بين القطاعين العام والخاص" (PPP)، في قطاعات حيوية مثل: الطاقة والبنية التحتية: إنشاء محطات طاقة شمسية ورياح، وتوسيع خطوط الربط الكهربائي، وتطوير ميناء بورتسودان والطرق القومية. الزراعة والصناعة: استثمار الأراضي لزراعة المحاصيل الاستراتيجية ونقل الخبرات المصرية في الري، وإقامة مناطق صناعية مشتركة. الصحة والتعليم: بناء وإدارة مستشفيات حديثة وتصنيع الأدوية، وتوأمة الجامعات السودانية والمصرية.التمويل وخطة الـ 100 مليار دولار الطارئة تقدر التكلفة الإجمالية المطلوبة للإعمار بين 200 إلى 250 مليار دولار وتعتمد خطة التمويل على مزيج من ميزانية الدولة، الصناديق العربية والإسلامية، شراكات القطاع الخاص، والتمويل الخارجي بنظام BOT. وفي خطة تنفيذ عاجلة، تم اقتراح تنفيذ 100 مشروع طارئ خلال الـ 5 سنوات الأولى (2026-2030)، تتركز على الكهرباء والمياه والصرف الصحي وإعادة تأهيل الطرق والمستشفيات و تحتاج هذه المشروعات إلى حوالي 100 مليار دولار، يمكن تمويل 50 مليار منها بنظام BOT. واختتمت الرؤية بالتأكيد على ضرورة الإسراع بتأسيس الكيانات التنفيذية ودعم التكامل الثنائي، مع تبني مشاريع رائدة كرموز لإعادة الأمل، وجعل مهمة الإعمار منصة حقيقية لإطلاق اقتصاد جديد قائم على الاستدامة والابتكار.