كتب سيد الخلفاوىالخميس، 30 أكتوبر 2025 03:53 م قال المهندس مدحت القاضي رئيس شعبة النقل الدولى، أنه منذ أعوام والعالم يعيش على إيقاع الأزمات المتتالية: أوبئة، حروب، اضطرابات سياسية، وتقلّبات اقتصادية. الممرات البحرية هي المرايا الأكثر صدقًا لحالة العالم: وذكر أنه من بين كل ما تأثّر، ظلّت الممرات البحرية هي المرايا الأكثر صدقًا لحالة العالم، إذ تعكس مباشرة نبض التجارة، واتجاه الاستقرار، وموازين القوة. ولفت إلى أنه مع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وإعلان جماعة الحوثي وقف الهجمات البحرية في البحر الأحمر، يبدو أن المنطقة على أعتاب مرحلة هدوء نسبي قد تعيد رسم الخريطة اللوجستية والبحرية من جديد. معاناه حركة الملاحة بدون قناة السويس: وذكر أنه خلال العامين الماضيين، كانت خطوط الملاحة الدولية تعاني من حالة شلل جزئي بسبب تهديدات البحر الأحمر. ولفت إلى أن كبريات الشركات العالمية مثل Maersk وMSC وHapag-Lloyd إلى الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح، ما زاد زمن الرحلات بمعدل 10 إلى 14 يومًا، ورفع تكاليف النقل بأكثر من 40%. واكد ان هذا التحول ترك أثرًا بالغًا على قناة السويس، التي سجّلت تراجعًا في الإيرادات خلال 2024 وصل إلى نحو 50% مقارنة بالعام السابق وهو أكبر انخفاض منذ جائحة كورونا. رغم ذلك، استمرت مصر في تطوير موانئها ومناطقها الاقتصادية استعدادًا للحظة عودة الملاحة الطبيعية، فتمّ تحديث موانئ السخنة وشرق بورسعيد، وتوسيع المناطق اللوجستية في الداخل. وقف إطلاق النار فى غزة ولفت إلى أن إعلان وقف إطلاق النار في غزة، وتراجع المخاطر في البحر الأحمر، أعادا الثقة التدريجية إلى قطاع النقل البحري. وذكر أن المؤشرات الحالية تشير إلى أن نحو 60% من الخطوط الملاحية العالمية بدأت بالفعل دراسة العودة إلى مسار قناة السويس خلال الربع الأول من 2026، بشرط استمرار الاستقرار الأمني. اختصار الطريق وأشار إلى أن المسافة عبر قناة السويس أقصر بنحو 3,500 ميل بحري من الالتفاف حول أفريقيا. وذكر أن زمن الرحلة أسرع بما يمنح السلع الأوروبية والآسيوية قدرة تنافسية أعلى. وأكد أن بذلك تعود قناة السويس إلى دورها التاريخي كجسر بين الشرق والغرب، ولكن بروح جديدة من الموانئ الذكية والتحول الرقمي. وأشار إلى أنه من المتوقع أن تعود الإيرادات إلى أكثر من 9 مليارات دولار سنويًا بنهاية 2026، مع زيادة في أعداد السفن العابرة بنسبة 30–35%. جذب التحالفات اللوجستية الدولية واشار إلى أن الشركات العالمية التي بحثت عن بدائل في اليونان أو المغرب ستعود لتضع مصر والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس في صدارة خياراتها كمركز لتجميع البضائع وإعادة التصدير. وأشار إلى أن الممر الإماراتي–الإسرائيلي، وطريق العراق إلى أوروبا، سيواصلان التطور كممرات بديلة، لكنها لن تعوض عن ميزة النقل البحري عبر السويس من حيث الكفاءة والتكلفة. وذكر أن الدول الساحلية لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة الموانئ وسلاسل الإمداد لتحقيق أقصى كفاءة تشغيلية وأمان بحري. استثمار الفرص وأشار إلى أن التحدي الحقيقي يكمن في التحرك السريع لاستثمار الفرصة، وجذب الشركاء العالميين قبل أن تستقر المنافسة الإقليمية. وذكر أن العالم يعيد توزيع طرقه التجارية، ومن يملك القدرة على التنظيم والكفاءة هو من سيحجز مكانه في الممرات الجديدة للتجارة الدولية. ولفت إلى أن الشرق الأوسط مقبل على تحوّل بحري ولوجستي كبير بعد سنوات من الاضطراب. وفي هذا السياق، فإن مشاركة وزارة النقل و هيئة قناة السويس في المحافل الدولية المقبلة، وعلى رأسها اجتماع المنظمة البحرية الدولية (IMO) المقرر عقده في نوفمبر القادم في لندن، قد تكون عاملًا محوريًا في إعادة بناء الثقة الدولية في عبور الخطوط الملاحية لقناة السويس. فهذا الحضور يؤكد التزام مصر بالشفافية والتعاون الدولي، ويعيد إلى الأذهان صورة القناة كأحد أهم شرايين الاقتصاد العالمي وأكثرها أمنًا واستقرارًا.