كتبت أسماء نصارالثلاثاء، 04 نوفمبر 2025 06:58 م أكد الدكتور مجدى السماحى، أستاذ النانوتكنولوجى ووقاية النبات بمعهد بحوث وقاية النباتات – مركز البحوث الزراعية، أن مفاهيم "الاستدامة" و"الزراعة الخضراء" لم تعد شعارات مثالية أو ترفًا فكريًا، بل أصبحت ضرورة حتمية تفرضها التحديات المائية والمناخية التى تواجه مصر والعالم. وقال أن الزراعة الخضراء المستدامة تمثل السبيل الوحيد لضمان الأمن الغذائى والمائى لمستقبل مصر، فى ظل تراجع خصوبة التربة وتزايد تأثيرات التغير المناخي. نظام متكامل يعتمد على العلوم الحديثة وأوضح السماحى أن الزراعة الخضراء المستدامة لا تعنى العودة إلى الأساليب التقليدية، بل تقوم على نظام علمى متكامل يعتمد على أحدث التقنيات لتحقيق أعلى كفاءة إنتاجية مع الحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة. وأشار إلى أن هذا النظام يقوم على أربع ركائز أساسية: إدارة المياه بكفاءة، وتحسين خصوبة التربة، والمكافحة المتكاملة للآفات، والتكيف مع التغيرات المناخية. إدارة الموارد المائية بالرى الذكي وأشار إلى أن إدارة الموارد المائية بكفاءة تأتى فى مقدمة أولويات الزراعة المستدامة، إذ تواجه مصر تحديًا مائيًا متزايدًا فى ظل محدودية الموارد. وأوضح أن الحل ليس فى تقليل المساحات المزروعة، بل فى رفع كفاءة نظم الرى عبر استخدام تقنيات مثل الرى بالتنقيط والرى التحت سطحى، التى تقلل الفاقد من المياه بنسبة تصل إلى 60% مقارنة بالرى بالغمر. كما دعا إلى التوسع فى استخدام مستشعرات رطوبة التربة ونظم نمذجة الاحتياجات المائية للنبات لضمان ترشيد استخدام كل قطرة مياه. خصوبة التربة والمكافحة المتكاملة وأضاف السماحى أن إدارة خصوبة التربة المتكاملة تمثل الركيزة الثانية، إذ تعتمد على تناوب المحاصيل واستخدام الأسمدة العضوية والمخلفات الزراعية، بما يعزز المحتوى العضوى ويحسن قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء. وأشار إلى أهمية زراعة محاصيل التغطية مثل البقوليات لحماية التربة من التعرية وإضافة النيتروجين طبيعيًا. أما فى مجال مكافحة الآفات، فأكد على أهمية تطبيق استراتيجيات المكافحة المتكاملة (IPM)، التى تقوم على المزج بين الأساليب الحيوية والزراعية والمراقبة الدقيقة، بدلًا من الاعتماد الكامل على المبيدات الكيماوية التى تضر بالبيئة وتؤدى إلى ظهور سلالات مقاومة من الآفات. مواجهة التغير المناخي وشدد على أن التغير المناخى يمثل أحد أخطر التحديات التى تواجه الزراعة المصرية، مشيرًا إلى أن تبنى أنظمة الزراعة الذكية مناخيًا (Climate-Smart Agriculture) هو السبيل الأمثل لمواجهته، من خلال تطوير محاصيل تتحمل الجفاف والملوحة والحرارة، وتعزيز المرونة فى مواجهة الصدمات المناخية. ضرورة وطنية وليست رفاهية وأكد السماحى أن الزراعة الخضراء المستدامة تمثل ضرورة وطنية لمصر، وليست خيارًا اختياريًا، لعدة أسباب أهمها: ترشيد استهلاك المياه عبر تحديث نظم الرى، وزيادة الإنتاجية وتحسين جودة المحاصيل بما يعزز تنافسيتها فى الأسواق العالمية، وخفض تكاليف الإنتاج عبر تقليل الاعتماد على الأسمدة والمبيدات الكيماوية. حماية البيئة وتعزيز الأمن الغذائي وأشار إلى أن تطبيق الممارسات الخضراء يسهم فى حماية البيئة والصحة العامة، من خلال تقليل التلوث الناتج عن الأسمدة والمبيدات، والحفاظ على التنوع البيولوجي. كما يدعم الأمن الغذائى الوطنى عبر بناء منظومة زراعية مرنة قادرة على مواجهة الصدمات الاقتصادية والمناخية وضمان إنتاج غذاء آمن ومستدام للأجيال المقبلة. دعوة للبحث والتمكين والدعم وختم السماحى بالتأكيد على أن نجاح التحول نحو الزراعة الخضراء المستدامة يتطلب تعزيز البحث العلمى لتطوير تقنيات وأصناف تتناسب مع الظروف المصرية، وتمكين المزارع المصرى من خلال التوعية والإرشاد والدعم الفنى، إلى جانب سياسات حكومية داعمة تسهّل حصول المزارعين على مستلزمات الزراعة المستدامة وتشجع الملتزمين بالممارسات البيئية عبر حوافز وتشريعات واضحة. واختتم قائلًا: الاستثمار فى الزراعة الخضراء المستدامة اليوم هو استثمار فى مستقبل مصر، هو الضمانة لاستمرار عطاء الأرض ووجود قطرة ماء وحصاد قمح يكفى أبناء هذا الوطن.