العريش ـ محمد حسين
الجمعة، 02 مايو 2025 01:00 صوسط مدينة العريش الهادئة بشمال سيناء، وتحديدًا في ركن أحد منازلها كل مساء لا يُسمع فقط غيرصوت ماكينات الخياطة وهي تدور، ومعها أنفاس الأمل، ونبض الطموح، وحكايات نساء قررن أن يصنعن مستقبلهن بأناملهن.
هي مبادرة نسوية في شمال سيناء، قادتها مجموعة من السيدات المتطوعات، بهدف تمكين نساء وفتيات العريش ومحيطها عبر تدريبهن على حرف يدوية تقليدية وحديثة، تشمل فنون الخياطة والتطريز السيناوي وصناعة المشغولات بالخرز.
تحكي حسناء الشريف، أمين المرأة بحزب حماة الوطن بشمال سيناء، وصاحبة المبادرة الحكاية بقولها: "بدأت الفكرة حين شعرت بمدى حاجة بعض السيدات إلى مصدر دخل كريم، ومع ذلك لم يكن لديهن فرص حقيقية للعمل، فقررت أن أخصص جزءًا من منزلي، غرفة صغيرة، وحولتها إلى مشغل دائم للتدريب، مجهّز بكافة الأدوات، ثم تواصلت مع عدد من الحرفيات المتخصصات وطلبت منهن التطوع لتدريب الأخريات".
تضيف الشريف بابتسامة فخر: "لم أتوقع هذا التفاعل ومع الوقت بدأ العدد يتزايد حتى وصلنا في كل دورة إلى ثلاثين سيدة..اليوم، استفادت اعداد من السيدات بعضهن بدأن بالفعل مشاريعهن المنزلية".
تُدار المبادرة وفق خطة مدروسة، حيث تنقسم إلى دورات تمتد كل منها لثلاثة أشهر، وتتناول مهارات عملية تبدأ من التعرف على الأدوات، وتمر بتقنيات الخياطة والتطريز والرسم على القماش، وتنتهي بكيفية إنتاج منتج نهائي قابل للتسويق.
وتقول الشريف: "حرصنا على أن تشمل كل دورة تدريبية محتوى نظريًا وعمليًا، إضافة إلى توعية السيدات بكيفية إدارة المشروع من المنزل، وكيفية تسعير المنتج والتعامل مع العملاء. فالمسألة ليست مجرد تعليم حرفة، بل بناء قدرة اقتصادية مكتملة".
روان القصاص، واحدة من المدربات في المشغل، تحكي قصتها التي بدأت منذ الطفولة، حين كانت تحاول خياطة ملابس لعبتها الصغيرة. تقول: "بعد زواجي التحقت بمشغل وتدربت، وتدرجت حتى أصبحت مسؤولة عن قسم كامل. بعد وفاة والدي، قررت أن أخصص جزءًا من وقتي لتعليم السيدات مجانًا صدقة جارية عن روحه".
تضيف: "الخياطة بالنسبة لي ليست مجرد حرفة، بل شغف ورسالة. كل مرة أرى سيدة كانت تجهل الإمساك بالإبرة، ثم تُتقن تصميم قطعة كاملة، أشعر أنني أنجزت شيئًا عظيمًا".
تفاحة، إحدى السيدات المتدربات، تحكي بفخر: "بدأت بتعلم صنع المشغولات من الخرز، وكنت أظن أنه أمر بسيط، لكنه فن حقيقي. ومع الوقت طورت مهاراتي، ثم قررت الالتحاق بدورة الخياطة، والآن أعمل على إطلاق مشروع منزلي صغير يساعدني على تحسين دخلي".
أما فوزية رسلان، فتقول: "لم أكن أتصور يومًا أنني سأجلس أمام ماكينة خياطة وأنتج شيئًا بيدي. الآن، وبعد اجتيازي نصف الدورة، بدأت أخطط لشراء ماكينة والبدء بمشروعي. هذا المكان غيّر حياتي، وأعاد إلي الثقة بالنفس".
وتشاركها الشعور تهاني القصاص، التي تقول: "كنت أظن أن هذه المهارات ليست لي، وأنني لا أستطيع التعلم. اليوم أنا أتعلم الخياطة خطوة بخطوة، وأريد أن أواصل حتى أصبح مدربة مثل روان".
مدربة الخرز، نجوى حسين الشوربجي، وهي متخصصة في هذا الفن، تقول: "أملك خبرة سنوات في صناعة الخرز، وكنت أبيع منتجاتي عبر المعارض، لكني شعرت أن الوقت حان لنقل هذه الخبرة لغيري. أنا أؤمن بأن كل سيدة تستحق فرصة، وأن الحرفة قد تكون بداية استقلال اقتصادي".
لم تكن البداية سهلة، فالمبادرة واجهت العديد من التحديات، أبرزها توفير المواد الخام والأدوات، وكذلك إقناع بعض الأسر بأهمية انخراط المرأة في التدريب والعمل. تقول الشريف: "في البداية كان هناك تردد من بعض العائلات لكننا واجهنا ذلك بالتواصل المباشر، وعرضنا نماذج لسيدات نجحن، فبدأ التقبل يزداد".
كما ساعد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج للمبادرة، وعرض صور المنتجات والتدريب، مما شجع أخريات على الانضمام، حتى من خارج العريش.
من الأمور اللافتة أن المبادرة لا تركز فقط على الجانب الاقتصادي، بل تهدف أيضًا إلى الحفاظ على التراث السيناوي. فالتطريز يحمل رموزًا بدوية عريقة، وألوان الخرز تعكس بيئة سيناء الجبلية والصحراوية. تقول روان: "نحرص على أن تحمل كل قطعة من إنتاج السيدات هوية المكان، وأن تكون جزءًا من الثقافة التي نعتز بها".
تسعى المبادرة حاليًا لتوسيع نشاطها، وإضافة مجالات جديدة مثل صناعة الإكسسوارات لاحقًا تصميم ملابس تراثية للأطفال وتصديرها.
وتؤكد الشريف أنها تسعي للتواصل مع جهات التمويل المعنية بدعم المشروعات الصغيرة لدعم السيدات الراغبات في بدء مشاريع من منازلهن، وتوفير منح صغيرة لشراء ماكينات أو أدوات.

تدريب-السيدات

تدريب-سيدات

جانب-من-التدريب

حسناء-الشريف

وقت-التدريب
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.