لم يكن السباط مجرد بناء، بل كان له دور اجتماعي بارز أتاح للأهل والجيران التواصل من منزل إلى آخر دون النزول إلى الشارع، فتقاربت القلوب قبل أن تتقارب البيوت، كما وفر الخصوصية لأهل الدار لاسيما للنساء، وكان السباط في كثير من الأحيان بالغ الجمال، يشيد بزخارف ونقوش تضفي لمسة فريدة، جعلت منه جزءًا من ذاكرة المكان وروح التعاون والترابط بين الأهالي في الماضى. وما زال عدد من المنازل القديمة يحتفظ بسباط يمتد بجناحيه فوق المنازل، كأنه يرسم جسرًا من المحبة يربط بين بيتين وقلبين، ويروي حكايات الجيرة والونس في زمن البساطة والتعاون، هذا المنظر الفريد جعله محط أنظار الزائرين لتلك المدن والقرى، وأضفى عليه قيمة خاصة حتى أن الآباء أورثوه للأبناء، فحافظوا على بقاءه رغم تراجع دوره في الوقت الحالي. قال فتحي محمد، من أهالي محافظة قنا، إن الممر المعروف بـ"السباط" كان يقام عادة بين بيتين من الأقارب وبالتحديد بين الأخ وأخيه، وكان دوره الأساسي تسهيل التواصل بين المنازل دون حاجة ساكنيها للنزول إلى الشارع، كما أن السباط ساعد في الحفاظ على خصوصية البيوت، لا سيما بالنسبة للنساء، حيث يستطعن التنقل بين المنازل بحرية دون أن يراهن الجيران أو المارة. وأشار فتحي، إلى أن طريقة البناء كانت تختلف بين القرى والمدن، ففي القرى كان السباط يشيد من الطوب اللبن وسقف من الجريد، بينما في منازل المدن كان يُبنى من الأخشاب المزخرفة على الجانبين، مما أضفى عليه لمسة جمالية خاصة، وهذا النوع من البناء عزز روح القربى بين الإخوة والجيران، حيث كان التعاون سائدًا في شتى أمور الحياة، فإذا مرض أحدهم أسرع إليه أخوه أو جاره، كما كانوا يتبادلون الوجبات اليومية، لافتًا إلى أن السباط كان رمزًا للأمان والثقة بين الأقارب، بل إن بعض أبناء العمومة كان يمتد بينهم أيضًا مثل هذا البناء. ومن جانبه قال أحمد عبد الله، مفتش آثار، إن السباط هو سقيفة تربط بين حائطين يتوسطهما ممر نافذ، أو ممر مسقوف بين المباني أو داخل بناء كبير، وينشأ على ارتفاع يسمح بمرور القوافل في ذلك الوقت، مؤكدا أن من أبرز مهامه تعزيز الخصوصية والتقارب بين الأقارب والجيران، خاصة وأنه كان يحول دون اضطرار النساء للنزول إلى الشارع. السباط أو الممر في منزل من الطين بالقرى أحد البيوت القديمة بها سباط