يوميا ما تشهد محاكم الأسرة فى مختلف انحاء مصر، قضايا تتعلق بحضانة الطفل الذى يقف بجسد هزيل وصوت خافت بين أبوين يتنازعان داخل المحكمة على من يحق له الحضانة، ليتحول الطفل إلى ورقة ضغط يسعى كلا الطرفين الحصول عليها لكسب المعركة. ينحاز القانون دائما فى تلك الأنواع من القضايا إلى "مصلحة الطفل الفضلى" إلا ان الواقع غالبًا ما يقول غير ذلك، فالأم تحارب من أجل الحضانة، الأب يطالب بالرؤية، والطفل عالق في المنتصف، تائه بين أحكام قضائية لا تحقق له الأمان. ينظّم قانون الأحوال الشخصية المصري حقوق الحضانة والرؤية والنفقة، وينص على أن "مصلحة الطفل الفضلى" هي المعيار الأول عند الفصل في قضايا الحضانة، وتقضي المادة (20) من القانون رقم 25 لسنة 1929 والمعدل بالقانون 100 لسنة 1985، بأن الأم هي الأحق بالحضانة، ويليها في الترتيب الجدة لأم، ثم الجدة لأب، ويظل الطفل في حضانة الأم حتى سن 15 سنة. ورغم وضوح القانون، إلا أن الخاسر الأكبر من تلك المعركة القانونية هو الطفل، الذى يتحول من أولوية إلى وسيلة ضغط يستغلها الطرف الأقوى. يقول خبراء نفسيون، إن الطفل الذي يعيش في بيئة نزاع دائم بين الأبوين، يشعر بالقلق، وقد تتكوّن لديه مشاعر عدائية تجاه أحد الطرفين أو كليهما، في بعض الحالات، يعاني من اضطرابات النوم، والتبول اللاإرادي، والتراجع الدراسي، لافتين إلى أن مشكلة القانون أنه يتعامل مع الحضانة كقائمة ترتيب، وليس كحالة فردية نفسية واجتماعية لكل طفل، أحيانًا يكون الأب أو الأم غير مؤهل نفسيًا للحضانة، لكن لا يتم فحص ذلك. وشدد الخبراء على ضرورة تفعيل دور الأخصائي النفسي والاجتماعي في قرارات الحضانة، وتخصيص مراكز "رؤية آمنة" للطفل بعيدًا عن التوتر الأسري، وعقد جلسات إلزامية للإرشاد الأسري قبل وبعد الطلاق، وتوعية الأهل بأن الانفصال لا يجب أن يعني دمار الطفل.