غيّب الموت الفنانة السورية فاطمة سعد، إحدى أبرز الأصوات في دبلجة الرسوم المتحركة في العالم العربي، عن عمر ناهز الـ 59 عاماً، بعد مسيرة فنية حافلة امتدت لأكثر من أربعة عقود، تركت خلالها أثراً لا يُمحى في ذاكرة أجيال من المشاهدين.

وفاة الفنانة السورية فاطمة سعد

وأكدت نقابة الفنانين السوريين – فرع دمشق، في بيان رسمي عبر صفحتها على فيسبوك، نبأ الوفاة، حيث توفت مساء الأحد، فيما شُيّع جثمان الراحلة صباح الاثنين في بلدتها معضمية القلمون، وسط حالة من الحزن سيطرت على الوسط الفني السوري والجمهور الذي نشأ على صوتها.

اشتهرت فاطمة سعد بأدائها الصوتي المميز في أكثر من مئة عمل كرتوني موجه للأطفال، وساهمت بصوتها في تشكيل وعي ووجدان جيل كامل من المتابعين في العالم العربي. من أبرز الشخصيات التي أدتها صوتياً: مازن في مسلسل "الكابتن ماجد"، وميشو في "ماوكلي"، وموسامي في "هزيم الرعد"، وهاكو في "ناروتو"، وياوي في "إيكوسان". وبهذه الشخصيات، استطاعت أن تضيف بعداً إنسانياً وعاطفياً إلى الرسوم المتحركة، لتصبح جزءاً من ذاكرة الطفولة.

ولم تقتصر مشاركاتها على دبلجة مسلسلات الكرتون، بل امتدت إلى دبلجة العديد من الأعمال السينمائية الأجنبية، حيث كان صوتها حاضراً بقوة في أفلام حازت على اهتمام واسع من الجمهور، مقدمة أداءً تمثيلياً متقناً ساهم في تعزيز جودة النسخ العربية من هذه الأعمال.

في الإذاعة، كانت لفاطمة سعد بصمتها الخاصة أيضاً، فقد شاركت في مجموعة من البرامج الدرامية الطويلة التي عُرضت عبر إذاعة دمشق، وكان أبرزها "حكم العدالة" و"ظواهر مدهشة"، وهما من أشهر الأعمال التي حافظت على شعبيتها لعقود بفضل أصوات وموهبة فنانين من طراز سعد.

تأثر الوسط الفني بالوفاة

وفور إعلان نبأ الوفاة، امتلئت مواقع التواصل الاجتماعي بكلمات النعي من زملاء المهنة، الذين عبّروا عن حزنهم وصدمتهم لرحيلها. الفنان مروان فرحات وصفها بـ"رفيقة الدرب الغالية"، بينما نعتها الفنانة آمال سعد الدين بكلمات مؤثرة عبر إنستغرام قائلة: "العزيزة الراقية الحنونة.. السيدة فاطمة سعد في ذمة الله، الله يرحمك يا حبيبتي".

بينما كتب السيناريست رامي كوسا معبراً عن تأثره ووجعه من فراق الفنانة الراحلة قائلاً: "موجع فقدك.. سأظل أستعيد البدايات كما أستعيد ضحكاتك العريضة التي تملأ الفراغ بهجة، شكراً لأنك كنتِ شريكة في بدايات حلوة".

من جانبه نعاها الفنان أيمن رضا عبر حسابه الرسمي بعد إعلانه لخبر الوفاة، حيث جاء في منشوره: "فاطمة سعد في ذمة الله، الله يرحمها والعزاء لأهلها"، وأضاف الفنان قاسم ملحو: "رحيل المبدعة فاطمة سعد، صاحبة الصوت التمثيلي في دوبلاج الرسوم المتحركة، مثل صوتها رفيق لأجيال كثيرة".

برحيل فاطمة سعد، يُطوى فصل مهم من فصول الأداء الصوتي العربي، حيث فقدت الساحة الفنية صوتاً فريداً مختلفاً شكّل جزءاً من وجدان الجمهور العربي، ورسخ مكانة الأداء الصوتي كفن مستقل يحتاج إلى موهبة حقيقية وحضور داخلي عميق.

فاطمة سعد لم تكن مجرّد مؤدية لأصوات شخصيات كرتونية، بل كانت روحاً تتسلل إلى قلوب الصغار والكبار على حد سواء. صوتها كان يرافق المشاهدين في لحظات الطفولة، ويمنح الرسوم المتحركة عمقاً إنسانياً وشعوراً بالألفة.