في خطوة جديدة ضمن خطة نقابة المهن الموسيقية لحماية الساحة الغنائية من مظاهر التسيب والانحدار، كشف النقيب مصطفى كامل عن تفاصيل قرارات صارمة اتُّخذت مؤخرًا بعد متابعة دقيقة للحفلات الغنائية في القاهرة وعدة محافظات، وبالأخص في منطقة الساحل الشمالي التي تشهد تزايدًا لافتًا في تنظيم الحفلات خلال فصل الصيف.

متابعة سرية وحسم إداري

بحسب ما أكده مصطفى كامل، تولّت النقابة مراقبة كل الحفلات في سرية تامة، بعيدًا عن أي تغطية إعلامية، لرصد أي محتوى مسيء قد يُعاد تقديمه رغم توقيع تعهدات سابقة بمنعه. وأشار النقيب إلى أن اللجنة الفنية بالنقابة راجعت مقاطع مصوّرة جرى تداولها مؤخرًا، ما أسفر عن إثبات مخالفات واضحة من جانب بعض أعضاء شعبة الأداء الصوتي الذين خرقوا التزامات رسمية وقّعوا عليها قبل تولّيه المنصب.

وأوضح كامل أن النقابة أصدرت قرارات شطب نهائي لثلاثة من هؤلاء الأعضاء، بعد التحقق من إعادة بث مقاطع سبق الاتفاق على حذفها ومنع أدائها مرة أخرى. ولفت إلى أن النقابة آثرت عدم الإعلان عن أسماء المشطوبين لتجنّب منحهم أي دعاية أو شهرة مجانية لا يستحقونها.

إجراءات قانونية وتعاون مع المصنفات

لم تتوقف قرارات النقابة عند حدود الشطب، إذ أكد مصطفى كامل أن النقابة كثّفت تنسيقها مع الإدارة العامة للمصنفات الفنية، حيث أُرسلت لها قوائم تضم أسماء المخالفين غير الأعضاء وغير الحاصلين على تصاريح رسمية لمزاولة المهنة. وأوضح أن الإدارة القانونية بالنقابة تلقت تعليمات مباشرة بتحرير محاضر بحق كل من يثبت تورطه في تنظيم أو إحياء حفلات دون سند قانوني.

وأشار النقيب إلى أن التنسيق مع المصنفات يهدف لتفعيل الضبطية القضائية، بما يضمن التعامل مع المخالفات بشكل قانوني رادع، مؤكّدًا أن المرحلة المقبلة ستشهد حملات متابعة أكبر تغطي مختلف المحافظات لضمان التصدي لأي تجاوزات في مهدها.

غرامات مالية وإيقافات مؤقتة

أوضح مصطفى كامل أن النقابة اتخذت في بعض الحالات قرارات بالإيقاف المؤقت بدلاً من الشطب الكامل، معتمدًا على مبدأ التدرّج في العقوبات. وأكد أن النقابة لم تلجأ إلى فرض غرامات مالية في بعض الملفات، لأن الهدف الأساسي ليس تحصيل الأموال بقدر ما هو ردع المخالفات وحماية الذوق العام.

وأضاف أن النقابة لا تحتاج في هذه المرحلة إلى أي موارد إضافية من الغرامات، مشيرًا إلى أن المجلس الحالي استطاع تحقيق استقرار مالي غير مسبوق، وهو ما اعتبره ثمرة لإجراءات تنظيمية وإدارية صارمة عززت موارد النقابة وأغلقت منافذ الهدر المالي.

رسالة إنسانية وسط الحزم

في خطوة وُصفت بالإنسانية، أعلن مصطفى كامل إقامة عزاء رمزي للفنان الشاب الراحل أحمد عامر الذي وافته المنية مؤخرًا، معتبرًا أن هذا العزاء يحمل رسالة رمزية إلى كل من يحرص على احترام المهنة والحفاظ على القيم الفنية.

وشدّد على أن النقابة ستظل تكرّم من التزم بقواعد المهنة، مشيرًا إلى أن أحمد عامر كان نموذجًا للالتزام الفني والأخلاقي بشهادة زملائه. واعتبر هذه اللفتة دعوة صريحة للمخالفين لمراجعة أنفسهم والكف عن تصرفات لا تليق بتاريخ الفن المصري.

تحذير للمنشآت السياحية

في سياق موازٍ، أعلن مصطفى كامل عن توجّه النقابة رسميًا إلى مخاطبة وزارة السياحة وغرفة المنشآت السياحية لاتخاذ موقف حاسم من الأماكن التي تستضيف حفلات مخالفة أو تروّج لأي شكل من أشكال الإسفاف الفني.

وأكد أن أي مكان يثبت تواطؤه في تسهيل المخالفات سيتعرّض لعقوبات صارمة تصل إلى حد منع التعامل معه بالكامل.

التزام بالمهمة دون تراجع

اختتم مصطفى كامل تصريحاته برسالة واضحة أكد فيها أن النقابة لن تتهاون مع أي انحدار يمس الذوق العام أو ينال من سمعة الفن المصري. وجدّد تأكيده أن المنصب لا يضيف إليه بقدر ما يضيف هو إليه بخدمة المهنة وأبنائها، مشددًا على أنه لن يخشى سوى الله، وسيواصل مهمته حتى آخر لحظة.

وبهذه الإجراءات، تفتح نقابة المهن الموسيقية فصلاً جديدًا في مواجهة مظاهر الفوضى، لتؤكد أن التهاون مع الانحطاط لم يعد خيارًا مطروحًا، وأن حماية الساحة الفنية ستظل أولوية لا تراجع عنها.