فن / ليالينا

وداعاً الفنان لطفي لبيب: عبقري الكوميديا الذي جسد أوجاع الحياة ببسمة صادقة

غيب الموت الفنان المصري الكبير لطفي لبيب عن عمر ناهز 78 عاما بعد صراع طويل مع المرض، لتفقد الساحة الفنية واحدا من أكثر نجوم الكوميديا هدوءا وتميزا، وصاحب البصمة الخفيفة التي لا تنسى في المسرح والتلفزيون والسينما.

 بداية متأخرة لرحلة عظيمة

ولد لطفي لبيب في 18 اغسطس 1947 بمحافظة بني سويف، وتخرج في كلية الآداب قسم فلسفة، ثم التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية وتخرج منه عام 1970.

بعد التخرج، التحق بالخدمة العسكرية وشارك في حرب أكتوبر 1973 ضمن صفوف القوات المسلحة المصرية، وهي التجربة التي أثرت فيه إنسانيا وكتب عنها لاحقا في كتابه الكتيبة 26.

ورغم أن مشواره الفني بدأ بعد سن الثلاثين، إلا أن لطفي لبيب استطاع خلال عقود أن يصنع لنفسه مكانة مميزة، وأن يحظى بحب الجمهور واحترام صناع الدراما، متسلحا بموهبة نادرة وهدوء يليق بالكبار.

انطلاقته المتأخرة وأدواره المميزة

كانت بدايات لطفي لبيب الحقيقية على خشبة المسرح، لكنه لم يحقق الشهرة الواسعة إلا بعد دخوله إلى عالم السينما والتلفزيون في أوائل الألفينات. وتميز بقدرته على أداء الأدوار الثانوية المؤثرة حتى تحول إلى ممثل محبوب، لا تخلو أعمال الكوميديا من حضوره ولو بمشهد واحد.

من أبرز أفلامه كان السفارة في العمارة مع عادل إمام، الذي فتح له باب الأدوار الكوميدية التي تحمل طابع الشخصية الجادة، تلاه فيلم كده رضا مع أحمد حلمي الذي قدم فيه دور الطبيب النفسي بطريقة ساخرة. كذلك برز في فيلم الزهايمر مع عادل إمام، وبابا مع أحمد السقا، حيث جسد شخصيات متعددة بمرونة وإقناع. كما شارك في عسل أسود مع أحمد حلمي، وقدم شخصية المسؤول المصري بروح نقدية محببة، بالإضافة إلى ظهوره في أفلام يا أنا يا خالتي، مرجان أحمد مرجان، وصايع بحر، وغيرها من الأعمال التي أكدت حضوره الفني القوي حتى في الأدوار القصيرة.

أما في الدراما التلفزيونية، فقد لمع نجمه في عدد كبير من المسلسلات أبرزها يوميات ونيس، حيث أحب الجمهور شخصيته الهادئة الحكيمة. كما شارك في الميزان، اللهم إني صائم، أبو العروسة، نيلي وشريهان، وربع رومي، وغيرها من الأعمال التي أكسبته احترام الأسر المصرية.

وبعدد كبير من المشاركات المتنوعة، بلغت أعماله الفنية أكثر من 200 عمل بين السينما والدراما والمسرح.

الكوميديا الراقية والهدوء اللافت

لطفي لبيب لم يكن من نوعية الكوميديين الصاخبين أو أصحاب النكات المباشرة، بل تميز بما يمكن وصفه بالكوميديا الهادئة المعتمدة على التكنيك الذكي والانفعالات المضبوطة، والملامح الموحية التي تضحك الجمهور دون جهد مفتعل.

كان يجيد أداء دور الأب، الطبيب، المسؤول الحكومي، الجار أو حتى الشيخ، بروح واحدة هي الإقناع السلس.

المرض والاعتزال التدريجي

في عام 2019 أعلن لطفي لبيب إصابته بجلطة دماغية أثرت على الجانب الأيسر من جسده، ما جعله يبتعد عن التمثيل تدريجيا رغم ظهوره المتقطع في بعض الأعمال.

وفي أكثر من لقاء، أكد أنه نصف ممثل بسبب حالته الصحية التي لم تعد تسمح له بالحركة الطبيعية، وقال مش قادر أشتغل لكن قلبي مع الفن دايما.

وفي 2021 أعلن اعتزاله رسميا موجها رسالة مؤثرة لجمهوره عبر فيها عن امتنانه لكل من دعمه، مؤكدا أن الكاميرا كانت بيته الأول.

التكريمات والتقدير المتأخر

نال لطفي لبيب عدة تكريمات خلال حياته، أبرزها من مهرجان شرم الشيخ السينمائي ومهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، والذي احتفى به في دورة خاصة حملت اسمه عام 2024، واعتبر ذلك من آخر لحظات الأضواء التي حظي بها.

كما أعيد نشر كتاب الكتيبة 26، الذي كتبه عن مشاركته في حرب أكتوبر، وتحول إلى وثيقة إنسانية مهمة تظهر جانبا آخر من شخصيته كمقاتل بسيط يكتب من قلب الجبهة لا من استوديو التصوير.

ردود فعل واسعة على وفاته

فور إعلان وفاته، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي برسائل الحزن والرثاء من جمهور اعتاد ضحكته، ومن زملائه الفنانين الذين وصفوه بالممثل المثالي والمهذب حتى في الكوميديا.

كتب الفنان أحمد حلمي كان أستاذا في البساطة، علمنا أن الضحك ممكن يكون نقيا. وكتبت الفنانة صابرين كانت ضحكته أهدى من السلام، ربنا يرحمه ويجعل مثواه الجنة. وكتب المخرج عمرو سلامة لو كان في مدرسة للكوميديا النظيفة، لطفي لبيب كان هيبقى ناظرها.

رفض تكريم السفارة الإسرائيلية

لطفي لبيب عبر مراراً عن فخره بخدمته في حرب أكتوبر 1973 ضمن كتيبة 26، وتمسكه بوطنه، فأوضح أنه رفض تكريمات إسرائيلية عندما حاولت سفارتها تكريمه بعد دوره كسفير إسرائيلي في فيلم السفارة في العمارة، مؤكداً أن سيناء تمثل بالنسبة له قيمة وطنية لا تقاس.

وعن اعتزاله الفن، شرح أن جلطة دماغية أصابته في عام 2017 أثرت على الجانب الأيسر من جسده، فحدت من قدرته على الحركة والنطق. ولذا أعلن اعتزاله رسمياً عشية جراحة لاستئصال ورم في الحنجرة، مؤكداً أنه لا يرى جدوى من مواصلة التمثيل إذا لم يكن قادراً على تقديمه بالشكل الذي يليق بجمهوره.

 مناشدة الجمهور: احفظوا مكانتي

لطفي لبيب ناشد الجمهور أن يحفظ له مكانته برغم ابتعاده عن ، وقال إنه يؤمن بأن الممثل هو المبدع الثاني بعد الكاتب، وأن الكتابة حالياً أصبحت تعوضه عن الفن. وهو يرى أن العمل الفني رسالة أولاً وأخيراً.

في حديث آخر، رفض مقارنة نفسه بزميله بيومي فؤاد، مشدداً على تفرده وأسلوبه الخاص في الكوميديا، وأوضح أن أعمال محمد سعد لا تقدم رسالة حقيقية للجمهور، واصفاً الكوميديا بلا مضمون بأنها شبيهة بالعشوائيات التي تعكس سلوكاً عشوائياً.

 لماذا تضاعف أجره عن فيلم السفارة في العمارة؟

كما كشف عن أجره مقابل دوره في السفارة في العمارة وكيف تضاعف لاحقاً، وعبّر عن دعمه الكامل لفكرة أن الفن ليس وراثة، وكان يطمح أن تختار بناته مسارهن بعيداً عن التمثيل إذا لم تكن لديهن موهبة أو رغبة.

أخيراً، أكد أنه ظل حتى وفاته يفتخر بالعلاقات الإنسانية التي كونها مع جمهوره، وشكر كل من كرمه أو عبر عن تقديره له، وعبر عن سعادته بوجوده في بيت السينما كفنان بسيط أحب تقديم الكوميديا النظيفة التي تظهر روح الإنسان دون حاجة للإثارة أو الضوضاء.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ليالينا ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ليالينا ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا