كتب : جمال عبد الناصرالأحد، 26 أكتوبر 2025 06:00 م شاهدتُ متأخرًا، وبمحض الصدفة، فيلم "أنف وثلاث عيون" للمخرج أمير رمسيس، لكن ما لم يكن صدفة هو أداء الفنانة نورا شعيشع في دور أمينة، الفتاة المهووسة بالطبيب هاشم الذي جسّده ببراعة ظافر العابدين. منذ ظهورها الأول على الشاشة، خطفت نورا الانتباه بقدرتها على الإمساك بخيوط شخصية بالغة التعقيد، تجمع بين الهوس، والاضطراب النفسي، والضعف الإنساني في آنٍ واحد. شخصية أمينة تُعد من أكثر الشخصيات تركيبًا في الرواية والفيلم على حد سواء، إذ تتطلب أداءً دقيقًا يوازن بين الانفعال والوجع الداخلي، بين الحب المرضي والرغبة في الخلاص. وقد استطاعت نورا أن تقدم كل ذلك بصدقٍ مدهش، وكأنها تعيش تحت جلد الشخصية لا تمثلها، ويتجلى عمق أدائها في " الماستر سين الطويل " خلال الجزء الأول من الفيلم، حين تلتقي بالدكتور هاشم مصادفةً في أحد المطاعم، وكان المشهد اختبارًا حقيقيًا لقدرتها على التشخيص والتعبير، فظهرت فيه بكل انكسارات شخصية " أمينة " ، وتناقضاتها، وجنونها المحبب، بلغة جسد منضبطة ونظرات تنطق بما يفوق الحوار. نورا شعيشع في هذا العمل لم تكن مجرد ممثلة شابة في تجربة جديدة، بل اكتشافًا فنيًا حقيقيًا، قدّمت شخصية صعبة بوعيٍ وحرفية، جعلت من «أمينة» واحدة من أبرز ملامح الفيلم وأكثرها تأثيرًا في ذاكرة المشاهد. نورا شعيشع ليست وجهاً جديداً فحسب، بل فنانة متعددة المواهب؛ فهي راقصة باليه وممثلة مصرية من مواليد الإسكندرية، تمتلك حضوراً آسرًا يجمع بين الرشاقة والانضباط الفني الذي انعكس بوضوح على أدائها التمثيلي. بدأت خطواتها الأولى في التمثيل عام 2019 من خلال مسلسل "زي الشمس" بطولة دينا الشربيني، ثم لفتت الأنظار مجددًا في مسلسل " نمرة اتنين"عام 2020، قبل أن تقدّم واحداً من أهم أدوارها في فيلم " أنف وثلاث عيون"، الذي أكد نضوجها الفني وقدرتها على الغوص في أعماق الشخصية المركّبة. نورا شعيشع تمثل نموذجاً لجيل جديد من الممثلات اللاتي يجمعن بين الحس الجمالي والدراسة والوعي الفني، مما يجعلها واحدة من الأسماء الواعدة في المشهد السينمائي المصري الحديث.