كتب محمد تهامى زكى

تمر اليوم أربع سنوات على رحيل الفنان القدير أحمد خليل، الذي غيّبه الموت في 9 نوفمبر 2021، بعد رحلة فنية امتدت لعقود طويلة، تميّز خلالها بحضور قوي وأداء مفعم بالصدق، جعله أحد أكثر الممثلين قربًا من قلوب الجمهور.

أحمد خليل

لم يكن أحمد خليل مجرد ممثل بارع في تقمّص الشخصيات، بل كان فنانًا مثقفًا وملتزمًا، جمع بين موهبة أكاديمية صقلها بالعمل المتقن، وروح إنسانية جعلت زملاءه ومتابعيه يصفونه دومًا بـ"الأستاذ الهادئ"، تنقل بين المسرح والدراما والسينما بسلاسة، تاركًا بصمات راسخة في كل عمل شارك فيه، من "هوانم جاردن سيتي" و"حديث الصباح والمساء" إلى "حكايتي مع الزمان" و"الأراجوز".

وفي ذكرى وفاته، نستعيد إحدى اللقطات المضيئة من مسيرته، من خلال لقاء قديم جمعه بالإعلامية صفاء أبو السعود، تحدث فيه عن تجربة أثّرت في تكوينه المهني والإنساني وهي لقاؤه الأول بالفنان العالمي عمر الشريف، أثناء مشاركتهما في فيلم الأراجوز.

أحمد خليل في فيلم الأراجوز

روى أحمد خليل تفاصيل تلك التجربة قائلاً: "كنت بشتغل وقتها معاه في فيلم الأراجوز، لكن عمري ما كنت شفته قبل كده، الأستاذ هاني لاشين قالي تعالى أعرّفك على الأستاذ عمر الشريف، لما اتعرفت عليه قالي إنت اللي هتعمل شخصية كسباني، بعدين قاللي ضاحكًا: تعرف.. أنا لو مكنتش بشتغل الأراجوز كنت أتمنى أعمل الدور ده، وبدأ يشرحلي إزاي كان هيقدمه."

عمر الشريف

كانت تلك الكلمات الأولى بين فنانين جمعتهما روح الموهبة الحقيقية رغم اختلاف الجيل والتجربة، إلا أن ما اكتشفه خليل في كواليس العمل تجاوز مجرد إعجاب بقدرات الشريف التمثيلية، ليصبح درسًا عمليًا في الانضباط والاحتراف، قائلا: "أنا بطبيعتي بروح التصوير بدري وعمري ما تأخرت على أوردر وأنا بقالي 40 سنة بمثل، لكن اللي شوفته من عمر الشريف فاجأني.".

وأضاف خليل: "كنت أروح قبل معادي ألاقيه سبقني، لابس الشخصية وقاعد جاهز في الحارة. حصل كده أول يوم وتاني يوم وتالت يوم، فاستغربت جدًا وقلت لنفسي: الراجل ده هيجنني.. إزاي دايمًا يجي قبلي".

عمر الشريف

وتابع خليل: "بعد ما عرفته كويس، اكتشفت إن ده هو الاحتراف الحقيقي، عمر الشريف كان قدوة في الالتزام والتفاني، وعلّمني إن النجومية مش إن الناس تستناك لكن إنك تحترم شغلك ووقت غيرك، زمان كان في ناس فاكرة إن النجومية معناها تيجي متأخر والناس تستناك، لكن دلوقتي الوضع اتغير، واللي كان بيعمل كده زمان للأسف قاعد في بيته."

أحمد خليل وليلى علوي

بهذه الروح البسيطة والشفافة، ظل أحمد خليل نموذجًا للفنان الذي احترم موهبته واحترم جمهوره، كان يرى في كل عمل فرصة لتقديم رسالة وفي كل تجربة درسًا جديدًا، رحل جسد أحمد خليل، لكن بقيت أعماله شاهدة على مشواره، وبقيت كلماته عن عمر الشريف وزملائه الآخرين درسًا خالدًا في الاحتراف والنجومية الحقيقية.

الفنان أحمد خليل