د. أحمد رشاد *
يشكّل التعديل الذي قامت به حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة على قانون التملك الكامل للشركات من قبل المستثمرين الأجانب خطوة مهمة نحو تحفيز النمو الاقتصادي، وجذب الاستثمار الأجنبي؛ حيث يُسمح الآن للمستثمرين الأجانب بتأسيس وتملّك الشركات بنسبة 100٪ داخل الإمارات، ما يعتبر تحولاً هاماً بالنسبة إلى تنافسية بيئة الأعمال في الدولة.
ورغم أهمية هذا التعديل على بيئة الأعمال، ما زالت الدارسات الأكاديمية المتاحة التي تناولت هذا الموضوع وأثره محدودة جداً. وفي دارسة قدمتها في المؤتمر التاسع والعشرين لمنتدى البحوث الاقتصادية، تناولت فيها نتائج تحرير القانون على عدد الرخص التجارية الجديدة الصادرة في دبي قبل وبعد القانون، بالمقارنة مع الرخص التي لم يطبقها عليها القانون أيضاً قبل وبعد تنفيذ القانون.
من الجانب النظري هناك جوانب عدة مهمة قد يسهم القانون في تحسينها، ويفسر النتائج الإيجابية للدارسة؛ إذ يسهم في تعزيز بيئة الأعمال التجارية من خلال تقليل القيود والحواجز، ما يشجع على الابتكار، ويزيد من فرص النمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل ويُتوقع أن يؤدي التعديل إلى زيادة في حجم الأعمال التجارية وتأسيس الشركات، نتيجة لتسهيل إنجاز خدمات ومعاملات المستثمرين، وتبسيط الإجراءات عليهم.
إضافة إلى ذلك، يؤثر التعديل في تكاليف تسيير الأعمال التجارية بشكل إيجابي، حيث يتيح للمستثمرين توظيف الموارد بكفاءة أكبر وتوفير فرص عمل جديدة.
ومن الملاحظ أن هذا الإصلاح الهيكلي قد أسفر عن زيادة كبيرة في عدد الرخص التجارية الجديدة، بالمقارنة مع الرخص التي لم يسرِ عليها القانون خلال فترة الدارسة نفسها، ما يؤكد أهمية هذا التعديل في تعزيز بيئة الأعمال في الدولة، وترسيخ مكانتها كوجهة استثمارية مفضلة على الصعيدين، الإقليمي والدولي.
وإضافة إلى ذلك، يجدر بنا أن نلقي نظرة على الآثار المحتملة لهذا التعديل في الاقتصاد الإماراتي، وفي مدى جاذبيته للاستثمار الأجنبي في المستقبل.
تعتبر هذه الخطوة إشارة إيجابية للمستثمرين الأجانب، حيث تُظهر التزام الحكومة بتعزيز مناخ الأعمال، وجاذبية السوق الإماراتي، وتحسين البيئة التشريعية والتنظيمية؛ إذ يُتوقع أن يسهم هذا التحول في زيادة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وبالتالي تعزيز النمو والتنويع الاقتصادي.
علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي هذا التعديل إلى تعزيز المنافسة في السوق المحلية، حيث يُمكن للشركات المملوكة بالكامل من قبل مستثمرين أجانب تقديم خدماتها بشكل أكثر فعالية وتقديم منتجات جديدة، وابتكارات تلبي احتياجات الجمهور. إن هذا التنافس يمكن أن يحفز الشركات المحلية على رفع مستوى جودة منتجاتها وخدماتها، وتحسين كفاءتها، ما يعود بالفائدة على المستهلكين، ويعزز تنافسية الاقتصاد المحلي.
ومن الجدير بالذكر، أن هذا التعديل يُظهر استجابة حكومة الإمارات لتحديات الاقتصاد العالمي وتطلعات المستثمرين الأجانب، ما يُعزز صورة الإمارات كوجهة وثقة المستثمرين بها. ومع استمرار تحسين بيئة الأعمال وزيادة الجاذبية للاستثمار الأجنبي، يمكن توقع المزيد من التطور الاقتصادي والازدهار في الإمارات في السنوات القادمة.
وإضافة إلى ذلك، يمكن أن يُعزز هذا التعديل الجديد على قانون الملكية جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاعات محددة مثل التكنولوجيا والابتكار، حيث يمكن للشركات الأجنبية أن تجد في الإمارات بيئة مناسبة لتطوير وتقديم حلولها وخدماتها الرقمية. وبما أن الابتكار والتكنولوجيا يُعتبران من محركات النمو الاقتصادي في العصر الرقمي، فإن زيادة استثمارات الشركات الأجنبية في هذه القطاعات يمكن أن تسهم في تعزيز النمو الاقتصادي للإمارات، وتحقيق التنمية المستدامة.
وبما أن الثقة هي عنصر أساسي في جاذبية أي سوق استثمارية، فإن تحسين البيئة التنظيمية، وتقديم الضمانات للمستثمرين، يمكن أن يعزز من ثقتهم بالسوق الإماراتية، ويجعلها خياراً مفضلاً للاستثمار.
كما يمكن أن يعزز هذا التعديل العلاقات التجارية بين دولة الإمارات، ودول العالم، حيث يمكن للشركات الأجنبية الآن الاستفادة من البنية التحتية المتطورة، والقوى العاملة الماهرة في الإمارات لتوسيع نطاق عملياتها على المستوى العالمي، ما يسهم في تعزيز التجارة الدولية، وتبادل الخبرات والمعارف.
ختاماً، فإن مع توافر البيانات على مدى زمني أطول، من الممكن في الدارسات القادمة أن تتناول أثر هذا التحسن في البيئة التنظيمية للأعمال في البيئة الاقتصادية، على المديين، المتوسط والطويل، مع التوسع في فهم أثر التعديل في عدد أكبر من المتغيرات الاقتصادية مثل فرص العمل وربحية الشركات، وغيرها من المتغيرات الاقتصادية المهمة.
* أستاذ مساعد في إدارة الشؤون الأكاديمية في أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.