أندي هوم*
أحدث إعلان الصين نيتها إنهاء التخفيضات الضريبية على صادرات منتجات الألمنيوم شبه المصنعة حالة من الفوضى في السوق مؤخراً، وقد يكون لذلك عواقب وخيمة طويلة الأجل على سلسلة توريد المعدن العالمية.
وانخفض سعر المعدن في شنغهاي وارتفع في لندن، مع أخذ المتداولين في الاعتبار الخسارة السنوية المحتملة لأكثر من 5 ملايين طن متري من المنتجات الصينية في السوق الدولية. وهذا هو السيناريو الأسوأ وقد يتبين أن الواقع أقل دراماتيكية، اعتماداً على كيفية تعامل معالجات الألمنيوم الصينية مع ما يعده كثيرون خسارة للدخل الحيوي.
ويُطبق إلغاء وزارة المالية لاسترداد ضريبة القيمة المضافة بنسبة 13% اعتباراً من 1 ديسمبر/كانون الأول أيضاً على صادرات منتجات النحاس أيضاً. وشحنات الصين من منتجات النحاس ليست ضئيلة، إذ تبلغ نحو 700 ألف طن سنوياً، ولكن أحجام الألمنيوم على نطاق مختلف تماماً.
وبلغ إجمالي صادرات البلاد من المنتجات شبه المصنعة مثل القضبان والصفائح والأنابيب 5.2 مليون طن في عام 2023. وستكون أعلى من ذلك هذا العام.
كما نمت الشحنات الصادرة بنسبة 17% في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024. كل هذه الكمية تقريباً مؤهلة لاسترداد ضريبة القيمة المضافة، التي تعمل كشريان حياة مالي للكثير من مصنعي المنتجات الأصغر حجماً في سوق تنافسية شرسة. وسيكون هناك اندفاع متوقع للتصدير قبل الموعد النهائي في الأول من ديسمبر، ولا شك أن المعالجات القادرة ستسعى إلى تمرير بعض التكاليف إلى المشترين الدوليين.
وكان رد فعل السوق هو فتح نافذة التحكيم المالي لتسهيل استمرار تدفقات منتجات الألمنيوم من الشرق إلى الغرب. والنتيجة الأكثر ترجيحاً هي انخفاض حاد في أحجام الصادرات العام المقبل يتبعه بعض الاستقرار، حيث يتكيف المصدرون مع الواقع المالي الجديد. وهذا ما حدث لصادرات الفولاذ المغلف بطبقة واقية من الزنك على سطحه الخارجي، بعد أن ألغت السلطات الخصم الضريبي على الألواح والصفائح في عام 2020. ومع ذلك، فإن الكثير سيعتمد على قدرة المعالجات الصينية على العمل بدون شريان الحياة لضريبة القيمة المضافة.
ووفقاً لمركز الأبحاث «إيه زد غلوبال»، يعاني قطاع معالجة الألمنيوم في الصين فائض الطاقة، مع معدلات استخدام تقل عادة عن 65% وتصل إلى 40% في بعض القطاعات. ما يعني أن الجميع عرضة للتوترات العالمية في القطاع، فلماذا سحبت الصين الزناد الضريبي؟ ولماذا الآن؟
يبدو أن القرار مدفوع باعتبارات دولية ومحلية.
فلطالما كانت صادرات الصين من منتجات الألمنيوم نقطة توتر مع شركاء التجارة الغربيين، الذين اتهموا البلاد بالإعانات غير العادلة والممارسات التجارية الضارة. وقد يكون إلغاء معزز الصادرات الضريبية تنازلاً استباقياً في وقت ترتفع فيه الحرارة الدبلوماسية.
وكانت الصين قد دخلت في محادثات مع الاتحاد الأوروبي بشأن فرض الاتحاد رسوماً جمركية تصل إلى 45% على الصادرات الصينية من المركبات الكهربائية مع حرص الجانبين على تجنب حرب تجارية أوسع نطاقاً. وفي الوقت نفسه، فإن قدوم إدارة أمريكية جديدة من شأنه زيادة مشاكل التعريفات الجمركية للصين، في ضوء تهديد دونالد ترامب بفرض رسوم تصل إلى 60% على جميع المنتجات الصينية التي تدخل الولايات المتحدة.
ومن الجدير بالذكر أن إعلان يوم الجمعة تضمن أيضاً خفضاً في استرداد ضريبة القيمة المضافة لكل من الخلايا الكهروضوئية والبطاريات، وهما مصدران رئيسيان آخران للتوتر التجاري الدولي. في وقت قد يؤدي فيه خفض صادرات منتجات الألمنيوم أيضاً إلى معالجة التوتر الأساسي في سلسلة التوريد المحلية في الصين، التي تحتاج إلى المزيد من الألمنيوم، وهو المعدن المرتبط ارتباطاً وثيقا بثورة الطاقة النظيفة، في شكل مواد تغليف للألواح الشمسية وهياكل المركبات الكهربائية.
إن الطلب المتزايد والإنتاج الثابت يعنيان توازناً محلياً أكثر إحكاماً ما دام يتم شحن خمسة ملايين طن من المنتج إلى الخارج. وتحفيز القطاع لبقاء هذه المادة في الداخل هو إحدى الطرق لضمان الاكتفاء الذاتي على مدى السنوات القادمة، وهو هدف رئيسي لصناع السياسات الصينيين في جميع مجالات السلع الأساسية.
قد لا يكون التأثير قصير الأجل لإزالة التخفيض الضريبي سيئاً كما تخشى السوق، ولكنه يمثل خطوة كبيرة أخرى في تفتيت ما كان حتى وقت قريب سوقاً «معولمة».
بدورها، أقامت الولايات المتحدة حواجز تجارية أعلى من أي وقت مضى على الألمنيوم الصيني، وأحدثها في شكل تعريفة جمركية بنسبة 25% على الواردات. وقد فعلت كندا الشيء نفسه.
كما يجب أن تأتي الشحنات المكسيكية إلى الولايات المتحدة الآن مع دليل على أنها لم يتم تصنيعها من معدن صيني.
وفرض الاتحاد الأوروبي تعريفات جمركية كذلك على بعض منتجات الألمنيوم الصينية، ومن المتوقع أن يضع عقبة أكبر في شكل آلية تعديل حدود الكربون في الاتحاد. ولا شك أن تحرك الصين للحد من الصادرات يزيد من الشعور بأن سوق الألمنيوم العالمية تنقسم إلى أسواق إقليمية مميزة تحددها الحواجز التجارية.
ربما تكون المصاهر الغربية، التي أغلقت الكثير منها أبوابها بسبب انخفاض الأسعار، من بين الفائزين في نهاية المطاف من انخفاض الصادرات الصينية. ولكن إلى أي مدى سيعود هذا بالفائدة على المشغلين المحليين في الصين نتيجة للتعديلات التي أجرتها وزارة المالية على قانونها الضريبي.
* كاتب متخصص في أسواق المعادن الصناعية (رويترز)
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.