مايكل سبنس*
رغم البيانات الرسمية والتقارير الإعلامية التي تسلط الضوء على قوة الإنفاق الاستهلاكي وسوق العمل في الولايات المتحدة، أو تروّج لارتفاع تقييمات سوق الأسهم، فإن أكثر من ثلاثة أرباع الأمريكيين ينظرون إلى الأوضاع الاقتصادية على أنها سيئة (36%) أو متوسطة (41%).
وهذا التناقض بين الأداء الاقتصادي العام والتصور الشعبي له قد تكون له تداعيات واسعة النطاق، وهو بالفعل أسهم في فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية.
وفي الاقتصادات المعقدة والمتخصصة، يعتمد الأفراد على «وسطاء معلومات» لسد الفجوات المعرفية، بما في ذلك الإعلام التقليدي، والحكومة، والخبراء مثل العلماء. ومع ذلك، فإن الثقة في هذه المؤسسات آخذة في الانخفاض بشكل حاد في الولايات المتحدة.
ووفقًا لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة «غالوب» في عام 2023، فإن الثقة في المؤسسات الإعلامية مثل الصحف والتلفزيون الإخباري، وفي الحكومة، وصلت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق:
* 18% فقط يثقون في الصحف.
* 14% يثقون في الأخبار التلفزيونية.
* 8% يثقون في الكونغرس.
ورغم أن العلماء يتمتعون بمستوى ثقة أعلى (76%)، فإن نسبة الأمريكيين المتشككين بشدة آخذة في النمو، لاسيما بين الجمهوريين.
وأحد أسباب عدم الثقة هو الفجوة بين الروايات الإعلامية المتفائلة حول أداء الاقتصاد والواقع المعيشي للكثيرين. تشير بيانات توزيع الدخل إلى التحديات التي تواجه الأسر الأمريكية:
* الأزمة المالية العالمية 2008 ألحقت ضرراً كبيراً بثروات النصف الأدنى من الأسر الأمريكية، حيث انخفضت حصتهم من صافي الثروة الإجمالية إلى 0.7% فقط في عام 2010.
* رغم بعض الانتعاش، فإن جائحة «كوفيد-19» والتضخم المتصاعد، وما تبعه من رفع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، أدت إلى موجات جديدة من التحديات.
وبلغ إجمالي الثروة الأسرية في الولايات المتحدة حالياً 154 تريليون دولار، في حين أن النصف الأدنى من الأسر يمتلك فقط 2.5% من هذه الثروة، أي ما يعادل 58,000 دولار في المتوسط لكل أسرة من حوالي 66 مليون أسرة. وفي المقابل، تمتلك أعلى 10% من الأسر ثلثي الثروة الإجمالية.
وهذا التفاوت يجعل من السهل فهم سبب عدم ثقة الأمريكيين في السرديات الاقتصادية المتفائلة التي لا تعكس واقعهم.
وفي ظل تراجع الثقة في المؤسسات التقليدية، أصبحت وسائل الإعلام الرقمية ومنصات التواصل الاجتماعي مصادر رئيسية للمعلومات. ولكن هذه الوسائل، رغم تسهيلها الوصول إلى كم هائل من المعلومات، تعقد الأمور بسبب انتشار المصادر غير الموثوقة.
وتُظهر الأبحاث أن منصات مثل فيسبوك وتيك توك أصبحت آليات قوية لتشكيل المجموعات. وتؤدي هذه المجموعات إلى تعزيز التحيز التأكيدي، حيث يبحث الأفراد عن معلومات تتماشى مع معتقداتهم السابقة.
وهذا الانقسام في التصورات يجعل من الصعب تحقيق إجماع حول السياسات الاقتصادية. ستظل التحديات القائمة، بما في ذلك التفاوت الكبير في الثروة، وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية والتعليم، تعقد الأمور.
*حائز جائزة نوبل في الاقتصاد، وعميد سابق لكلية الدراسات العليا للأعمال في جامعة ستانفورد.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.