اقتصاد / صحيفة الخليج

التضخم والأزمات المصرفية

د. لويس حبيقة *

دولتان آسيويتان تؤثران بقوة في الاقتصاد العالمي. كما كان لليابان تأثيراتها النقدية الكبيرة في القرن الماضي، من الممكن أن يكون للصين تأثير نقدي واضح في العقود القادمة. هنالك مشكلتان نقديتان أساسيتان اليوم هما، التضخم والأوضاع المصرفية أصيبت بهما مؤخراً، أولا كاليفورنيا، ثم كل العالم، فاهتزت ثقة المودع العالمي.
في التضخم، تتسابق المصارف المركزية في إعلان نيتها الفوائد لتشجيع الاقتراض والنمو. لا يثق المجتمع المالي بأن المصارف المركزية سيطرت فعلاً على التضخم، وبالتالي هنالك قلق مستمر في أوساط المنتجين وتجمعات المستهلكين عالمياً بشأن الفوائد والأسعار. تشير الوقائع إلى أن نمو التكتلات النقدية في الاقتصادات الغربية خف، وبالتالي انحدر الضغط على الأسعار. تشير مؤشرات التوقعات التضخمية إلى انخفاض وهذا مهم. أما أوضاع الاقتصاد الصيني، فهي غير تضخمية ما يؤثر إيجاباً في الاستقرار الاقتصادي العالمي.
لا يمكن اعتبار المشكلة المصرفية مشكلة نقدية فقط لأن للعمل المصرفي أبعاداً اجتماعية واقتصادية وحتى سياسية. إلا أن المصارف تبقى مؤسسات نقدية أولاً، إذ تشكل مركزاً للودائع والقروض التي تتأثر كثيراً بالفوائد المقررة من قبل المصارف المركزية. حصلت أزمات مصرفية كبرى سابقاً كل 15 سنة تقريباً، أسبابها عموماً التهور وخاصة عدم التوازن بين جانبي الميزانيات. في آخر أزمة بدأت في كاليفورنيا وامتدت عالمياً كان الخلل واضحاً، أي ودائع غير مضمونة واستثمارات مصرفية في السندات تدنت قيمتها مع بدء رفع الفوائد من قبل المصرف الفيدرالي. النتيجة إفلاسات سارعت الإدارة الأمريكية إلى ضمان كل الودائع منعاً لامتداد السقوط إلى كل المصارف الأمريكية.
لا تتحقق الأزمات المصرفية من تلقاء نفسها إنما هنالك دائماً مجموعة من الأخطاء تقوم بها 4 جهات أي الإدارة، الزبائن، المراقبون والسياسات الاقتصادية العامة التي تقررها أجهزة الدولة. بين الأجهزة العامة تقع المصارف المركزية التي خسرت مؤخراً من مصداقيتها بسبب السياسات الخاطئة أو المتأخرة، كما بسبب سوء مخاطبة الأسواق. يقول بعض الخبراء المصرفيين إن المصارف العامة انتهت، ولا بد من تغيير المواصفات المصرفية باتجاه التخصص. قال «يانيس فاروفاكيس» المالية اليوناني الأسبق إن الأزمات المصرفية تحصل دورياً، إلا أن الأخيرة في كاليفورنيا كانت منتظرة بسبب تحرك المصرف المركزي بشكل خاطئ. كان أمام المصرف الفيدرالي أن يختار بين محاربة التضخم عبر تخفيف الكتلة النقدية أو إنقاذ المصارف المتعثرة عبر زيادة السيولة في الأسواق. اختار تخفيف الكتلة النقدية ما ساهم في التعثر الإضافي للمصارف. لذا يقول فاروفاكيس إن النظام المصرفي العالمي الحالي غير قابل للحياة، والأزمات ستتكرر لتطيح بالودائع وبربحية الاستثمارات.
مع بدء عهد ترامب الثاني، ستكون هنالك تغييرات مهمة في الأسواق. سيتعزز موقع «البيتكوين» كما بقية العملات الرقمية وستزداد مخاطر الأسواق بسبب الأجواء العامة المختلفة. من الممكن أن تتأثر استقلالية المصرف المركزي إذ ربما تحاول الإدارة الجديدة التأثير في اتجاه الفوائد وهذا يعتبر من الصلاحيات الحصرية للمصرف المركزي.
* كاتب لبناني

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا