- على غرار سائر البنى التحتية الحيوية، تُعد الموانئ، البالغ عددها 17,000 ميناء حول العالم، جزءًا لا يتجزأ من منظومات أوسع نطاقًا تشمل الأبعاد الاجتماعية والتقنية والمادية، وتضطلع بدور محوري في تيسير حركة السلع والأفراد والخدمات.
- تتراوح هذه البوابات البحرية بين مراكز تجارية مكتظة تعج بالحاويات والبضائع ومحطات استقبال الركاب ومرافئ الصيد، وتكتسب جميعها أهمية حيوية للاقتصاد العالمي.
- إذ تمر عبر الموانئ ما يقرب من 80% من حجم التجارة العالمية، مما يؤكد دورها الجوهري في التجارة الدولية والنمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
- ومع استمرار تطور حركة التجارة العالمية، تواجه موانئ المستقبل معادلة دقيقة تتطلب الموازنة بين تعزيز الأهداف الاقتصادية والحفاظ على مستقبل كوكب الأرض.
- فمن خلال تضافر الجهود بين الشركات العاملة في هذا القطاع والموردين والعملاء والصناعات الأخرى والجهات التنظيمية والمجتمع المدني والمجتمعات المحلية، يمكن لقطاع الموانئ تبني تحول جذري يتماشى مع الأهداف العالمية للتنوع البيولوجي، بما يضمن مستقبلًا مستدامًا للأعمال والكوكب على حد سواء.
مواجهة آثار تغير المناخ
- بات من المُسلّم به أن الموانئ تتعرض لضغوط جسيمة جراء التغيرات المناخية؛ فارتفاع درجات الحرارة، ومنسوب سطح البحر، وازدياد وتيرة الظواهر الجوية الحادة، كلها عوامل ستؤدي تدريجيًا إلى الكشف عن مواطن الضعف في أنظمتنا للبنية التحتية.
- تُعد الموانئ – لا سيما في الدول الجزرية الصغيرة النامية– الأكثر عرضة لتلك التغيرات بشكل خاص؛ نظرًا لموقعها المتاخم لليابسة والبحار.
- وتشير تقديرات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى أنه إذا استمرت الاتجاهات المتوقعة الحالية، فإن منسوب سطح البحر سيرتفع بمقدار يتراوح بين 29 و51 سنتيمترًا بحلول عام 2100.
- ووفقًا لأحد السيناريوهات التي جرى تطويرها في تقرير "الاتجاهات البحرية العالمية 2050"، الصادر عن مؤسسة "إيكونوميست إمباكت"؛ يُقدر التقرير أنه في ظل غياب تدخل جوهري، فإن ارتفاع منسوب سطح البحر بمقدار 40 سنتيمترًا قد يؤدي إلى توقف موانئ حيوية مثل هيوستن وشنغهاي ولازارو كارديناس عن العمل بشكل كامل.
- ولمواجهة هذه التحديات الناشئة، يصبح من الضروري إحداث تحول جذري في المناهج الحالية لإدارة الموانئ وعملياتها، بهدف إرساء ثقافة ترسخ مبادئ حماية النظم البيئية الطبيعية على نطاق واسع.
- يتطلب تجاوز هذه المعضلات ضخّ استثمارات ضخمة في البنية التحتية البرية، مثل شبكات الطاقة والمجمعات الصناعية ومرافق تزويد السفن بالوقود في الموانئ.
- ومن شأن هذه الأنظمة أن توفر وقود المستقبل اللازم لعمليات الشحن، مع ضمان التكامل السلس مع القطاعات الأخرى ذات الصلة.
- وتمثل هذه الاستثمارات فرصة فريدة للدفع بوتيرة التحول الأوسع في مجال الطاقة، وتحقيق مكاسب اجتماعية وبيئية جمة.
- وسوف يضطلع هذا التحول نحو موانئ أكثر صداقة للبيئة بدور محوري في تحقيق أهداف المناخ العالمية، بما في ذلك دعوة اتفاق باريس إلى الحد من انبعاثات الكربون.
تقديم حلول لمستقبل أكثر اخضرارًا
- مع استمرار تزايد الطلب على البنية التحتية للموانئ، تلوح في الأفق فرصة سانحة لإنشاء موانئ لا تقتصر مزاياها على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية فحسب، بل تتعداها لتصبح "إيجابية التأثير على الطبيعة".
- فمن خلال دمج مبادئ التصميم الأخضر، واستعادة النظم الإيكولوجية المتضررة، والاستثمار في الحلول القائمة على الطبيعة، يمكن للموانئ أن تضطلع بدور الوصي الأمين على كل من الصحة الاقتصادية والبيئية.
- ومن ثمَّ، يمكنها أن تصبح لاعبًا رئيسيًا في الجهود الأوسع نطاقًا الرامية إلى حماية الطبيعة واستعادتها، والمساهمة في تعزيز مرونة البيئة المحلية وسلسلة التوريد العالمية.
- بادرت بعض الموانئ الرائدة إلى اتخاذ إجراءات فعّالة للحد من تأثيرها البيئي؛ فعلى سبيل المثال، أصدر ميناء داروين في أستراليا حزمة من الخطط الشاملة لحماية البيئة، بما في ذلك خطة للإدارة البيئية وتوقعات بيئية دنيا، بهدف تقليل تأثير السفن القادمة على النظم الإيكولوجية المحلية.
- سلط تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي بعنوان "إيجابية التأثير على الطبيعة: دور الموانئ" الضوء على أنه مع تطوير الموانئ القائمة وإنشاء موانئ جديدة، تتوفر فرصة لتبني نهج أكثر منهجية في تخطيط وإدارة تأثيراتها البيئية.
- فمن خلال أخذ التداعيات البيئية الأوسع نطاقًا في الاعتبار، بما في ذلك فقدان التنوع الطبيعي، يمكن للموانئ تحقيق توازن دقيق بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.
تعزيز المجتمعات، ورعاية النمو المحلي
- لا تقتصر أهمية الموانئ على كونها محركات اقتصادية فحسب، بل تتعدى ذلك لتشكل جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي للمجتمعات التي تخدمها، وعصبًا حيويًا للاقتصادات المحلية، ومصدرًا رئيسيًا لفرص العمل، ودعامة أساسية للصناعات المحلية.
- ويتطلب تطوير أنظمة موانئ مستدامة ومرنة ومتكاملة دمج المفاهيم والممارسات الصديقة للبيئة في صميم عمليات الموانئ وإدارتها.
- ومن الأهمية بمكان تدريب العاملين في الموانئ على ممارسات الاستدامة وحماية البيئة والسلامة، بما يكفل تعزيز المبادرات الخضراء داخل البيئات المينائية.
- وتشير إحدى الدراسات إلى أن سوق البنية التحتية للموانئ العالمية سيشهد نموًا ملحوظًا من 164 مليار دولار في عام 2023 إلى 278 مليار دولار بحلول عام 2032.
- كما أن الطلب المتزايد على البنية التحتية المستدامة للموانئ، جنبًا إلى جنب مع التدفق المتوقع لمشاريع الموانئ العالمية، الذي يقدر بنحو 500 مليار دولار في أوائل عام 2024، يشير إلى الإمكانات الهائلة للموانئ الخضراء في تلبية احتياجات أسطول عالمي خالٍ من الكربون وسلاسل توريد أكثر مرونة.
- ومع خضوع الموانئ لهذا التحول المحوري نحو مزيد من الاستدامة، يتعين عليها ضمان أن يعود هذا التحول بالنفع على العمال والمجتمعات المحلية على حد سواء.
- فالاستثمارات في التقنيات الخضراء والطاقة المتجددة والأتمتة لن تسهم فقط في تقليل البصمة البيئية للموانئ، بل يمكنها أيضًا خلق فرص عمل جديدة وتعزيز الرفاهية الاجتماعية للعاملين في هذا القطاع.
مستقبل إيجابي تجاه الطبيعة
- في الوقت الذي تسعى فيه البلدان في مختلف أنحاء العالم إلى تنمية اقتصاداتها بما يدعم مواطنيها على نحو لا يضر بالبيئة، تتاح للموانئ فرصة ذهبية للتكيف مع التحديات التي يفرضها تغير المناخ والحاجة الملحة إلى تبني طرق تجارية أكثر اخضرارًا وكفاءة.
- وسيكون الاستثمار في التقنيات الحديثة والوقود البديل والبنية التحتية المستدامة أمرًا بالغ الأهمية لإنجاح هذا التحول.
- وعلاوة على ذلك، فمن خلال تبني نهج إيجابي تجاه الطبيعة في تطوير الموانئ، مع التركيز على إيجاد مساحات تنسجم مع الطبيعة وتحمي التنوع البيولوجي وتعود بالنفع على المجتمعات المحلية، يمكن للموانئ أن تصبح نموذجًا يحتذى للنمو الاقتصادي المستدام والرعاية البيئية المسؤولة.
المصدر: المنتدى الاقتصادي العالمي
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.