اقتصاد / صحيفة الخليج

بين الشفافية والمساءلة الأمريكية

إريك غريغوري *

في محاولة يائسة لحماية وزارة الخزانة الأمريكية من تدخل فريق التحقيقات الجنائية التابع لوزارة الكفاءة الحكومية، تتعالى أصوات الديمقراطيين ومعظم وسائل الإعلام بأن إيلون ماسك غير منتخب، وبالتالي ليس له الحق في مراجعة حسابات مصلحة الضرائب الداخلية المتحزبة بشدة، والتي تفوح منها رائحة الفساد.
نعم، إيلون ماسك غير منتخب. وبمنطق الديمقراطيين، فإن المشرفين على مصلحة الضرائب وغيرهم من موظفي وزارة الخزانة غير منتخبين أيضاً. لذا بأيّ حق يتحكمون بأموال ملايين الأمريكيين، ويسرّبون الإقرارات الضريبية الخاصة للمواطنين المحافظين غير المفضلين بالنسبة لبعض وسائل الإعلام، ويفرضون عمليات تدقيق وعقوبات بشكل غير متناسب على الجمهوريين؟
إن وزارة الكفاءة الحكومية هي التصحيح والموازنة لكيفية عمل وزارة الخزانة. وعندما تختفي تريليونات الدولارات بشكل روتيني وبرعاية حكومية، فإن الأموال لا تختفي ببساطة في سديم أو ثقب أسود، بل تذهب إلى حسابات الأشخاص المصرفية. ولهذا السبب فإن المصطلحات الرنانة مثل «الإهدار والاحتيال والإساءة» هي أوصاف غير كافية تماماً للحالة الراهنة.
وسيكون الأمر مختلفاً لو تمكّنت الحكومة الأمريكية من تنظيم الأمور أكثر، أو لو كانت الوكالات والبرامج الحكومية المثيرة للشكوك مجرد أشياء غريبة غير ضرورية ولا مكلفة، مثل الزائدة الدودية في جسم الإنسان.
ومع ذلك، انظر إلى مقاييس الأداء والمالية الخاصة بإدارة المركبات، وشركة السكك الحديدية «أمتراك»، وإدارة الضمان الاجتماعي، والوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ، ووزارة التعليم، وبرنامج الرعاية الطبية، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وغيرها الكثير، كل الوكالات والبرامج الحكومية تعمل في المقام الأول كأوراق تين لإخفاء الفساد، وسرقة أموال دافعي الضرائب من قِبَل البعض.
في ظل وجود تريليونات الدولارات من الضرائب المخصصة كصندوق ضخم لتمويل المسؤولين الحكوميين، فليس من المستغرب أن ترغب المنظمات غير الحكومية والمقاولون الحكوميون المتحالفون سياسياً في المشاركة في هذا الهراء.
فالعديد من هذه المنظمات والمؤسسات، التي تتفيأ بمظلة أشخاص كالسياسي الليبرالي الثري جورج سوروس، والملياردير بيل غيتس، تتغذى على أموال دافعي الضرائب، في حين تتعاون مع الحكومة لدفع المبادرات اليسارية المتطرفة التي لم يوافق عليها الناخبون قط. كما أنها في كثير من الحالات تنتهك القانون الفيدرالي، مثلما هو الحال مع الترويج للهجرة غير الشرعية وتسهيلها.
وحتى الجمعيات الخيرية تتعاون مع الحكومة، حيث لا يوجد فصل على ما يبدو بينها وبين الدولة، فكلتاهما تتقاسمان أموال دافعي الضرائب لتسريع الهجرة غير الشرعية وزيادة إثراء أنفسهما في هذه العملية.
بالإضافة إلى ذلك، تنضم وسائل إعلام رئيسية، مثل «بوليتيكو»، و«بي بي إس»، و«نيويورك تايمز»، وغيرها، إلى الاحتيال والثراء المنظم من مقدرات دافعي الضرائب، من خلال ضخ وابل من الحملات التحريضية التقدمية التي لا نهاية لها.
إن الحكومة والمنظمات غير الحكومية التابعة لها تطالب دوماً وتتلقى كميات هائلة من الأموال، من أجل دعم المجمع الصناعي للمشردين، والمجمع الصناعي للرعاية الاجتماعية، وآخر للمهاجرين غير الشرعيين، وللتنوع والإنصاف، والمجمع الصناعي لتغير المناخ، وما إلى ذلك.
وكما قال عالم الفلك الراحل كارل ساغان: «مليارات ومليارات من الدولارات المختلسة». وفي دفاتر المحاسبة، يمكنهم شطب الخسائر بوصفها نفقات عامة، أو متنوعة، أو، كما وجدت وزارة الكفاءة الحكومية، ترك حقل رمز حساب الخزانة فارغاً تماماً في ورقة النفقات.
يعلم البيروقراطيون وغيرهم من المسؤولين الحكوميين أنهم يواجهون القليل من الرقابة أو لا يواجهون أي خطر قانوني، وبالتالي يشعرون بحرية في استغلال ما يحلو لهم. كما أن الموظفين الفيدراليين من الدرجة 10 إلى الدرجة 15، على وجه الخصوص، لديهم صافي ثروة أعلى بكثير مما ينبغي، قياساً إلى رواتبهم.
ونتمنى أن تكون هناك محاسبة خاصة لأولئك الذين ينهبون مقدرات دافعي الضرائب المجتهدين، ويسرقون من العمال المنتجين الفعليين وقتهم وعملهم وأموالهم، ويختطفون مستقبل أطفالهم وأحفادهم المالي. ونتوقع أيضاً، أو نأمل، أن يكون هناك دعم كامل من الحزبين للمهمة النبيلة وغير المسبوقة التي تقوم بها وزارة الكفاءة الحكومية.
ومع ذلك، تظهر استطلاعات الرأي أن ما يقرب من نصف الناخبين في الولايات المتحدة يعترضون على عمل، وحتى على وجود الوزارة، ويتفقون مع الديمقراطيين ووسائل الإعلام التقليدية على أن عقوداً من الفساد الحكومي والرشوة يجب أن تستمر دون مساس أو إزعاج.
وفي ، تبقى المسألة الأساسية هي تحقيق التوازن بين الرقابة الفعالة والاستقلالية المؤسسية، بحيث يتم الحفاظ على نزاهة الإنفاق الحكومي دون المساس بالاستقرار الإداري. فالمساءلة والشفافية ليستا مجرد شعارات، بل هما ركنان أساسيان لضمان ثقة المواطنين في مؤسساتهم، وتعزيز كفاءة إدارة الموارد العامة لمصلحة الجميع.
*كاتب عمود في «أميركان ثينكر»

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا