دبي: عهود النقبي أكدت دراسات حديثة نشرتها مؤسسة دبي للمستقبل، ضمن تقريرها السنوي «50 فرصة عالمية»، إمكانية وضع ميثاق وإطار عمل عالمي لحوكمة تطبيقات واجهات الدماغ والحاسوب (وهي طريقة للاتصال المباشر بين دماغ الإنسان والحاسوب، تسمح له بإصدار الأوامر باستخدام نشاط الدماغ)، بحيث يضمن هذا الميثاق التنسيق الدولي، عبر عدة ركائز تشمل تعزيز الشفافية، والالتزام بمعايير السلامة، وتمكين النشر المسؤول لهذه التطبيقات، بما يسهم في استخدامها بشكل مستدام وشامل على مستوى العالم. يشير الواقع الحالي إلى تزايد الاهتمام العالي بتطبيقات واجهات الدماغ والحاسوب، ومن المتوقع أن يشهد السوق العالمي لهذه الواجهات نمواً مطرداً في العائدات من 1.74 مليار دولار عام 2022 إلى 6.2 مليار دولار، بحلول عام 2030، أي بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 17.5%، ويعود هذا النمو إلى الاستخدامات العديدة والمتزايدة لهذه الواجهات، بما في ذلك صناعة الألعاب الإلكترونية والتطبيقات المتكاملة مع الذكاء الاصطناعي والميتافيرس، وعلاج السكتات الدماغية، وإصابات الحبل الشوكي، والإصابات الدماغية، والتصلب الجاني الضموري. وتتصدر الولايات المتحدة الأمريكية قائمة الدول التي أحرزت تقدماً في مجال واجهات الدماغ والحاسوب، بفضل التمويل الكبير الذي يحظى به قطاع البحث والتطوير، تليها أوروبا وعدد من الاقتصادات الناشئة مثل البرازيل والهند وجنوب أفريقيا. معايير التصنيف تواجه واجهات الدماغ والحاسوب تحديات كبيرة، بما في ذلك عدم وضوح معايير تصنيفها، ففي حين تتيح تلك الواجهات فرصاً، من شأنها أن تحقق نقلة نوعية في مجال الرعاية الصحية، وتحسين القدرات العقلية والجسدية للأفراد، إلا أنها تفرض مخاطر غير مسبوقة تهدد أمن البيانات، مع العلم أن البيانات العصبية تتطلب معايير صارمة، في ما يتعلق بخصوصية الأفراد، في الوقت الذي يتزايد فيه عدد المؤسسات، التي تعاني من النقص في عدد المتخصصين في مجال الأمن السيبراني (42% من المؤسسات في عام 2023، مقابل 53% في عام 2024). في ما يتعلق بتصنيف واجهات الدماغ والحاسوب، فإن الواجهات (الخارجية)، التي لا تتطلب تدخلاً جراحياً هي الأكثر شيوعاً في الوقت الحاضر، إلا أن واجهات الدماغ القابلة للزرع في جسم الإنسان، تثير الكثير من المخاوف بشأن تأثيراتها النفسية والعصبية والفسيولوجية، ومن ناحية أخرى ظهر تصنيف آخر لهذه التكنولوجيا يقسمها إلى نوعين، الأول يشمل التطبيقات العلاجية، والثاني يتضمن التطبيقات المصممة لتعزيز القدرات البشرية. فجوة معرفية تشمل مخاطر واجهات الدماغ والحاسوب، خلق فجوة معرفية جديدة بين الأشخاص الأثرياء، والذين يعانون من الفقر، ففيما يفتقر أكثر من ثلث سكان العالم، أي حوالي 2.85 مليار شخص إلى إمكانية الوصول إلى الإنترنت، فإن تطوير تطبيقات متطورة لهذه الواجهات، يهدد بتفاقم الفجوة الرقمية القائمة، وفي الوقت الذي تعد فيه هذه الأجهزة بعلاجات طبية وتحسينات معرفية ثورية، إلا أنها تزيد من خطر حدوث فجوة غير مسبوقة بين الذين يستطيعون الوصول إلى هذه التقنيات، ودفع ثمنها وأولئك الذين لا يستطيعون ذلك. ميثاق وإطار استباقاً للإنجازات الضخمة التي يُتوقع تحقيقها في مجال واجهات الدماغ والحاسوب، تضع الجهات المعنية ميثاقاً وإطار عمل عالياً لمواءمة استخدامات هذه التكنولوجيا، وضمان انتشارها بشكل مسؤول في جميع دول العالم، ويتمحور هذا الإطار حول ثلاث ركائز أساسية، تتمثل في فتح المصادر البحثية، ومعايير السلامة والنشر المسؤول. وتشمل ركيزة «فتح المصادر البحثية»، الالتزام بفتح المصادر، وإتاحة الأبحاث والمنشورات العلمية المتعلقة بالواجهات والتجارب السريرية التابعة لها للجميع، إلى جانب تبادل المعرفة في هذا المجال، وتسجيل الأفراد المزودين بهذه الأجهزة. وتتم مشاركة الخوارزميات، المقرونة ببروتوكولات الخصوصية المُحكمة الخاصة بالبيانات الحساسة، مع الأطراف الموقعة على الميثاق فقط، حرصاً على تزويدهم بتصميمات آمنة لا يمكن التلاعب بها. أما ركيزة «معايير السلامة» فتنص على اعتماد شهادات صارمة للأجهزة، وضمان أمن البرمجيات، وتطبيق ضمانات أخلاقية متقدمة، كما تُولي أهمية كبيرة لحماية الخصوصية، ومكافحة التمييز، وتأمين الأنظمة ضد الهجمات السيبرانية، بهدف تقليل المخاطر مثل التنصت على الدماغ (الكشف عن بيانات الدماغ السرية)، والتلاعب ببيانات التغذية الراجعة، والهجمات المعادية (مثل التلاعب في نموذج تعلم الآلة المدمج في نظام واجهات الدماغ والحاسوب). وتأخذ ركيزة «النشر المسؤول» بعين الاعتبار تنوع السياقات العالمية، من خلال تقديم إرشادات لتقييم المخاطر، والمواءمة مع اللوائح والتشريعات المحلية، ومتابعة التأثيرات المجتمعية، وتتولى هيئة حوكمة عالمية لمواجهات الدماغ والحاسوب تنسيق هذه الجهود، عبر لجان إقليمية، وهيئات تنظيمية وطنية، ومجلس استشاري تقني، يضم خبراء في مجالات علوم الأعصاب، والأخلاقيات، والأمن السيبراني. إيجابيات تنظيمية تتضمن هذه الفرصة المستقبلية التي يصنفها التقرير أنها قريبة المدى إيجابيات، تتمثل بتوجيهات تنظيمية واضحة لنشر واجهات الدماغ والحاسوب، ودعم الوصول العادل للجميع، وحماية حقوق الأفراد، وتقليل مخاطر الإضرار بالمجتمع، والحد من خطر الاستغلال، وزيادة الوعي العام، كما أنها لا تتجاهل المخاطر، التي قد تتمثل بانتهاكات الخصوصية وتعرض البيانات العصبية الحساسة للاختراق والكشف، وعدم توافق الأطر التنظيمية العالمية، والأضرار غير المقصودة على الأفراد الذين يرفضون استخدام هذه الواجهات، والتفاوت في اعتماد التكنولوجيا بين الدول.