في إنجاز علمي ربما يمثل نقطة تحول في تاريخ التكنولوجيا، أعلنت شركة مايكروسوفت عن إنجاز شريحتها الجديدة «ماجورانا 1»، التي تعتمد على «جسيمات ماجورانا»، وهي جسيمات دون ذرية افترضها الفيزيائي الإيطالي إيتوري ماجورانا عام 1937، لإنشاء كيوبتات طوبولوجية- وحدات علم الكموم- أكثر استقراراً وأقل عرضة للأخطاء مقارنة بالكيوبتات التقليدية.يأتي هذا الإعلان بعد أكثر من عقدين من البحث والتطوير، ليجدد الآمال في تحقيق قفزة نوعية في مجال الحوسبة الكمومية، الذي لا يزال يواجه العديد من التحديات العلمية والهندسية.وعلى مدار العقود الماضية، سعت كبرى شركات التكنولوجيا، مثل جوجل وأي بي إم، إلى بناء حواسيب كمومية قادرة على تنفيذ عمليات حسابية تفوق بملايين المرات إمكانيات أقوى الحواسيب الكلاسيكية. ومع ذلك، فإن العقبة الأساسية التي واجهها هذا المجال كانت عدم استقرار الكيوبتات الكمومية، إذ تتأثر بأدنى تغيرات بيئية، ما يجعل تشغيلها لفترات طويلة أمراً بالغ الصعوبة.لكن مع «ماجورانا 1»، تأمل مايكروسوفت في تجاوز هذه العقبة من خلال الكيوبتات الطوبولوجية، التي تعتمد على خصائص رياضية فريدة تتيح لها تخزين المعلومات بشكل أكثر استقراراً. وتقوم هذه الشريحة على مادة جديدة تسمى «التوبوكوندكتور»، أو الموصلات الكمومية، والتي صُممت خصيصاً لدعم إنشاء كيوبتات مستقرة على نطاق واسع، ما قد يتيح بناء أنظمة كمومية عملية يمكن تشغيلها في بيئات أكثر استقراراً وأقل تكلفة.وإذا نجحت مايكروسوفت في تحقيق رؤيتها، فإننا قد نكون على أعتاب ثورة علمية وتقنية غير مسبوقة. فالحواسيب الكمومية ليست مجرد تطور تقني، بل تمثل إعادة تعريف لقدرات الحوسبة، مع تطبيقات تمتد إلى مجالات حيوية مثل الطب وتطوير الأدوية، حيث يمكن للحواسيب الكمومية تسريع عملية اكتشاف الأدوية من خلال محاكاة الجزيئات والتفاعلات الكيميائية بدقة غير مسبوقة.وفي عالم التشفير والأمن السيبراني، يمكن لهذه الحواسيب بفضل قدراتها الفائقة، كسر أنظمة التشفير الحالية، ما يعني دخول عالم الحوسبة في فوضى قرصنة الأمر الذي يتطلب تطوير تقنيات تشفير جديدة تعتمد على المبادئ الكمومية.وقد تتيح سرعاتها الهائلة في المعالجة تحسين قدرات الذكاء الاصطناعي، ما يؤدي إلى نماذج أكثر تقدماً في التعلم العميق وتحليل البيانات الضخمة. كما يمكن استخدام الحوسبة الكمومية لفهم ظواهر فيزيائية معقدة مثل الديناميكا الجزيئية والمواد الفائقة التوصيل، ما يفتح آفاقاً جديدة في البحث العلمي.