د.عبد العظيم حنفي*
تناقش كافة التقارير الاقتصادية آثار الرسوم الجمركية، التي أعلنها الرئيس الأمريكي ترامب، في الاقتصاد العالمي وآخرها تقرير البنك الدولي عن آفاق الاقتصاد العالمي، الذي تحدث عن أنه من المتوقع أن يتباطأ نمو الاقتصاد العالمي بشكل ملحوظ، إلى معدل يبلغ 2.3%، عام 2025 (أقل بنحو 0.4% من توقعات يناير/ كانون الثاني 2025.)، وهذه أبطأ وتيرة له، منذ عام 2008، بخلاف سنتين شهدتا انكماشاً عالمياً واضحاً، في 2009 و2020. وخلال الفترة 2026- 2027، من المتوقع أن تدفع زيادة في الطلب المحلي نموَّ اقتصاد العالم إلى 2.5%، وهذا معدل ليس كبيراً وأدنى كثيراً من متوسط نمو بلغ 3.1%، خلال فترة العقد الذي سبق جائحة كوفيد-19.
وظهر من التقرير أن الاحتمالات السلبية هي الطاغية في الغالب، وترجع الى حالة البلبلة وعدم اليقين، التي أوجدتها حرب ترامب التجارية، وأدت إلى تدهور في التجارة والاستثمار، يفوق كثيراً ما هو متوقع.
وما يلفت النظر في تقرير البنك الدولي، هو مقدمته حيث ذكر الآتي: «أفقر البلدان هي التي ستكون أكثر تضرراً من رسوم ترامب»، وأنه بحلول عام 2027، سيكون نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في بلدان الدخل المرتفع، عند المستوى نفسه الذي كان متوقعاً تقريباً قبل جائحة كوفيد-19. لكن البلدان النامية ستكون أسوأ حالاً، حيث تقل مستويات نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6%.
وقد تحتاج هذه البلدان إلى عقدين لاستعادة خسائرها في فترة العشرية الثالثة، وبحسب التقرير «ظل النمو في البلدان النامية يتراجع لثلاثة عقود على التوالي من متوسط 5.9% في العشرية الأولى من هذا القرن، إلى 5.1% في العشرية الثانية، ثم إلى 3.7% في هذه العشرية الثالثة».
كما صرحت، مديرة مركز التجارة الدولية التابع للأمم المتحدة «إن الرسوم الجمركية الشاملة في عهد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتدابير المقابلة، قد يكون لها تأثير كارثي في الدول النامية وتلحق بها ضرراً أسوأ حتى من خفض المساعدات الخارجية. ووفقاً للمركز، فإن التجارة العالمية، قد تنكمش بما يتراوح بين 3% و7%، وقد يتراجع الناتج المحلي الإجمالي العالمي 0.7%، وستكون الدول النامية هي الأكثر تضرراً».
وجاء في تقرير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) أن زيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التعرفات الجمركية في العالم «ستؤثر في الفئات الضعيفة والفقيرة» أكثر من غيرها. وأن «قواعد التجارة العالمية يجب أن تتطور لمواجهة تحديات اليوم، لكن يجب أن يتم ذلك مع وضع القدرة على التنبؤ والتنمية في صلبها، لحماية الفئات الأكثر ضعفاً». ومن بين ما يقرب من 200 شريك تجاري للولايات المتحدة، فإن حوالي عشرة منهم فقط يولدون ما يقرب من 90% من عجزها التجاري، حسبما جاء في بيان «أونكتاد»، وإن البلدان الأقل نمواً والدول الجزرية الصغيرة النامية - المسؤولة فقط عن 1.6% و0.4% على التوالي من العجز الأمريكي تتأثر هي أيضاً بإعلان ترامب في الثاني من نيسان/ إبريل فرض رسوم جمركية، مرتفعة جداً في بعض الأحيان، على عدد كبير من البلدان، وعلى أساس حساب يترك الاقتصاديين في حيرة من أمرهم.
وشدّد بيان «أونكتاد» على أن هذه البلدان الفقيرة «لن تسهم في إعادة التوازن للعجز التجاري، ولا في توليد إيرادات كبيرة». وأضاف أنّ «العديد من الاقتصادات المنخفضة الدخل تواجه الآن عاصفة كاملة من الظروف الخارجية الآخذة في التدهور ومستويات ديون لا يمكن تحملها وتباطؤ النمو المحلي».
ورأت تحليلات اقتصادية أن الدول النامية والفقيرة تواجه ثلاثة خيارات، فهي إما أن تصير تابعة للنفوذ الإمبراطوري الأمريكي، وإما معارضة له بالتحالف مع منافسي الولايات المتحدة كالصين وروسيا، وإما استنساخ ما فعلته جزر كوك ومحاولة اتخاذ تدابير تحوطية. باعتبار أن هذا البلد النائي في المحيط الهادي، الذي لديه اتفاقية أمنية مع نيوزيلندا (وبالتالي مع الحلفاء الغربيين)، وبعد رسوم ترامب الجمركية. شرع رئيس وزراء جزر كوك في عقد صفقة استثمار مع الصين. ذعرت حكومة نيوزيلاند وعلا صراخها خوفاً من رد ترامب. لكن يبدو أن أهل الجزر لا يأبهون لذلك، وهكذا أصبحت هذه الجزر الضئيلة في المحيط الهادي، التي تتشكل منها كوك رمزاً قوياً للكيفية التي تتحرك بها الرمال الجيوسياسية.
وتقترح تحليلات على تلك الدول النامية للخروج من هذا الوضع عدة خطوات أهمها أولاً: تحرير التجارة، ففي حين حررت البلدان النامية تجارتها بقدر كبير في السنوات الأخيرة، إلا أن معظمها لديه رسوم جمركية أعلى كثيراً من بلدان الدخل المرتفع، وثانياً: تبني أفضل السياسات الممكنة لجذب الاستثمار، وتحسين رأس المال البشري، والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي.
* كاتب مصري وأستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية
[email protected]
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.