اقتصاد / صحيفة الخليج

قروض السفر.. رفاهية عاجلة الدفع أم فخ لديون مؤجلة؟

دبي: عمرو يسري
قال خبراء مصرفيون واقتصاديون، إن الإقبال على القروض الشخصية في ، ارتفع بشكل ملحوظ تزامناً مع حلول العطلة الصيفية، وبدء عدد كبير من العائلات في التخطيط للسفر للخارج، وأشاروا إلى أن شريحة واسعة من العملاء، تلجأ إلى التمويل البنكي لتغطية كلف عطلهم، في ظل العروض المغرية التي تقدمها البنوك، وتوسعها في منح القروض المخصصة للسفر خلال موسم الصيف، ما يحفز الكثيرين على الاقتراض لتمويل رحلاتهم.
حذر الخبراء من اللجوء إلى الاقتراض لتمويل السفر من أجل الترفيه، وتأثير هذا السلوك الاستهلاكي في الاستقرار المالي للأفراد، الذي قد يدفع بهم إلى التعثر أحياناً، في حال التأخر عن سداد المستحقات في موعدها والدخول إلى فخ ديون طويل الأجل، وبالتالي يتحول إلى عبء طويل الأجل، وشددوا على ضرورة أن يوازن العملاء بين رغباتهم الترفيهية، وقدرتهم على سداد الالتزامات المستقبلية.
وتقدم بعض البنوك، عروضاً تمويلية مغرية خاصة للسفر تصل إلى 250,000 درهم، وفترات تسديد حتى 48 شهراً، وفوائد تتراوح بين 3.99% و6.50% سنوياً، وتتضمن عروضاً عديدة، مثل تأجيل أول حتى 210 أيام، وخطة سداد مرنة، وتأمين سفر.

موسم إطلاق العروض


قال مجدي ريحاوي، الخبير المصرفي: «ثقافة الاقتراض تغيرت في السنوات الأخيرة، وأصبحت أمراً شائعاً حتى دون مراعاة المسؤولية المالية، ولكن في ظل ضغوط العمل المرتفعة، قد يشعر بعضهم بالحاجة الماسة إلى فترة راحة، والانفصال مؤقتاً عن الروتين، لذلك، أعتقد أن معظم من يلجأ إلى السفر، لا يفعل ذلك بدافع التباهي، بل لأنه يشعر فعلاً بالحاجة إلى استراحة ذهنية ونفسية، ولو لبضعة أيام، ولكن حالات التباهي موجودة لكنها نادرة جداً، وفي بعض الحالات، يكون القرض بدافع الضرورة وليس الترفيه، كأن يكون الشخص مضطراً للسفر لأسباب عائلية أو مهنية».
وأضاف: «على الرغم من ذلك، فإنني لا أنصح عادةً بأخذ قرض السفر، لأن نسب الفوائد عليه غالباً ما تكون مرتفعة، إضافة إلى أن مدته قد تكون قصيرة ومبلغه محدود، وبشروط محددة».
وأشار إلى أن «البنوك مثلها مثل أي جهة استثمارية ربحية، تسعى لجذب العملاء وزيادة نشاطها، وتستغل المواسم المختلفة، لإطلاق تستهدف احتياجات العملاء في تلك الفترات، وفي موسم الصيف تحديداً تظهر العروض المتعلقة بالسفر والسياحة، وتتعاون بعض البنوك مع شركات سياحية كبرى، لتقديم القروض والعروض أو تسهيلات مختلفة».
وشدد الريحاوي على ضرورة تحديد مبلغ القرض بدقة، بحيث لا يتجاوز حاجة العميل الفعلية وإمكاناته الحقيقية، وأن تكون فترة السداد قصيرة، لا تتجاوز ستة أشهر أو سنة، والالتزام بالسداد في الموعد دون تأخير، حتى لا تتراكم الفوائد ويزداد حجم الدين ويتحول القرض إلى عبء دائم.

ظاهرة تتكرر سنوياً


قال مالك عبد الكريم، الخبير المصرفي: «شهدت الأسابيع الأخيرة ارتفاعاً في طلبات القروض الشخصية، تزامناً مع دخول موسم الصيف، وبدء كثير من العائلات في التخطيط للسفر إلى الخارج لقضاء العطل، وهذه الظاهرة تتكرر سنوياً خلال هذه الفترة من العام، حيث تجد العديد من الأسر أن اللجوء للاقتراض من البنك أسهل الطرق لتمويل السفر، لتغطية تذاكر الطيران والإقامة والنفقات العائلية في الخارج».
وأضاف عبد الكريم: «الاقتراض من أجل السفر أصبح سلوكاً شائعاً وخياراً مغرياً، خاصةً في ظل الحملات التسويقية من بعض البنوك، حيث ترى في موسم الصيف فرصة لترويج القروض، لكنه في الحقيقة يعكس ضعفاً في التخطيط المالي لدى بعض الأفراد، فالقروض الشخصية يجب أن تكون لسبب رشيد، مثل التعليم أو السكن، أو الحالات الطارئة كالعلاج، وليس لسبب استهلاكي أو ترفيهي، فالقرض يمكن أن يكون أداة مفيدة إذا استخدم بعقلانية وتخطيط، أما استخدامه في تمويل العطل، فهو قرار محفوف بمخاطر مالية حقيقية، وقد يتحول إلى عبء طويل الأجل وتضخم للديون، خاصةً إذا لم يكن لدى المقترض خطة سداد واضحة».

التزام طويل الأمد


لفت عبد الكريم إلى «أن التخطيط المسبق، وتحديد أولويات الإنفاق، والعيش وفق الدخل الحقيقي وليس الممول بالقروض، هي مفاتيح الاستقرار المالي، لذلك نحرص على توعية العملاء، بأن القرض ليس حلاً سريعاً فقط، بل هو التزام طويل الأمد، ويجب التعامل معه كجزء من الخطة المالية السنوية، حيث يغيب عن الكثير أنهم سيدفعون لاحقاً ضعف ما أنفقوه تقريباً، عند احتساب الفوائد والرسوم الإدارية».
وشدد على عدم الاقتراض إذا كان العميل لديه التزامات أخرى، وضرورة التخطيط المالي المسبق، قبل موسم الصيف بفترة كافية، وتحديد الميزانية بدقة، وعدم الاستجابة للعروض دون احتساب الالتزامات الشهرية، ومقارنة عروض أكثر من بنك لاختيار الأنسب، وقراءة الشروط والتفاصيل بدقة، خاصةً فيما يتعلق بالفائدة الإجمالية والرسوم الإدارية، وتدبير نفقات السفر من المدخرات والدخل وليس الاقتراض من البنوك، والأخذ بعين الاعتبار جميع المصاريف المستقبلية، بما في ذلك المدارس أو الإيجار أو النفقات الطارئة بعد العودة.

ظاهرة اقتصادية واجتماعية


قال الدكتور جمال السعيدي، الخبير الاقتصادي في شؤون المستهلك: «شهدت دولة الإمارات، تنامياً ملحوظاً في إقبال الأفراد والعائلات على الاقتراض من البنوك، لتمويل السفر وقضاء العطل خارج البلاد، مدفوعين برغبة في الترفيه والراحة بعد ضغوط العمل طوال العام، وأصبح السفر الممول بالقروض، ظاهرة تثير جدلاً اقتصادياً واجتماعياً في آن واحداً، وتحول إلى نوع من المباهاة والتفاخر، بعدما كان نوعاً من الراحة والاسترخاء». وأوضح: «المشكلة الحقيقية لا تكمن في الاقتراض، بل في سوء تقدير بعضهم لقدرته على السداد لاحقاً، حيث إن كثيرين يظنون أن القسط الشهري سيكون بسيطاً، لكنهم يغفلون عن التزاماتهم الأخرى مثل الإيجار، وفواتير الخدمات، فيجدون أنفسهم في دوامة مالية يصعب الخروج منها»، ولفت إلى «أن البيانات من بعض شركات تحصيل الديون، تشير إلى حالات تعثر في سداد القروض الشخصية المتعلقة بالسفر، الأمر الذي يؤدي إلى تدهور التصنيف الائتماني، وفرض فوائد تأخير وغرامات».

أبرز أسباب الاقتراض


وأضاف السعيدي: «من خلال متابعة اتجاهات الاستهلاك والسفر، نجد أن أسباب الإقبال على الاقتراض لتمويل السفر تتفاوت بين شخص وآخر، إلا أن أبرزها يمكن تلخيصها في الرغبة في الترفيه والخروج من روتين الحياة، حيث أصبح السفر إلى وجهات راقية جزءاً من الصورة الاجتماعية، إضافة إلى تغير الثقافة المالية لدى العديد من الأفراد، إذ لم يعد الاقتراض حكراً على الأغراض الأساسية، مثل السكن أو التعليم، بل امتد ليشمل كل مظاهر الحياة، وأصبح ثقافة متأصلة لدى بعضهم، يتم اللجوء إليها دون دراسة حقيقية للقدرة على السداد». ونصح السعيدي العملاء بعدم ربط السفر بمستوى الرفاهية فقط، بل بمستوى الاستقرار المالي، وأن يكون الاقتراض ناتجاً عن تخطيط مالي حكيم، وأن يوازن العملاء بين رغبتهم في الترفيه، وقدرتهم على الوفاء بالالتزامات البنكية، والادخار مسبقاً للرحلات، والاختيار بين وجهات تتناسب مع الدخل، وعدم الانسياق وراء عروض القروض المغرية، وجعلها للأمور الطارئة فقط، مثل التعليم والسكن، وضرورة تعليم الأبناء قيمة التوازن المالي منذ الصغر.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا