في زمن تتسابق فيه الاقتصادات على المعادن الحرجة، فُرضت تعريفة أمريكية ضخمة على النحاس المستورد، مما فجّر جدلاً واسعًا: هل هي خطوة لحماية الأمن القومي؟ أم بداية لاضطراب صناعي عالمي؟، هذا المعدن الأحمر الذي يغذي ثورة الذكاء الاصطناعي والتحول نحو السيارات الكهربائية، يقف اليوم في قلب معركة تجارية ساخنة قد تعيد تشكيل خريطة التجارة العالمية. يضرب ولا يبالي - أكد الرئيس "دونالد ترامب" أن الولايات المتحدة ستفرض تعريفة بنسبة 50% على واردات النحاس بدءًا من الأول من أغسطس، تنفيذًا لتصريح سابق بأنه سيستهدف معدنًا أساسيًا يُستخدم في أشباه الموصلات، وبطاريات الليثيوم أيون، وتكنولوجيا الطاقة المتجددة، وغيرها. للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام أسعار قياسية - أنهت أسعار العقود الآجلة للنحاس في بورصة كومكس الأمريكية جلسة الثلاثاء على ارتفاع تجاوز 13% - وهو أكبر مكسب يومي منذ عام 1989 - مسجلةً إغلاقًا قياسيًا عند 5.69 دولار للرطل. السبب المعلن - تواجه الولايات المتحدة نقاط ضعف كبيرة في سلسلة توريد النحاس، مع اعتماد متزايد على المصادر الأجنبية لاستخراج وصهر وتكرير النحاس رغم وجود احتياطات كافية، ما دفع "ترامب" للدعوة إلى إجراء تحقيق في تأثير واردات المعدن الأحمر على الأمن القومي خلال شهر فبراير. فرصة المضاربة - ارتفع الفارق بين أسعار عقود النحاس المستقبلية في الولايات المتحدة ونظيرتها في بورصة لندن للمعادن بنسبة 138%، لتتجاوز العلاوة 2600 دولار للطن، وذلك بعد أن كانت تاريخيًا قريبة من الصفر، وقد تراوح هذا الفارق بين 500 و1500 دولار منذ فبراير. عجز محلي - تستورد الولايات المتحدة ما يقل عن نصف احتياجاتها من النحاس، والذي يُستخدم في منتجات تتراوح من الآلات والإلكترونيات والسلع المنزلية إلى مشاريع الإسكان والبنية التحتية، فيما تستخرج حوالي 70% من إنتاج النحاس المحلي من مناجم في ولاية أريزونا. تكلفة مرتفعة - في حين صوّر البيت الأبيض التعريفات الجديدة على أنها وسيلة لمواجهة هيمنة الصين على السوق العالمية، إلا أن الولايات المتحدة تستورد معظم النحاس المكرر من الأمريكيتين، فقد شكّلت تشيلي وكندا وبيرو أكثر من 90% من واردات العام الماضي. تباطؤ التقدم - تعني التعريفات المرتفعة على النحاس تضخّم كلفة بناء مراكز البيانات وتطوير الشبكات، ما يبطئ وتيرة مشاريع الذكاء الاصطناعي، وفي حين تشير التقديرات أن مركز البيانات التقليدي يتطلب ما بين 5 آلاف و15 ألف طن من المعدن الأحمر، بلغ إنتاج أمريكا في ديسمبر 91.6 ألف طن. تضاؤل الربحية- تُستخدم كميات كبيرة من النحاس في السيارات الكهربائية (تقريبًا 80 كيلوجرامًا لكل سيارة)، أي تستهلك 4 أمثال الكمية المستخدمة في السيارة التقليدية، وقد تزيد التكلفة العالية من السعر النهائي وتقلّل الربحية. مخاطر الطلب - قد يكون من الآثار الجانبية الأخرى أن تبدأ المشاريع باستبدال النحاس بالألمنيوم الأرخص، والذي يمكن استخدامه في بعض الحالات كبديل، على الرغم من أنه أثقل وزنًا وأكثر تكلفة في الصيانة على المدى الطويل. خطط مسبقة - أصبحت الكونغو حاليًا ثاني أكبر منتج للنحاس في العالم بعد أن تجاوزت بيرو، وذلك نتيجة للاستثمارات الصينية الهائلة في قطاع التعدين بالبلد الإفريقي، وسط جهود ثاني أكبر اقتصادات العالم لتأمين الإمدادات اللازمة. المصادر: أرقام – واشنطن بوست – رويترز - سي إن بي سي – ماركت ووتش