تحليل عبد الحليم سالمالإثنين، 14 يوليو 2025 12:30 ص تمثل الأقطان قصيرة التيلة أحد المكونات الأساسية لصناعة الغزل والنسيج، وهي التي تعتمد عليها غالبية مصانع الملابس والمنسوجات، خاصة في إنتاج الغزول السميكة ومتوسطة الجودة، والتي يزداد عليها الطلب محليًا وعالميًا. وفي هذا السياق، فإن التوسع في زراعة هذا النوع من القطن فى مصر، خاصة في منطقة شرق العوينات، يكتسب أهمية استراتيجية متزايدة، خصوصًا مع تراجع المساحات المزروعة عالميًا وتزايد تقلبات السوق الدولية. تعتمد مصر بشكل كبير على استيراد الأقطان قصيرة التيلة من دول مثل الهند والولايات المتحدة وأوزبكستان لتلبية احتياجات الصناعة المحلية. وتؤدي فاتورة الاستيراد المرتفعة إلى استنزاف العملة الصعبة، فضلًا عن التأثير على القدرة التنافسية للمصانع المصرية. ومن هنا، فإن التوسع في زراعة هذه النوعية من الأقطان داخل مصر يسهم مباشرة في خفض الواردات وتوفير العملة الأجنبية. منطقة شرق العوينات تمتلك مقومات زراعية متميزة من حيث التربة والمياه والطقس، ما يجعلها بيئة مناسبة لزراعة الأقطان قصيرة التيلة. التجارب التي أجريت هناك خلال الموسمين الماضيين أثبتت نجاحًا كبيرًا، رغم التحديات، إذ تم زراعة 2000 فدان العام الماضي، و500 فدان هذا العام، في شراكة بين وزارة قطاع الأعمال العام والقطاع الخاص، حيث توفر الوزارة البذور والإشراف الفني، ويتحمل الشريك الخاص تمويل المشروع. توسيع هذه التجربة ليشمل آلاف الأفدنة يمكن أن يحقق اكتفاءً ذاتيًا نسبيًا خلال فترة قصيرة، كما يدعم توجه الدولة نحو تعميق الصناعة المحلية، ويُعزز فرص التصدير لاحقًا بعد تحقيق الفائض. إلى جانب ذلك، فإن الاعتماد على الإنتاج المحلي يتيح للمصانع المصرية التعاقد بأسعار مستقرة ومدة توريد أسرع، ما يُحسن من جودة المنتج النهائي وزيادة القدرة التنافسية في الأسواق الخارجية. وبالتالي، فإن المضي قدمًا في زراعة الأقطان قصيرة التيلة، مع توفير الدعم اللوجستي والتقني للمزارعين، يمثل خطوة استراتيجية مهمة نحو تحقيق الأمن الصناعي، وتقليل الضغط على الميزان التجاري، وزيادة القيمة المضافة للمنتجات المصرية في سلسلة صناعة الغزل والنسيج.