واصلت دولة الإمارات تعزيز مكانتها على خارطة الاستثمار العالمية، حيث تتجه أنظار أثرياء العالم إليها كأحد الخيارات الأساسية بين مراكز المال الدولية. وتتوقع التقارير المالية المتخصصة أن تستقطب الإمارات نحو 9800 مليونير جديد في عام 2025، أي ما يعادل استقرار مليونير واحد في البلاد كل ساعة تقريبًا.
إجمالي المليونيرات المتوقع وصولهم: 9800
المتوسط الشهري: 817 مليونيراً
المتوسط اليومي: 27 مليونيراً
إجمالي الثروات المُنتقلة: 63 مليار دولار
ترجّح المصادر أن تكون بريطانيا من أبرز الدول المصدّرة للأثرياء إلى الإمارات هذا العام، وذلك في ظل التغيرات التي طرأت على البيئة الضريبية والقانونية في المملكة المتحدة، حيث انتقل بالفعل عدد كبير من الأثرياء، بمن فيهم الملياردير جون فريدريكسن.
وتوقّع تقرير «الهجرة العالمية للثروات 2025» الصادر عن شركة هينلي آند بارتنرز Henley & Partners، أن تستقبل دولة الإمارات 9,800 مليونير جديد خلال العام الجاري، لتتصدّر بذلك قائمة الوجهات الأكثر جذباً لأصحاب الثروات حول العالم للسنة الثالثة على التوالي.
ويعني أن الإمارات تستقبل في المتوسط 817 مليونيراً شهرياً، أي نحو 27 مليونيراً يومياً، أي بمعدل مليونير كل ساعة تقريباَ، وهو أعلى معدل عالمي لهجرة الأفراد ذوي الثروات الكبيرة (HNWI)، وفقاً لتحليل «الخليج».
وأشار التقرير إلى أن الإمارات تستفيد من موقعها الجغرافي، واستقرارها السياسي والاقتصادي، وبيئة الأعمال الجاذبة، إضافة إلى سياسات الإقامة المرنة والضرائب المنخفضة، ما يجعلها وجهة مفضلة لأثرياء من دول مثل الهند، المملكة المتحدة، روسيا، نيجيريا، وجنوب إفريقيا.
وأوضح التقرير أن إجمالي الثروات المتوقع انتقالها إلى الإمارات في 2025 يتجاوز 63 مليار دولار، ما يعكس دور الدولة المتصاعد كمركز مالي عالمي ونقطة التقاء رئيسية لرؤوس الأموال الدولية.
بريكست المليونيرات
وتشهد المملكة المتحدة، منذ بداية عام 2025، أزمة غير مسبوقة في تاريخها الاقتصادي المعاصر، ولكنها ليست أزمة تضخم أو ركود تقليدي، بل ما أصبح يُعرف إعلامياً ب«بريكست المليونيرات»، وهو مصطلح جديد يصف الهجرة الجماعية لأصحاب الثروات الكبرى من بريطانيا، نحو وجهات اقتصادية بديلة وأكثر جاذبية، وعلى رأسها دبي.
وهذا الخروج المتسارع للثروة البشرية والمالية لم يحدث بسبب «بريكست» السياسي التقليدي، الذي شهدته بريطانيا في عام 2016، بل بسبب تغيرات في البيئة الضريبية والقانونية في المملكة المتحدة، والتي دفعت الآلاف من كبار المستثمرين ورجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال، إلى إعادة النظر في علاقاتهم بها، التي طالما اعتُبرت معقلاً للأمان المالي والاستقرار المؤسساتي. الآن، تلك الصورة تتلاشى سريعاً، تاركة خلفها اقتصاداً مترنحاً، وأفقاً غير واضح للمستقبل المالي البريطاني.
مغادرة 16500 مليونير
وتشير تقارير صادرة عن شركة «هينلي آند بارتنرز»، إلى أن بريطانيا تتصدر هذا العام قائمة الدول الأكثر خسارة للمليونيرات، مع مغادرة ما يقارب 16500 شخص من الأثرياء البلاد، خلال عام 2025 وحده.
وأحد المحفزات الرئيسية لهذا النزوح، هو إلغاء نظام «غير المقيم» أو «Non-Dom»، الذي كان يسمح للأثرياء الأجانب المقيمين في بريطانيا بعدم دفع ضرائب على الدخل أو الثروات التي يجنونها خارج البلاد.
وهذا النظام، رغم الجدل الذي كان يثيره داخلياً، ساهم لعقود في جذب طبقة استثمارية نوعية إلى البلاد، من مستثمرين روس وخليجيين، إلى رجال أعمال من الولايات المتحدة وآسيا. ومع إلغائه، باتت المملكة المتحدة من بين أكثر الدول فرضاً للضرائب على أصحاب الدخول العالية، ما دفع الكثير منهم إلى إعادة تقييم علاقاتهم بلندن.
الضرائب الجديدة لم تقتصر على الدخل فقط، بل شملت أيضاً ضرائب على الميراث والأرباح الرأسمالية، وهي مجالات تمس الثروات العائلية طويلة الأجل، وتزيد من عبء التخطيط المالي للأجيال القادمة.
ومع ضعف الشفافية في تطبيق هذه الضرائب، وعدم تقديم الحكومة لرؤية استراتيجية واضحة، بشأن مستقبل النظام المالي، بات من الطبيعي أن يبحث المليونيرات عن بيئات بديلة أكثر استقراراً ووضوحاً.
دبي وجهة مثالية
بينما تترنح بريطانيا تحت وطأة هذه السياسات، تلمع دبي في الأفق وجهةً مثالية لأولئك الباحثين عن مرونة اقتصادية، وبنية تحتية عصرية، ونظام ضريبي شبه معدوم، فقد أشار تقرير «هينلي» نفسه، إلى أن الإمارات، هي الوجهة الأولى عالمياً لاستقبال المليونيرات في 2025، مع توقعات بوصول ما لا يقل عن 9800 مليونير جديد إلى الدولة، خلال هذا العام وحده. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل تعكس تحوُّلاً جذرياً في مركز الثقل المالي العالمي، من الغرب التقليدي إلى الشرق الديناميكي.
ودبي، بخلاف لندن، لا تفرض ضرائب على الدخل أو الأرباح أو الثروة، وتقدم برامج إقامة ذهبية طويلة الأجل، تسمح للمستثمرين بالإقامة والعمل والاستقرار، دون قيود بيروقراطية مرهقة. كذلك، فإن بيئتها الاقتصادية مفتوحة، وتتبنى نماذج تنظيمية مرنة، تجمع بين أفضل ما في الأنظمة الغربية والشرقية. ومنطقة مركز دبي المالي العالمي، على سبيل المثال، تُدار وفق قوانين مستوحاة من النظام القانوني البريطاني، لكنها تطبّق بمرونة واستقلال، مما يعزز ثقة المستثمرين الدوليين.
تحوّل يدار استراتيجياً
ما يلفت الانتباه، هو أن التحوّل ليس فردياً أو عشوائياً، بل أصبح يُدار كاستراتيجية من قبل الشركات العائلية الكبرى، وصناديق التحوط، وشركات التكنولوجيا الناشئة، التي تبحث عن مقارّ أكثر تحرراً من القيود والضرائب، ففي عام 2025، أعلنت عدة مؤسسات مالية ذات سمعة دولية نقل مقارها الرئيسية أو الإقليمية من لندن إلى دبي أو أبوظبي، في خطوة تُعَدّ اعترافاً ضمنياً بتغير المشهد الجغرافي للثروة.
حتى الشخصيات المعروفة، لم تعد تخفي استياءها من الوضع، حيث وصف الملياردير النرويجي جون فريدريكسن بريطانيا بأنها «أصبحت كالجحيم»، بعد أن قرر بيع قصره الفاخر في لندن والانتقال إلى دبي، وهو ما نقلته عنه صحيفة «دايلي ميل» مؤخراً، فيما أعلن مايكل بلات، مؤسس صندوق «بلوكرست»، أنه نقل مركز عملياته بالكامل إلى الإمارات، في ظل «الفرص اللامحدودة» هناك.
ضرائب تُبعد الثروات
حسب صحيفة «ذا تايمز»، أبلغ كبار المستثمرين وقيادات أعمال، مثل بنك «غولدمان ساكس»، الحكومة البريطانية بأن «النظام الضريبي الجديد يُبعد المواهب والثروات»، وأنه قد يؤدي إلى عجز اقتصادي يفوق 30 مليار جنيه، خلال عامين.
كل هذه المعطيات تطرح أسئلة حرجة، حول مستقبل بريطانيا كدولة جاذبة للاستثمار، كما كانت لعقود. فهل تستطيع استدراك الخطأ وتقديم سياسة مالية متوازنة تستعيد بها ثقة الطبقة الثرية، أم أن قطار الثروات غادر المحطة، ولن يعود في المستقبل القريب؟
تبدو دولة الإمارات مستعدة تماماً لهذا التحول العالمي في مسار رؤوس الأموال، مستفيدة من استقرارها السياسي، وتقدمها التقني، وانفتاحها على العالم. وربما، إن استمرت السياسات الضريبية الصارمة في الغرب، ستصبح منطقة الخليج العربي، لا سيما الإمارات، هي مركز الجذب العالمي الجديد للثروات والأعمال في العقود المقبلة.
لماذا تُعد الإمارات الوجهة الأولى لأثرياء المملكة المتحدة؟
تتمتع الإمارات بعدد من المزايا، التي تجعلها وجهة أولى وجاذبة لأثرياء بريطانيا، ولعل أبرزها:
بيئة ضريبية محفّزة
أبرز عوامل الجذب في الإمارات هو غياب ضريبة الدخل الشخصي. فالانتقال من المملكة المتحدة إلى الإمارات يعني الانتقال من دفع ضرائب تصل إلى 45% من الدخل، إلى عدم دفع أي ضريبة على الإطلاق. كذلك، لا تفرض الدولة ضرائب على الأرباح الرأسمالية، أو الميراث، أو توزيعات الأرباح من الاستثمارات الخارجية.
مناخ أعمال جاذب
إن البيئة الاقتصادية في الإمارات عامل رئيسي آخر في جذب المستثمرين. وتواصل الدولة استقطاب رواد الأعمال من خلال حوافز تُسهّل تأسيس الشركات وتقلل التكاليف المرتبطة بها.وتتيح مناطق التجارة الحرة ملكية أجنبية بنسبة 100%، إلى جانب إعفاءات جمركية ولوائح مرنة. كما أن ضريبة الشركات تبلغ 9% فقط، وهي أقل بكثير من النسبة البريطانية التي تصل إلى 25%، فيما تتمتع العديد من الشركات بإعفاءات ضريبية إضافية وفق شروط محددة.
خيارات إقامة مرنة
إن الحصول على الإقامة في الإمارات يُعد من العمليات البسيطة والواضحة. يوفّر برنامج الإقامة الذهبية فرصة للإقامة طويلة الأمد (حتى 10 سنوات) للمستثمرين، ورواد الأعمال، والمهنيين أصحاب الدخل المرتفع، دون الحاجة إلى متطلبات بيروقراطية معقدة.
وعلى عكس الكثير من الدول التي تربط الإقامة بفترات إقامة إلزامية داخل الدولة، تتيح الإمارات مرونة كبيرة، مما يسمح للمقيمين بممارسة مصالحهم الدولية مع الحفاظ على موطئ قدم دائم داخل الدولة.
أسلوب حياة عالمي
إن أسلوب الحياة في الإمارات يمثل عامل جذب لا يقل أهمية. وتقدم مدن الدولة بنية تحتية متطورة، وعقارات فاخرة، وخدمات عالمية المستوى في التعليم، والرعاية الصحية، والترفيه. كما تتمتع الدولة بدرجة عالية من الأمان، واستقرار اقتصادي ملحوظ، واتصال جوي لا مثيل له مع معظم العواصم المالية في العالم.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.