كان أولئك المتشيعون يبطنون في أنفسهم ما لا يظهرون؛ وهي الإساءة له من حيث مدحه ومناصرتهم إياه للتأليب عليه وإيجاد شرخ عميق في صفوف المسلمين، وتشويه صورته أمام بقية المسلمين!
يبدو أن التاريخ يكرر نفسه مع بعض أنصار الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، ولذات الغاية، سواء علموا ذلك أو لم يعلموا، أدركوا ذلك أم سيقوا إليه سوقاً.
ما إن بثت قناة العربية فيلمها الوثائقي عن اللحظة الأخيرة في حياة الرئيس صالح، حتى جن جنون بعض أتباعه، وذهبوا يطيشون بسهامهم يمنة ويسرة، يوزعونها على الآخرين في كل مكان!
المتحدثون في الفيلم كانوا أقرباء صالح، أو حراسه الشخصيين، أو بعض أنصاره، ولم يكن هناك وجود لأية شخصية معارضة له تتحدث عن الشق الآخر من حياته.
فلماذا قام بعض المتشيعين له بحملة إعلامية مصاحبة ضد منافسيهم من القوى السياسية الأخرى واستجرار الماضي بكل سيئاته؟!
عرف بعض هؤلاء المتصدرين لهذه الحملة أنهم يقبضون أموالاً من جهات مختلفة؛ وبظاهر النصرة للرئيس الأسبق والتشيع له ذهبوا يهاجمون الآخرين دون أية أسباب تذكر ولا مقدمات لذلك، وكأنهم يريدون اختلاق معارك مهدفة لفرز جديد في الساحة اليمنية، تخفي وراءها أجندة يراد لها أن تظهر في الصف الوطني لمزيد من توسعة الهوة، وإيجاد التناحر، وعدم الوصول إلى غاية توحيد الصف، ومنهم من كان يتصدر حراكاً لجمع الكلمة وتوحيد الصفوف، وإذا بهم أول من يكرس شق الصف بكل صلف وغباء!
أراد هؤلاء أن يمدحوا صالح وتحسين صورته للناس وإذا بهم يؤججون ناراً كانت مكبوتة لتعود لتحرقهم وتحرق صورة صالح في عيون الآخرين، واستجرار الشتائم، وتنبيش الصفحات السوداء من تاريخه وحياته، وهذا في العرف السياسي الحرق الناعم لشخصية من الشخصيات التي يراد لها أن تمحى من ذاكرة التاريخ وذاكرة الشعوب.
لن نخوض هنا في تفاصيل ما فعله صالح، وما قام به من تلاعب سياسي أفضى إلى تسليم الجمهورية للإمامة، فهذا الفعل التاريخي والصورة السيئة كادت أن تمحى من ذاكرة اليمنيين بفعل مقتل صالح على أيدي عدو اليمنيين جميعاً وهي الحوثية، وغطى الشعب والناس والمراقبون والمؤرخون والنخب المختلفة على هذا الأمر باعتبار توحيد الصف في مواجهة العدو المتوحش الذي بطش باليمنيين جميعاً دون تفرقة بين حليف سابق، أو خصم تاريخي.
لكن غباء، وربما تعمد بعض (أقول بعض حتى لا يتم التعميم) الإساءة له باستعداء خصومه أو منافسيه ليكيلوا سيلاً من الشتائم عليه، والتنبيش في أسوأ الصور في حياة الرجل لتعود هجمة مرتدة عليه بدل أن يتوحد الجميع في الثناء عليه وتصويب السهام إلى صدور أعداء اليمنيين جميعاً وهم قتلة صالح، وقتلة القشيبي، وقتلة النساء والأطفال من اليمنيين وهم الحوثيون كأعداء للحياة برمتها.
من يقف على أرضية رخوة، ويتستر بالزجاج لا يرمي الآخرين بالحجارة، ولا يوجه رصاصاته نحوهم حتى لا تكون أول من تسقطه، ويكون أول ضحاياها.
أية إساءة اليوم لصالح هي من فعل بعض مناصريه، الذين كانوا أول من انفض عنه، وأول من خذله في ميدان المواجهات، وهم الذين شبعوا من أمواله حد التخمة، وتخلوا عنه في أحلك الظروف وأكثرها حساسية وهو بحاجة الكلمة المناصرة.
كنا نتابع أحداث مواجهة صالح مع الحوثيين في صنعاء، وفي الثنية، ووقفت أقلامنا وكتاباتنا وأصواتنا الإعلامية وظهورنا التلفزيوني مناصرة لصالح عبر مختلف وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وكنا فعلاً نؤمل على انتفاضته ضدهم؛ لكنها كانت انتفاضة دون مخالب، وقد سلم الرجل كل المعسكرات والأسلحة لخصومه، ومع ذلك لم نفقد الأمل في نجاته ومواجهته لهم، ودعونا للتدخل لمناصرته وتحريك الجبهات دعماً لتلك الانتفاضة وتشتيت جبهة المليشيا الحوثية، لمن لم نحصل على ما نريد، وأصبنا بخيبة أمل.
في ذلك الوقت كان كل الذين رباهم حوله يخذلونه، وينسحبون من الدفاع عنه، ويغلقون هواتفهم أمام استغاثته، بل إن بعضهم من لجان الوساطات كان جاسوساً عليه يحدد مكان تواجده بشكل دقيق، وباعوه بثمن بخس، وبعد مقتله عادوا يرقصون على جثته!
لم تكن خيانة صالح لا من الإصلاح ولا من الاشتراكي ولا من الناصري ولا من البعث، ولا من أي من منافسيه من بقية القوى السياسية الأخرى؛ بل من أقرب المقربين إليه الذين ركن إليهم، واعتمد عليهم، وأمّل بهم، وقد كان بعض حراسه الشخصيون من السلالة الإمامية التي تعمل على اختراق الجميع، وسلم زمام نفسه إليهم.
لن يتم التنبيش كثيراً لا في تاريخ صالح، ولا في الفيلم الوثائقي، ولم يتم التدقيق في كلام مدين ولا بقية حراسه الشخصيين، وذلك أملاً في لملمة الصف، وتجاهل الأخطاء، والترفع عن الزلات، وإلا فلم يتحدث أحد عن كيفية خروج الثلاثة المواكب من الثنية وهي المحاصرة من كل شبر، والمقصوفة براً وجواً، والمواجهة فيها على أشدها!
لو كان لهؤلاء ذرة من عقل ما أساءوا لصالح بتلك الصورة، وفي الوقت الذي يبني فيه طارق وأنصاره وأقرباء الرئيس صالح صورة ذهنية جديدة عن الرئيس صالح واجتذاب الناس إليهم من مختلف الأطراف، ويبنون ذلك الصرح طوبة طوبة وبصعوبة بالغة يأتي هؤلاء الأغبياء المغالون في التشيع ليهدموا كل ما يبنى بأعوام بلحظة واحدة، وهؤلاء هم يسيئون لتاريخ الرجل وشخصه وأقربائه بدعوى المناصرة والتشيع!
دعونا أن لا يشمت بعضنا ببعض، ولا ينبش بعضنا عن ماضي الآخرين، فلو تم هذا النبش ستكونون أول من يدفن تحت سيئاته، وستغرقكم الصور السوداوية فيه، فتاريخكم لم يكن مشرفاً البتة.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة نيوز لاين ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من نيوز لاين ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.