- في عالم السياسة والمال الذي هيمن عليه الرجال طويلاً، حفرت جانيت يلين اسمها كشخصية استثنائية كسرت كل الحواجز؛ فهي ليست أول امرأة تتولى قيادة وزارة الخزانة الأمريكية، أقدم وأقوى مؤسسة مالية في البلاد، فحسب بل هي أيضًا أول امرأة تترأس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي).
- وبإنجاز فريد من نوعه، أصبحت يلين الشخص الوحيد في التاريخ الأمريكي الذي ترأس أهم ثلاثة أذرع اقتصادية في البلاد: وزارة الخزانة، والاحتياطي الفيدرالي، ومجلس المستشارين الاقتصاديين بالبيت الأبيض.
- لم تكن مسيرة يلين الحافلة بالإنجازات وليدة صدفة، بل هي نتاج خبرة أكاديمية فذة ورؤية اقتصادية واضحة، وهو ما دفع الرئيس الأسبق باراك أوباما إلى وصفها بأنها "أحد أبرز الاقتصاديين وصنّاع السياسات في البلاد"، مشيدًا بـ "حكمتها السديدة وقدرتها على بناء التوافق".
من مقاعد الدراسة إلى قمة هرم الاقتصاد
- وُلدت جانيت يلين في بروكلين، نيويورك عام 1946، لأب يعمل طبيبًا وأم تعمل معلمة. وقد برز تفوقها منذ الصغر، فتخرجت بامتياز مع مرتبة الشرف في الاقتصاد من جامعة براون، ثم حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة ييل المرموقة تحت إشراف جيمس توبين، الحائز على جائزة نوبل.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
- كانت ملاحظاتها في محاضراته دقيقة ومبتكرة لدرجة أنها جُمعت فيما بعد وأصبحت مرجعًا للطلاب يُعرف بـ "ملاحظات يلين" (Yellen Notes).
- بعد مسيرة أكاديمية لامعة في جامعات هارفارد وبيركلي، بدأت رحلتها الطويلة في أروقة الاحتياطي الفيدرالي في السبعينيات، لتترقى بثبات في المناصب، متنقلة بين كونها خبيرة اقتصادية، ومحافظة في مجلس الاحتياطي، ثم رئيسة لبنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، حيث يُنسب إليها الفضل في التنبؤ المبكر بأزمة الرهن العقاري.
قيادة الاقتصاد في أوقات الأزمات
- منذ توليها منصب وزيرة الخزانة في يناير 2021 في إدارة الرئيس جو بايدن، قادت يلين دفة الاقتصاد الأمريكي خلال مرحلة حرجة من التعافي بعد جائحة كورونا.
- نجحت وزارة الخزانة تحت قيادة يلين، في تنفيذ "خطة الإنقاذ الأمريكية"، وتوزيع مليارات الدولارات لدعم الأسر والشركات، مما ساهم في خفض معدل البطالة إلى أدنى مستوياته تاريخيًا (أقل من 4%)، وتجاوز الناتج المحلي الإجمالي مستويات ما قبل الجائحة.
- وعلى الصعيد الدولي، استعادت يلين للولايات المتحدة ريادتها الاقتصادية، حيث قادت الجهود للتوصل إلى اتفاق عالمي تاريخي لفرض حد أدنى من الضرائب على الشركات متعددة الجنسيات، في خطوة تهدف إلى إنهاء سباق "الملاذات الضريبية".
بصمة لا تُمحى في الاحتياطي الفيدرالي
- تركت يلين بصمة لا تُمحى كرئيسة للاحتياطي الفيدرالي في الفترة الممتدة من 2014 إلى 2018، قبل أن تحط رحالها في وزارة الخزانة.
- وخلال فترة ولايتها، أشرفت على فترة من التعافي الاقتصادي الكبير، حيث انخفض معدل البطالة بشكل مطرد من 6.7% إلى 4.1%.
- وكانت من أشد المدافعين عن قانون "دود-فرانك" للإصلاح المالي، الذي وُضع لتعزيز النظام المصرفي ومنع تكرار الأزمة المالية لعام 2008.
- ورغم نجاحها، لم يتم التجديد لها لولاية ثانية، لتكون أول رئيس للاحتياطي الفيدرالي لا يكمل ولايتين منذ ما يقرب من 40 عامًا، في قرار أثار جدلاً واسعًا.
الفلسفة الاقتصادية: بوصلة "السياسات التوسعية" نحو العدالة
- تنتمي يلين إلى مدرسة "السياسات التوسعية" (doves) في الاقتصاد، وهي التي تعطي الأولوية لخفض البطالة وتحقيق التوظيف الكامل حتى لو كان ذلك على حساب ارتفاع طفيف في التضخم.
- وهي تتبنى الفكر الاقتصادي الكينزي الذي يرى ضرورة تدخل الدولة لتنظيم الأسواق وتصحيح اختلالاتها.
- كرّست يلين أبحاثها الأكاديمية، التي طورتها بالتعاون مع زوجها الاقتصادي الحائز على نوبل، جورج آكرلوف، لقضايا التوظيف، وأبرزها "نظرية أجور الكفاءة" التي تفسر لماذا تدفع الشركات أجورًا أعلى من الحد الأدنى لجذب أفضل الموظفين والحفاظ عليهم.
- وتدعو يلين باستمرار إلى ما تسميه "اقتصاد جانب العرض الحديث"، الذي يركز على الاستثمارات الحكومية الضخمة في البنية الأساسية، والطاقة النظيفة، والتعليم، لخلق وظائف جيدة وتحفيز النمو المستدام الذي يفيد جميع شرائح المجتمع، وليس فقط الأثرياء.
حياة شخصية وشراكة فكرية
- لا تنفصل الحياة المهنية ليلين عن حياتها الشخصية؛ فقد التقت بزوجها، جورج آكرلوف، أثناء عملها في الاحتياطي الفيدرالي عام 1977.
- لم يكن زواجهما مجرد رباط عاطفي، بل شراكة فكرية مثمرة، حيث شاركا في تأليف العديد من الأبحاث والكتب التي أثرت الفكر الاقتصادي الحديث.
- لديهما ابن واحد، روبرت آكرلوف، وهو أيضًا أستاذ في الاقتصاد، ليكمل مسيرة عائلة كرست حياتها لهذا العلم.
إرث من الإنجازات غير المسبوقة
- تقف جانيت يلين اليوم كواحدة من أكثر الشخصيات تأثيرًا في الاقتصاد العالمي، بثروة تُقدر بنحو 20 مليون دولار ومجموعة من الدرجات الفخرية من أرقى جامعات العالم.
- إنها ليست مجرد صانعة سياسات، بل أكاديمية فذة ورائدة فتحت الأبواب أمام أجيال من النساء، وأثبتت أن الحكمة والتركيز على العدالة الاجتماعية يمكن أن يسيران جنبًا إلى جنب مع إدارة أقوى اقتصاد في العالم.
المصدر: إنفستوبيديا
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.