وليد الحوسني * البحر في الإمارات لم يعد مجرد واجهة طبيعية أو متنفس سياحي، بل تحوّل إلى رأس مال استراتيجي يقود نمو العقار ويدعم القطاع السياحي. المشاريع الممتدة من أبوظبي إلى دبي، وصولاً إلى رأس الخيمة، تضع الدولة في قلب خريطة الاستثمار العالمي، حيث يلتقي الترف العمراني بالعوائد المستقرة والرؤية الاقتصادية طويلة المدى.أبوظبي: الجزر الطبيعية كرأس مال مستدامبفضل أكثر من 200 جزيرة طبيعية وساحل يتجاوز 700 كيلومتر، باتت أبوظبي الوجهة الأبرز للمشاريع الساحلية. جزيرة السعديات تواصل تصدّر المشهد بمشاريعها الفاخرة التي تجمع البحر بالفن والثقافة، فيما تُعد جزيرة ياس مركزاً عائلياً متكاملاً ببنية تحتية ترفيهية عالمية المستوى.بيئات مثل السعديات وياس والريم تمزج الثقافة والطبيعة والبنية الترفيهية، ما يمنح أبوظبي ملف مخاطر أقل وعوائد مستقرة، ويجعلها منافساً لعواصم إقليمية في جذب رؤوس الأموال طويلة الأجل.دبي: الريادة في تطوير الجزر وصناعة العقار الفاخرتواصل دبي هندسة صورتها العالمية من خلال مشاريع أيقونية مثل نخلة جميرا، نخلة جبل علي، جزر جميرا، بلووترز، وجميرا باي آيلاند وغيرها. هذه المشاريع لا تعكس أسلوب حياة فاخراً فحسب، بل تشكل مراكز جذب استثماري وسياحي عالمي.دبي تجمع بين عمق السيولة، جذب الثروات العالمية، وسياسات الإقامة المرنة، ما يجعلها منافساً مباشراً لميامي وهونغ كونغ مع ميزة ضريبية وبيئة أعمال محفزة.رأس الخيمة: «المرجان» ورافعة السياحة الراقيةرأس الخيمة تركز على منتجعات الرفاهية وتوسيع مشاريعها الساحلية مع الحفاظ على كلفة دخول أقل مقارنة بالمدن الكبرى.رأس الخيمة تقدّم بديلًا جذابًا بمستويات سعرية أقل من نخلة جميرا أو السعديات، مع رفع «سقف التجربة» (بحر + جبال + منتجعات فائقة)، ما يجعلها منافساً لوجهات عالمية أخرى.السياحة والعقار: تداول مزدوج القيمةتشكل المشاريع الساحلية رافعة مزدوجة: زيادة رأس المال من خلال ارتفاع أسعار الأصول، وتدفقات نقدية عبر الإيجارات قصيرة وطويلة الأمد. ومع توجه الدولة نحو السياحة المستدامة، تصبح هذه المشاريع ركائز استثمارية طويلة المدى مدعومة بالسياسات الحكومية.المقارنة الإقليمية والدوليةأبوظبي: أسعار أقل نسبياً، بيئة هادئة وثقافية، وعوائد مستقرة.دبي: سوق عالمي مفتوح، مدعوم بسياسات الإقامة الذهبية، وجاذب للمستثمرين الأجانب والفئة الفاخرة.رأس الخيمة: دخول قوي عبر مشروع Wynn في جزيرة المرجان، مع أسعار تنافسية وتجربة استثنائية للرفاهية.رغم الزخم، تبقى هناك تحديات: تضخم الأسعار نتيجة الطلب المتسارع، وتأثر السوق بالاقتصاد العالمي، مثل تقلب أسعار النفط أو تراجع السيولة الدولية.المشاريع الساحلية في الإمارات لم تعد مجرد عمران فاخر، بل ترجمة لرؤية اقتصادية أوسع تستثمر في البحر كأفق للنمو المستدام. من أبوظبي بجزرها الطبيعية، إلى دبي بأيقوناتها المعمارية، وصولاً إلى رأس الخيمة كمختبر للاستثمارات الجديدة، يتشكل مشهد عقاري وسياحي يضع الإمارات في صدارة الوجهات العالمية. وبالاستناد إلى الأرقام والسياسات الداعمة، يبدو مستقبل العقار الساحلي واعداً، ليس فقط كخيار للإقامة أو الترفيه، بل كأصل استثماري يرسّخ مكانة الدولة كعاصمة عالمية للبحر والعقار.* رئيس قسم المشاريع - دائره التنمية الاقتصادية في أبوظبي