تتحول بعض شركات التجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية الكبرى في الصين إلى مستودعات أوروبا مرة أخرى، في ظل إعادة تشكيل سلاسل التوريد بسبب الاضطرابات الناتجة عن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.في المملكة المتحدة، على سبيل المثال، استحوذت الشركات الصينية على أكثر من مليوني قدم مربعة من المساحة هذا العام، ومن المحتمل أن تتفوق على نسبة 2.3 مليون قدم مربعة التي كانت خلال ذروة الوباء في عام 2021. وتنتشر ظاهرة مماثلة في مختلف أنحاء أوروبا، حيث لاحظ أصحاب العقارات زيادة في الاستفسارات من جانب المجموعات الصينية.هروب جماعيوشكلت شركة «جيه دي دوت كوم» JD.com، التي يقع مقرها في بكين، الجزء الأكبر من المساحة في المملكة المتحدة حيث استأجرت 900 ألف قدم مربعة من المساحات في جميع أنحاء البلاد حتى الآن هذا العام.ويأتي ذلك في ظلّ توسّع كبير للشركة في بريطانيا، حيث أطلقت في وقت سابق من هذا العام منصة «جوي باي» Joybuy، للتجارة الإلكترونية التي تبيع المواد الغذائية والملابس بأسعار مخفضة. وحجزت الشركة مساحةً لها في ميلتون كينز أيضاً، ولديها مركز توزيع في كوفنتري. كما استحوذت الشركتان «سوبر سمارت سيرفيس» و«توب كلاود لوجيستكس» وغيرهما، على مساحات أيضاً.ويقول مراقبو السوق العقاري في المملكة المتحدة إنه مع إبرام صفقة أخرى أو اثنتين سيصبح عام 2025 أقوى عام في التاريخ الحديث، أو ربما على الإطلاق، بالنسبة لعمليات الاستحواذ على المستودعات من قبل الشركات الصينية في المملكة المتحدة.وفرة المعروضورغم ذلك يظل معدل الشواغر اللوجيستية في المملكة المتحدة عند أعلى مستوى له منذ عام 2011، بسبب فائض المعروض الذي نتج عن طفرة التطوير التي غذتها الجائحة، والتي أضافت 9.3 مليون قدم مربعة في عام 2024، وفقاً لبحث أجرته شركة «سافيلز».وعلى مدى الأعوام الخمسة الماضية قامت شركة GLP، وهي شركة استثمار وتطوير عقاري لوجيستي، بتأجير ما يقرب من 400 ألف متر مربع لشركات التجارة الإلكترونية الصينية في جميع أنحاء المملكة المتحدة وألمانيا وبولندا وإيطاليا.نزوح داخليوليست شركات الخدمات اللوجيستية الصينية وحدها من توسّع حضورها في أوروبا، بل حتى المصنّعون يلجأون إلى نقل سلاسل توريدهم إلى بلدان قريبة لتجنب الرسوم الجمركية الأوروبية، بعد مواجهة عوائق أكبر للوصول إلى الولايات المتحدة.وتعد بولندا من الدول المفضلة لشركة الأزياء«شي إن»، التي تدير مراكز توزيع رئيسية في منطقة فروتسواف في الجزء الغربي من البلاد.فبعد زوال حالة عدم اليقين بشأن التعريفات الجمركية، عقب توصل الولايات المتحدة إلى اتفاق لفرض تعريفات جمركية بنسبة 10% على معظم السلع البريطانية، قد تتحول المملكة المتحدة أيضاً إلى دولة جاذبة، لأن نسبة الرسوم أقل نسبياً من تلك المفروضة على الدول الأخرى.وبالإضافة إلى شركات التجارة الإلكترونية وموردي تصنيع السيارات، تشهد شركات تطوير العقارات الصناعية المدرجة في البورصة في أوروبا، طلباً متزايداً من صناع أجهزة الكمبيوتر والأثاث الصينيين أيضاً.فجميع الشركات الصينية التي ترغب في البيع في أوروبا مهتمة بالوجود في أوروبا» لتجنب تبعات الاضطرابات الجيوسياسية، كإغلاق قناة السويس لفترة وجيزة عام 2021، والجائحة العالمية.