اقتصاد / ارقام

كيف قدمت عملية في أنجولا نموذجًا لمكافحة الجرائم الاقتصادية العابرة للحدود؟

  • 1/3
  • 2/3
  • 3/3

- بينما يتجادل الاقتصاديون حول تراجع العولمة، تعمل شبكات الجريمة الإلكترونية بمنطق مختلف تمامًا؛ فعالمها لا يعترف بحدود جغرافية ولا بجوازات سفر.

 

- تتمدد أذرعها الأخطبوطية عبر القارات، وتتطور أدواتها بوتيرة مخيفة، مما يجعل ملاحقتها أشبه بمطاردة أشباح في عالم رقمي لا نهائي، وهي معضلة طالما استعصت على أجهزة إنفاذ القانون التقليدية المقيدة بحدودها الوطنية.

 

- ولكن، يبدو أن قواعد هذه الحرب بدأت تتغير؛ ففي أغسطس 2025، تلقت هذه الشبكات العالمية ضربة موجعة، لم تكن مجرد عملية أمنية ناجحة، بل كانت بيان نوايا واضحًا لميلاد تحالف جديد قادر على تغيير موازين القوى في هذه المواجهة الخفية.

 

عملية "سيرينجيتي 2025": حين تجف منابع الجريمة

 

 

- في قلب أنجولا، وتحت مظلة عملية "سيرينجيتي 2025" التي نسقها الإنتربول بالتعاون مع الأفريبول (منظمة الشرطة الجنائية الإفريقية)، نجحت السلطات في تفكيك 25 مركزًا لتعدين العملات المشفرة.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

- لم تكن هذه المراكز مجرد مزارع خوادم، بل كانت خلايا إجرامية تديرها عصابات آسيوية منظمة، حيث تم ضبط ما لا يقل عن 60 مواطنًا صينيًا يعملون بشكل غير قانوني على التحقق من صحة معاملات "البلوك تشين" لتوليد العملات المشفرة.

 

- لم يقتصر الأمر على ذلك، بل امتد ليشمل مصادرة 45 محطة طاقة غير قانونية تزيد قيمتها على 37 مليون دولار.

 

- وهنا تجدر الإشارة إلى الحكومة الأنجولية ستقوم بإعادة توجيه هذه الهائلة، لدعم شبكة الكهرباء في المناطق الأكثر احتياجًا، بعد أن كانت تُسرق لتغذية الآلة الإجرامية.

 

- كانت "سيرينجيتي" عملية عابرة للقارات بحق؛ ففي الوقت نفسه، تم إلقاء القبض على مجرمي إنترنت في كوت ديفوار بناءً على أنشطة إجرامية انطلقت من ألمانيا، بينما فككت السلطات في زامبيا شبكة احتيال ضخمة في مجال العملات المشفرة، يُقدر أنها استولت على 300 مليون دولار من أكثر من 65 ألف ضحية.

 

- وكما علّق الأمين العام للإنتربول، فالديسي أوركيزا، فإن كل عملية ينسقها الإنتربول تُبنى على ما قبلها، مما يعمق التعاون، ويزيد من تبادل المعلومات، ويطور المهارات التحقيقية.

 

- ومع تزايد المساهمات والخبرات المشتركة، تستمر النتائج في النمو من حيث الحجم والتأثير. وقد أضحت هذه الشبكة العالمية أقوى من أي وقت مضى.

 

العقيدة الجديدة: من المنافسة إلى التعاون الاستراتيجي

 

- تكمن عبقرية عملية "سيرينجيتي" في أنها تجسد نموذجًا جديدًا ومثبتًا لمكافحة الجريمة الرقمية، نموذج يقوم على فلسفة بسيطة وعميقة: التعاون أفضل من المنافسة.

 

- أدرك العالم أن أجهزة الشرطة وحدها لا تستطيع الفوز في هذه الحرب؛ فالمجرمون يستخدمون بنية تحتية ومنصات تملكها وتشغّلها شركات القطاع الخاص. من هنا، وُلدت الحاجة إلى بناء جسور من الثقة والشراكة بين القطاعيـْن العام والخاص.

 

- في هذه العملية، لعب الإنتربول دور حلقة الوصل المحورية، حيث عمل كمنصة موثوقة لتبادل الخبرات والتقييمات بين أجهزة إنفاذ القانون، وخبراء القطاع الخاص من شركات مثل فورتينت ومايكروسوفت، ومبادرات غير حكومية مثل مبادرة "أطلس الجرائم الإلكترونية" التي يستضيفها المنتدى الاقتصادي العالمي.

 

- وكما يؤكد ديريك مانكي، كبير الاستراتيجيين في فورتينت؛ فإن شراكتهم مع الإنتربول عبر مبادرة "أطلس الجرائم الإلكترونية" قد ساهمت في نجاح عملية سيرينجيتي. وهذا يمثل إنجازًا مشتركًا آخر ومحطة فارقة ومؤثرة.

 

تشريح التحالف: كيف تعمل آلة مكافحة الجريمة الجديدة؟

 

 

- لا يعتمد هذا النموذج على الدعم المخصّص والمؤقت، بل يهدف إلى بناء شراكات استراتيجية طويلة الأمد. ويكمن نجاحه في عوامل رئيسية عدة:

 

بناء الثقة المتبادلة: يبذل الإنتربول جهود مستمرة لعقد دورات تدريبية مشتركة في جميع أنحاء إفريقيا وآسيا والأمريكتين، ويتم ذلك غالبًا بالتعاون مع شركاء مثل "الشراكة ضد الجرائم الإلكترونية" التابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي. ولا تعزز هذه الجهود الكفاءة التشغيلية فحسب، بل تبني أيضًا جسورًا من التفاهم والثقة وتبادل المعرفة.

 

الاستخبارات الدقيقة: يقدم خبراء القطاع الخاص رؤى استخباراتية فنية دقيقة حول أنشطة المجرمين والبنية التحتية التي يستخدمونها، مما يسمح لأجهزة إنفاذ القانون بتوجيه ضربات دقيقة وفعّالة.

 

الأُطر المنظمة للتعاون: يعمل المنتدى الاقتصادي العالمي على تطوير أُطر عمل قابلة للتكرار لدعم هذا التعاون، مثل وثيقة "إطار عمل تعطيل شبكات الجريمة الإلكترونية"، التي تهدف إلى توجيه الشركاء حول كيفية وضع الحوافز وهياكل الحوكمة والموارد اللازمة لتوسيع نطاق هذا التعاون.

 

- من جانبه، يؤكد ستيفن ماسادا، من وحدة الجرائم الرقمية في مايكروسوفت، أن عملية سيرينجيتي 2025 مثال رائع على التعاون بين القطاعيْـن العام والخاص، وكيف تؤدي الشراكات متعددة القطاعات إلى نتائج ملموسة. مُعربًا عن أمله في أن تواصل مايكروسوفت العمل مع كافة الأطراف لملاحقة الجهات الإجرامية ومحاسبتها.

 

مستقبل الحرب: تحالف المدافعين

 

 

- الشاهد هنا أن نجاح "سيرينجيتي 2025" يرفع بلا شكّ من مخاطر ممارسة الجريمة الإلكترونية ويقلل من جدواها الاقتصادية.

 

- لكن الأهم من ذلك، أنه يثبت أننا دخلنا عصرًا جديدًا، عصر "تحالف جديد"، حيث تتضافر جهود الجميع من أجل تحقيق الأمن الجماعي.

 

- وبجانب مبادرات مثل "أطلس الجرائم الإلكترونية"، يتزايد الزخم للتعاون العملياتي من خلال تحالفات رئيسية أخرى مثل "تحالف الدفاع السيبراني"، و"فرق عمل الفدية"، و"تحالف التهديدات السيبرانية".

 

- أصبح لدينا الآن نموذج عمل ناجح ومُجرّب. ومع ذلك، فإن المعركة لم تنتهِ بعد؛ فالانتصار النهائي يتطلب زخمًا مستمرًا وتعاونًا لا يتوقف عبر الحدود والقطاعات. وفي هذه الحرب الرقمية العالمية، لا يمكن لأحد أن ينتصر بمفرده.

 

المصدر: المنتدى الاقتصادي العالمي

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة ارقام ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من ارقام ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا