د. محمد الصياد * في ضوء توالي الإعلانات عن مشاريع بنية تحتية ضخمة تشاد هنا وهناك في آسيا وأمريكا اللاتينية في إطار المبادرة الصينية «طريق واحد حزام واحد»، يلح السؤال التالي: أين نحن في العالم العربي من هذه المشاريع الكبرى للمبادرة الصينية؟ علماً بأن طريق الحرير البحري يرتكز على عدة أهداف أهمها: تعزيز الربط البحري الدولي، والبحث العلمي والبيئي، وتعزيز أنشطة تربية وصيد الأسماك. أما طريق الحرير الاقتصادي فيرتكز علي خمسة أهداف هي: تعزيز التعاون الاقتصادي، تحسين سبل الربط بين الدول المختلفة عن طريق النقل واللوجستيات، تشجيع التجارة والاستثمار، تسهيل تحويل العملات، ودعم عملية التبادل الثقافي بين الشعوب.طرحت المبادرة 2631 مشروعاً، بقيمة إجمالية تبلغ 3.7 تريليون دولار، وتم التعاقد مع 2600 شركة ومؤسسة دولية تمثل الشركات غير الصينية حوالي 55% منها، كما تم إبرام عدد من مذكرات التعاون المشتركة مع 126 دولة، ومذكرات تعاون مع 29 منظمة دولية. فيما تخطت قيمة التبادل التجاري بين الصين والدول المنضمة للمبادرة 6 تريليونات دولار أمريكي. ومنذ انطلاق المبادرة، تم إنفاق 440 مليار دولار على مشروعات بنية تحتية، مع قيام 11 بنكاً صينياً بافتتاح 76 فرعاً في 28 دولة من الدول المنضمة للمبادرة، وقيام 50 بنكاً من 22 من الدول الأعضاء في المبادرة بافتتاح أفرع لها في الصين. المبادة تهدف أساساً إلى تشبيك التعاون بين ستة تجمعات اقتصادية، هي: (1): الصين، منغوليا، روسيا؛ (2) الدول الأوروآسيوية الواقعة براً على طريق الحرير؛ (3): الصين، وسط آسيا، غرب آسيا؛ (4) الصين-باكستان، الصين-بنغلاديش-الهند-ميانمار؛ (6) دول الهند الصينية (فيتنام، كمبوديا، لاوس، تايلاند، وميانمار). قُدِّر إجمالي الاستثمارات في البنية التحتية لهذه التجمعات الستة حتى عام 2030، بحوالي 26 تريليون دولار، بخلاف تريليون دولار أخرى خصصت للإنفاق على مدى 10 سنوات اعتباراً من 2017، على المشاريع الواقعة على الطريق.كما نرى، تقع الدول العربية ضمن التجمع الثالث (غرب آسيا). وقد عرضت الصين 20 مليار دولار في صورة قروض للدول العربية. كما عرضت 106 ملايين دولار مساعدات مالية لعدد 5 دول عربية. وأسهمت الشركات الصينية في بناء وتطوير البنية التحتية لميناء الدقم في سلطنة عمان، بما في ذلك الأرصفة والمخازن وغيرها من المرافق. كما شاركت الشركات الصينية في تطوير المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، ما أدى إلى جذب المزيد من الاستثمارات وتنمية الميناء. وأنشأت شركة وان فانج الصينية «سوق الدقم للمواد» في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، ما عزز أهمية الميناء كمركز لوجستي وتجاري. وطورت الصين 7 كم مربع بمحور قناة السويس، إلى جانب إنشاء 66 كم من شبكة السكك الحديدية في مصر.دولة الإمارات العربية المتحدة، أكثر دولة عربية منخرطة بجدية في مشاريع المبادرة الصينية، فقد ضخت دولة الإمارات عشرة مليارات دولار في صندوق استثمار صيني إماراتي مشترك لدعم مشاريع المبادرة في شرق إفريقيا، ووقعت 13 مذكرة تفاهم مع الصين عام 2018 للاستثمار في مجالات متعددة داخل دولة الإمارات. كما أن دولة الإمارات عضو مؤسس في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية (AIIB).وبحسب صحيفة الشعب اليومية الصينية، فقد وقعت الصين اتفاقيات تعاون ضمن مبادرة «الحزام والطريق» مع 17 دولة عربية، أثمرت مجموعة من المشروعات العملاقة التي جاء على رأسها مشروع محطة الحاويات الصينية الإماراتية المشتركة في ميناء خليفة، التي بدأ تشغيل مرحلتها الثانية في الربع الأول من عام 2019، بقدرة معالجة سنوية تبلغ 2.4 مليون حاوية؛ ومشروع المنطقة النموذجية الصينية الإماراتية للتعاون في الطاقة الإنتاجية داخل المنطقة الصناعية المحيطة بميناء خليفة. وتم حتى الآن توقيع أكثر من 30 اتفاقية استثمارية داخل المنطقة، فيما بدأت عدة شركات فعلياً عملياتها الإنتاجية، مستفيدة من البنية اللوجستية المتقدمة؛ ومشروع توليد 700 ميجاوط من الكهرباء بالطاقة الشمسية في دبي، الذي يعد أكبر محطة كهروضوئية في العالم حجماً وأحدثها تقنية.*خبير بحريني في العلاقات الاقتصادية الدولية[email protected]