أذربيجان، أكبر دول جنوب القوقاز وأكثرها سكاناً، توصف بأنها «أرض التناقضات»؛ وهي مقولة تنطبق بالفعل. وتقع هذه الدولة الغنية بالموارد عند ملتقى قارتي آسيا وأوروبا، وتتميز بتنوع جغرافيتها، بدءاً من قمم جبال الألب الوعرة في جبال القوقاز الكبرى في الشمال، إلى شواطئ بحر قزوين الواسعة والصحاري المنخفضة والغابات التي يسكنها الفهود في الجنوب شبه الاستوائي. وبينما يُمكن الوصول إلى معظم المدن من العاصمة باكو في أقل من يوم، إلا أن زيارة القرى النائية والمناطق الجبلية قد تتطلب المزيد من الوقت وقيادة السيارة على الطرق الوعرة؛ فالحافلات والقطارات تربط المدن الكبرى والوجهات الرئيسية لكن الوصول إلى وجهات بعيدة عن الطرق الرئيسية قد يتطلب بعض التخطيط المُسبق واستئجار سيارة وسائق. وتتميز كل وجهة سياحية في البلاد بسمات تجعلها مختلفة عن الأخرى مما يجعل الزائر يحتار في اختياراته. غانجا للاختلاط بالسكان المحليين تقع مدينة غانجا غربي البلاد، وهي ثالث أكبر مدينة في أذربيجان من حيث عدد السكان؛ وعند الاقتراب من الشرق عبر الطريق السريع من باكو، ستلاحظ ضريح الشاعر الأذربيجاني نظامي، الذي عاش في القرن الثاني عشر، ومجمع «خامسا» التذكاري الذي تهيمن عليه سلسلة من منحوتات الكتب التي يبلغ ارتفاعها 9 أمتار على طول الطريق السريع قبل أن تصل إلى البوابة المبنية من الطوب الأحمر التي ترحب بالزوار في المدينة. وبعد المرور بهذه المعالم الفريدة ستجد داخل المدينة غرابة معمارية أكثر إبهاراً؛ وهو المبنى المكون من طابقين المعروف باسم «بيت القنينات» وشُيّد هذا المنزل عام 1967 على يد إبراهيم جعفروف، الذي كساه بعشرات الآلاف من الزجاجات بأحجام مختلفة تكريماً لأخيه الذي استشهد في الحرب العالمية الثانية. ولتجربة معمارية مختلفة أخرى يمكن زيارة كنيسة ألكسندر نيفسكي الروسية الأرثوذكسية، وهي ذكرى من القرن التاسع عشر من ماضي أذربيجان البيزنطي، تقع في شارع جانبي ضيق. أما جوهر غانجا المعماري، فهو الساحة الواسعة الواقعة بين شارعي مصطفى كمال أتاتورك وشاه إسماعيل خيتاي، حيث تجمع أهم معالم وسط المدينة. وفي الطرف الجنوبي من الساحة تقع واجهة قاعة أوركسترا غانجا الحكومية الفيلهارمونية أمام مسجد الجمعة في وسط المدينة، وينعكس الطابع المعماري للمسجد من الطوب الأحمر ومئذنتيه التوأم في ضريح جواد خان وحمام شوكاك المجاورين. سوف تتاح للمسافرين الذين يخصصون بضعة أيام لزيارة لانكاران فرصة تجربة النكهات القوية للفواكه والخضراوات المزروعة في الجنوب شبه الاستوائي، وسماع الناس يتحدثون باللغة الطاليشية المتأثرة بالفارسية. ولقب «المدينة المنتجع» لا يوفي لانكاران حقها لأن الشواطئ تصطف على طول الساحل هناك كما أنها مركز صناعة الشاي في أذربيجان، ويمكن للزوار الانغماس في المتنزهات الطبيعية التي بالكاد تكون معروفة، وتتميز بأعلى مستويات التنوع البيولوجي في البلاد. وتشتهر لانكاران في جميع أنحاء أذربيجان بالشاي الذي يُباع في العديد من المتاجر في وسط المدينة وفي الأسواق المحلية. ويتم تحضير الشاي الأذربيجاني عادةً في إبريق خزفي ويُخفّف بالماء الساخن من ساموفار (سخان ماء). ولطالما كانت الأراضي الزراعية المترامية الأطراف المحيطة بالمدينة بمثابة سلة غذاء أذربيجان بفضل تربتها الخصبة ومناخها شبه الاستوائي الرطب، وأفضل مكان للتعرف على ثراء لانكاران الزراعي هو سوق المدينة النابض بالحياة، حيث يجتمع مئات الباعة يومياً. ويقع منتزه شيروان في السهول الواقعة بين باكو ولانكران، وتشتهر بكثرة الغزلان وإمكانية مشاهدة الطيور الرائعة؛ ويمكن الوصول إلى المنتزه بالمواصلات العامة، ولكن من الأسهل زيارتها بواسطة سيارة مستأجرة مع سائق. منتزه غويغول: الأفضل للرحلات البرية وصعود الجبال في جنوب بلدة غويغول مباشرةً، على بُعد ساعة بالسيارة تقريباً من غنجة، تُعد حديقة غويغول الوطنية وجهةً سياحيةً شهيرةً في فصلي الربيع والصيف. ويُعدّ تناول كوبٍ من الشاي في مقهى منتجع بحيرة غويغول بمثابة تحضيرٍ رائعٍ لمغامرات البحيرة والجبال. ولا يجب تفويت زيارة بحيرة غويغول، التي تُترجم إلى «البحيرة الزرقاء»، وهي بحيرة مائية تشبه المرآة تُشكّل مركز المنتزه الوطني. وتتوفر مناظر خلابة أثناء التجول على ضفاف البحيرة، ولكن لا شيء يُضاهي روعة المناظر من قمة جبل كياباز، الذي يرتفع إلى 3066 متراً. ويبدأ مسار القمة عند سفح الجبل في قرية باشقشلاق المهجورة، والطريق إلى القمة شديد الانحدار ولكنه مباشر، ويتعرج عبر صخور ضخمة ونباتات كثيفة للوصول إلى القمة، بارتفاع يبلغ حوالي 600 متر. ويستغرق تسلق جبل كياباز نحو ثلاث ساعات، ولكن الوصول إلى القمة يتطلب تصريحاً ومرشداً وقيادة طويلة على الطرق الوعرة للوصول إلى نقطة الصعود، لذلك من الأسهل إجراء الترتيبات من خلال وكالة سياحية في باكو. قابالا مغامرات جبلية مدينة هادئة تقع عند سفح جبال القوقاز الكبرى، حيث تُشكّل مقاهي الحدائق والمنتجعات الفاخرة نقطة انطلاق لمغامرات جبلية؛ وقبل التوجّه إلى التلال يمكن زيارة آثار المدينة القديمة، ومسجدها الحديث المهيب، ومقاهيها العديدة التي يكون الجلوس فيها في الهواء الطلق، ثم الانطلاق في مغامرات في «مدينة ملاهي غابالاند» التي تعد أفضل مدينة ملاهٍ عائلية في أذربيجان. وفي الصيف تُتيح المسارات الممتدة عبر جبال القوقاز الكبرى فرصاً رائعة للصعود، وللحصول على مشاهد طبيعية خلابة توجه إلى لازا في الشمال، حيث تمتد المسارات على طول النهر معطية إطلالات خلابة على الجبال. وفي فصل الشتاء يقصد معظم الناس غابالا للتزلج على المنحدرات المحيطة بمنتجع توفانداغ الجبلي؛ وفي أي وقت من العام يوفر التلفريك ذو الأربع محطات إمكانية الوصول إلى أعلى مسارات تنحدر من ارتفاع 1920 متر، حيث يمكن المشي ومشاهدة الحياة البرية أو الجلوس والاستمتاع بالمناظر الخلابة لجبال القوقاز الكبرى مع احتساء فنجان قهوة فاخر. وجنوب غابالا يمكن القيام برحلة استكشافية إلى موقع غابالا القديمة حيث لمشاهدة الأطلال الأثرية ومتحف صغير يؤرخ مستوطنة يُعتقد أنها تعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد.