قال عبدالله الهاشمي، الرئيس التنفيذي للعمليات، المجمّعات والمناطق الحرة في «دي بي ورلد» - دول مجلس التعاون الخليجي، إن المناطق الحرة في دبي، أصبحت مراكز جذب لمصنّعي الأغذية الساعين إلى توسعة عملياتهم بالقرب من أسواقهم النهائية. لما توفره من مزيج من بنية تحتية متخصّصة، ولوائح تنظيمية مبسّطة، وخدمات لوجستية عالمية المستوى، ما يمنح الشركات درجة أعلى من الثقة والاستقرار خلال فترات الاضطراب.قال الهاشمي: «إن المجموعة، تتعاون مع «آر إس إيه كولد تشين» لتطوير منشأة تخزين مبرّدة تمتد على مساحة 100 ألف متر مربع في «جافزا»؛ لتسهيل حركة الأغذية الحساسة للحرارة عبر منطقة الشرق الأوسط».وأوضح الهاشمي في حواره مع «الخليج»: «إن دبي؛ تعيد تطوير السوق السابق للفواكه والخضراوات، ليصبح أكبر مركز غذائي في المنطقة، مع توسعة مساحته من مليون متر مربع؛ إلى 2.7 مليون متر مربع، وتزويده ببنية تحتية متكاملة لسلاسل التبريد. وبحلول عام 2030، من المتوقع أن يسهم هذا المركز في رفع حجم تجارة الأغذية من 1.8 إلى 2.95 مليون طن متري، وتوفير فرص عمل جديدة، وزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي». الاعتماد على سلاسل التوريد قال عبدالله الهاشمي، تعتمد دول مجلس التعاون الخليجي على الواردات لتلبية ما يصل إلى 80% من احتياجاتها، وهو اعتماد يجعل المنطقة عرضة لانقطاعات سلاسل التوريد، وارتفاع الأسعار العالمية. وفي الوقت نفسه، يشهد الطلب ارتفاعاً مستمراً نتيجة النموّ السكاني وتسارع التجارة الإلكترونية، ما يجعل الاعتماد على الواردات تحدّياً جوهرياً للمنطقة يتطلب المعالجة. وتابع: «تكمن سبل المواجهة في تعزيز التصنيع المحلي، وتطوير قدرات المخازن المبرّدة، وتحديث الأنظمة والضوابط التي تضمن استمرارية تدفق الحركة التجارية». ولا تقتصر هذه الضغوط على دولة الإمارات؛ إذ إن الطقس المتطرف والاضطرابات الجيوسياسية؛ تُواصل إرباك سلاسل التوريد على مستوى العالم. ففي العام الماضي 2024، تسببت موجات الحرّ القياسية في تراجع إنتاج أشجار الكاكاو، ما أدّى إلى انخفاض كميات المحاصيل وارتفاع الأسعار، وقفزت أسعار الكاكاو بنسبة 136% بين شهري يوليو/تموز 2022 وفبراير/شباط 2024. تقليص حجم المنتج والإبقاء على السعر وأشار الهاشمي، إلى تأثر محاصيل أخرى، مثل الذرة والفول السوداني وزيت الزيتون والسكر والبنّ، بظروف مشابهة، ما دفع شركات الأغذية والمشروبات إلى اعتماد حلّ مؤقت يتمثل في «الانكماش التضخمي»، أي تقليص حجم المنتجات مع الإبقاء على السعر، وتحميل التكاليف الإضافية للمستهلكين. وأوضح الهاشمي، يضيف هذا التحوّل، مزيداً من الضغوط على شركات الأغذية والمشروبات، ويدفعها إلى إعادة تقييم عملياتها التشغيلية. فلم تعد استراتيجيات التصنيع التقليدية، مثل تركيز الإنتاج في مناطق منخفضة التكلفة أو الاعتماد على سوق واحدة، مجدية كما كانت في السابق. وتحتاج الشركات اليوم إلى بنية تحتية تقلّل من المخاطر، وتقصّر سلاسل التوريد، وتعزّز المرونة. وفي هذا الإطار، بدأت العديد من الشركات في قطاع الأغذية والمشروبات بالاتجاه نحو المناطق الحرّة التجارية. أسرع القطاعات نمواً قال الرئيس التنفيذي للعمليات، المجمّعات والمناطق الحرة في «دي بي ورلد»- دول مجلس التعاون الخليجي: «تُعد المخازن المبرّدة من أسرع القطاعات نمواً، نظراً لأهميتها في الحفاظ على الأغذية القابلة للتلف، والحدّ من هدر الطعام، وتعزيز الأمن الغذائي. وتُقدر حاجة دولة الإمارات وحدها بأكثر من 125 ألف متر مربع إضافية من منشآت المخازن المبرّدة لتحقيق أهدافها في تعزيز الإنتاج الغذائي المحلي».وفي هذا السياق، تتعاون «دي بي ورلد» مع «آر إس إيه كولد تشين» لتطوير منشأة تخزين مبرّدة تمتد على مساحة 100 ألف متر مربع في «جافزا»، لتسهيل حركة الأغذية الحساسة للحرارة عبر منطقة الشرق الأوسط.وتشهد دبي أيضاً إعادة تطوير السوق السابق للفواكه والخضراوات، ليصبح أكبر مركز غذائي في المنطقة، مع توسعة مساحته من مليون متر مربع إلى 2.7 مليون متر مربع، وتزويده ببنية تحتية متكاملة لسلاسل التبريد. تبسيط الإجراءات ورقمنة العمليات وقال الهاشمي: «تُركّز المناطق الحرة على تبسيط هذه الإجراءات التنظيمية. ففي «جافزا»، تستفيد الشركات من نظام النافذة الموحّدة والمتكاملة للخدمات الذكية عبر بوابة «دبي التجارية»، الذي يدمج الترخيص والجمارك وسائر الموافقات ضمن منصّة واحدة. كما تتوافق شهادات سلامة الغذاء مع المعايير الدولية، ما يُقلل من تكرار الإجراءات ويسرّع الوصول إلى السوق. وتضمن هذه الشفافية التنظيمية انتقال المنتجات بسرعة من الميناء إلى رفوف المتاجر، دون عوائق».ويختلف هذا النهج بوضوح عما هو معمول به في العديد من الأسواق الأخرى، حيث تتطلب إجراءات الامتثال في كثير من الأحيان؛ التعامل مع جهات متعددة، وتمتد لأسابيع من المعاملات الورقية. ومن خلال تبسيط هذه الإجراءات، تُسهم المناطق الحرة في خفض تكاليف التشغيل، وتسهيل اختبار المنتجات الجديدة، وتوسعة خطوط الإنتاج، ودعم النموّ المستدام لمُصنّعي الأغذية والمشروبات العالميين.ويشهد الإقبال على المناطق الحرّة زخماً متزايداً. ففي معرض «جلفود» لهذا العام، نجحت «جافزا» و«مجمّع الصناعات الوطنية» في استقطاب استثمارات جديدة في قطاع الأغذية والمشروبات تجاوزت قيمتها 330 مليون درهم، قادمة من دول شبه القارة الهندية. استثمارات متسارعة في القطاع بات هذا التحوّل قيد التنفيذ، ومن أبرز أمثلته ما يجري في دبي، حيث استثمرت شركة «سبرينغ فالي»، وهي شركة محلية متخصصة في توريد السلع الزراعية، نحو 184 مليون درهم في مركز توزيع داخل المنطقة الحرة لجبل علي (جافزا)، لمعالجة أكثر من 65 ألف طن متري من البقوليات، والتوابل، والمكسرات سنوياً. ويهدف هذا الاستثمار إلى إنشاء سلاسل توريد إقليمية موثوقة، بحجم أعمال تقديري يبلغ 440 مليون درهم.