اقتصاد / صحيفة الخليج

فرص العرب في مبادرة طريق الحرير الصينية (2 - 2)

د. محمد الصياد *
دولة العربية المتحدة، هي أكثر الدول العربية التي قرأت واستشرفت مستقبل مبادرة «طريق واحد حزام واحد» الصينية. وقد كانت منذ البدء، أكثرها تفاعلاً وجديةً في التعامل معها والفوز بمشاريعها التي من أبرزها، باختصار: مشروع محطة الحاويات الصينية الإماراتية المشتركة في ميناء خليفة، ومشروع المنطقة النموذجية الصينية الإماراتية للتعاون في الإنتاجية داخل المنطقة الصناعية المحيطة بميناء خليفة، ومشروع توليد 700 ميجاوط من الكهرباء بالطاقة الشمسية في دبي، الذي يعد أكبر محطة كهروضوئية في العالم، حجماً، وأحدثها تقنية.
بعض البلدان العربية الأخرى نجحت أيضاً في استقطاب بعض المشروعات المهمة في إطار المبادرة الصينية، منها على سبيل المثال: مصفاة ينبع أرامكو سينوبك ياسرف المحدودة (YASREF) التابعة لشركة أرامكو وشركة سينوبك الصينية، التي تبلغ طاقتها التكريرية 400 ألف برميل يومياً، والتي بدأت تصدير منتجاتها في يناير 2015. وهو أول مشروع لشركة سينوبك في مجال التكرير خارج وأكبر مشروع استثماري للصين في السعودية، ومنطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر المعروفة باسم «تيدا-السويس»، التي بلغت مساحة مرحلتها الأولى 1.34 كيلومتر مربع، ومرحلتها الثانية 2 كيلومتر مربع. تقع المنطقة في قلب منطقة قناة السويس، حيث نجحت المنطقة في جذب 185 شركة، باستثمارات تجاوزت 3 مليارات دولار. ومع أطلقت الصين بنجاح في 10 ديسمبر 2017 أول قمر صناعي جزائري الصنع (ألكوم سات 1) أنتجته الوكالة الفضائية الجزائرية لتوفير خدمة الاتصالات والإنترنت وبث القنوات الإذاعية والتلفزيونية.
موقع العالم العربي في إحدى أكثر مناطق العالم حيوية، أهله لأن يكون مركزاً طبيعياً للتجارة بين آسيا وأوروبا. في التاريخ القديم، كان العالم العربي إحدى همزات الوصل الرئيسية لطريق الحرير، حيث شكل جسراً حيوياً بين الشرق والغرب. وقد كان طريق الحرير القديم عبارة عن شبكة من الطرق التجارية البرية والبحرية عمّرت لنحو 18 قرناً (من القرن الثاني قبل الميلاد إلى القرن السادس عشر الميلادي)، ربطت الصين بأوروبا عبر آسيا الوسطى والمنطقة العربية وجوارها (الشرق الأوسط)، كان يتم خلالها بشكل أساسي، نقل الحرير الصيني إلى مناطق أخرى من العالم القديم.
فكان أن ساهم التجار والمسافرون العرب في تسهيل تجارة الحرير والتوابل وغيرها من السلع على امتداد هذا الطريق، وكذلك التفاعل الثقافي والفكري بين المجتمعات الواقعة على طول مسار طرقه البرية والبحرية. حيث سيطر البحارة العرب والسفن العربية على الطرق البحرية لطريق الحرير، وربطوا موانئ الهند بموانئ المنطقة العربية وجوارها وما هو واقع خارج دائرتها الجغرافية. كما أنشأ التجار العرب خانات (نزل على جوانب الطريق) لتسهيل حركة المسافرين والتجارة على طول الطرق البرية، وخاصة في آسيا الوسطى، ما ساهم في تسهيل حركة انتقال البضائع والأشخاص.
بدوره، ساهم طريق الحرير في نمو وتطور العديد من المدن على امتداد طرقاته، بما في ذلك مدن العالم العربي، التي أصبحت مراكز للتجارة والتبادل الثقافي. فكان أن أصبحت مدن مثل بغداد، في عهد الخلافة العربية، مراكز تجارية دولية رئيسية تجذب التجار والبضائع من جميع أنحاء آسيا وخارجها. كما ساهم العلماء والمثقفون العرب في حفظ ونقل المعرفة، بما في ذلك النصوص اليونانية والرومانية، التي نُقلت لاحقاً إلى أوروبا، ما انعكس أثراً بيّناً على عصر النهضة في أوروبا.
طريق الحرير الجديد المسمى بمبادرة الحزام والطريق، لا يمكن أن يتجاوز هذا التاريخ والموقع الاستراتيجي المميز للمنطقة العربية وجوارها.
* خبير بحريني في العلاقات الاقتصادية الدولية

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا