أحمد بن سليم
إن إزالة اسم دولة الإمارات من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي (الجهة العالمية الرقابية المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب) (FATF) في 23 فبراير 2024، وقرار الاتحاد الأوروبي في 9 يوليو 2025 بمواءمة قائمته الخاصة بالدول عالية المخاطر وفقاً لذلك، مع بدء سريان الإزالة من القائمة في 5 أغسطس 2025، يشير إلى أن الإصلاحات التي قامت بها الدولة بدأت تؤتي ثمارها لدى الجهات الدولية المعنية بوضع المعايير.
وفي هذا السياق، فإن توجيه مصرف الإمارات المركزي بأن يتم تسوية تداول الذهب والفضة من قبل البنوك المحلية عبر بورصة دبي للذهب والسلع وشركة دبي لمقاصة السلع (DCCC) التابعة لها، يرسِّخ هذه الإصلاحات في البنية التحتية للسوق: منصة واحدة منظَّمة، وقاعدة موحَّدة للمقاصة ومعايير عضوية خاضعة للتدقيق ورقابة شاملة وتسجيل شامل على جميع المستويات وهذا يقلل من الاحتكاك مع البنوك المراسلة ويعزز إجراءات اعرف عميلك (KYC) والعناية الواجبة المعززة على مستوى المقاصة، كما يرسّخ ضوابط المصادر المسؤولة للسلع عالية المخاطر، ما يدعم فعالية مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على المدى الطويل ويجعل دبي الوجهة الموثوقة للتحوط الإقليمي وتدفقات الذهب المربوطة بالسلع الفعلية.
تكلفة إدراج دولة الإمارات على القائمة الرمادية
جاءت فترة مراقبة مجموعة العمل المالي بتكلفة ملموسة، إذ تشير الأبحاث الدولية إلى أن الدول المدرجة في القائمة الرمادية تواجه في المتوسط انخفاضاً بنسبة 7-10% في تدفقات رؤوس الأموال وهو ما يعادل ما بين 50 و116 مليار دولار أمريكي من التدفقات الإجمالية التي كان من الممكن أن تتأخر أو تُردع عن دخول الإمارات خلال 23 شهراً من المراقبة، هذه العوائق تؤكد أن الامتثال المستدام ليس خياراً، بل ضرورة اقتصادية تحافظ على السمعة لتجنّب أي عودة إلى القائمة الرمادية.
كما أن قرار وزارة الاقتصاد في عام 2024 بتعليق عمل 32 مصفاة بسبب عدم الامتثال يبرز أن هذه المعايير ليست مجرد نصوص، بل يتم تطبيقها بشكل فعَّال.
من خلال بورصة دبي للذهب والسلع، تعزز دبي مكانتها كمركز عالمي موثوق وتدعم الامتثال وتعمّق الثقة الدولية وتُمكّن تدفقات تجارة الذهب عبر آسيا وإفريقيا ودول مجلس التعاون الخليجي.
بورصة دبي للذهب والسلع: ترسيخ ريادة دبي في التجارة
لطالما ازدهرت دبي من خلال التقدم بخطوة على الساحة التجارية العالمية واليوم أصبحت بورصة دبي للذهب والسلع في وضع يمكّنها من لعب دور محوري في تشكيل الحقبة المقبلة من تداول المعادن الثمينة في المنطقة.
إن توجيه المصرف المركزي يمنح دبي والمنطقة ككل شيئاً لم يكن موجوداً من قبل: منصة منظَّمة ومقاصة مركزية لتداول الذهب، مصممة لحماية المشاركين وتعزيز الامتثال وبناء الثقة الدولية وباعتبارها البورصة الوحيدة المصرح لها في الدولة لتداول المشتقات، لم تعد بورصة دبي للذهب والسلع مجرد خيار بين عدة خيارات، بل أصبحت الحل لمستقبل تداول الذهب في دبي.
ومن خلال شراكتها مع شركة Vermiculus، الشركة السويدية المتخصصة في التكنولوجيا المالية والبنية التحتية للأسواق، تنتقل البورصة إلى مستوى جديد من الأهمية، فهذه الشراكة توفر أنظمة متقدمة للمقاصة والمراقبة وإدارة المخاطر، مما يجعل البورصة أكثر ذكاءً وسرعة وأماناً. وهي رسالة واضحة أن دبي لا تكتفي بما حققته من نجاحات، بل تستثمر في التقنيات والشراكات التي ستحدد أسواق الغد.
الأهم أن بورصة دبي للذهب والسلع جزء لا يتجزأ من البنية التحتية والنظام البيئي لمركز دبي للسلع المتعددة، الذي يضم أكثر من 26,000 شركة ويُعد أحد أكبر مناطق الأعمال في العالم لتجارة السلع ويشمل ذلك الخزائن المعتمدة من المركز لحفظ الذهب والخدمات اللوجستية الموثوقة ومنظومة متكاملة تدعم مكانة دبي كمركز عالمي لتجارة الذهب.
لماذا الآن
• الطلب الإقليمي: تحتاج شركات دول مجلس التعاون الخليجي إلى مركز موثوق للتحوط من المخاطر وإدارتها.
• التدفقات مع الهند: يوفّر اتفاق الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA) فرصاً جديدة لعقود مرتبطة بالتجارة الفعلية.
• إعادة التوازن العالمي: إن تزايد الاهتمام بالذهب والأصول الرقمية يعيد تشكيل الهيكل المالي العالمي ودبي مستعدة بالبنية التحتية اللازمة.
ما تمثله بورصة دبي للذهب والسلع
إن بورصة دبي للذهب والسلع ليست مجرد بورصة، بل إنها منصة تربط دور دبي كملتقى عالمي للتجارة مع الطلب الإقليمي على حلول موثوقة مدعومة بالتكنولوجيا وهي ليست مخصصة فقط للشركات الـ26,000 المسجّلة في مركز دبي للسلع المتعددة، بل للمنطقة الأوسع والعالم أيضاً.
وبفضل توجيه المصرف المركزي ومنظومة مركز دبي للسلع المتعددة وشراكتها مع Vermiculus، تمتلك بورصة دبي للذهب والسلع الأدوات والدعم والرؤية اللازمة لتشكيل مستقبل تجارة الذهب، وترسيخ مكانة دبي كأكثر الأسواق موثوقية للذهب في المنطقة وخارجها.
* الرئيس التنفيذي الأول والمدير التنفيذي لمركز دبي للسلع المتعددة
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.