أطلقت جمعيات صناعة السيارات في أوروبا تحذيرات، بعد قرار الصين الأخير توسيع القيود على تصدير المعادن النادرة والتقنيات المرتبطة بها، مشيرة إلى أن هذه الخطوة قد تُدخل القطاع في مرحلة من «الفوضى في سلاسل التوريد» تهدد الإنتاج في القارة، حسبما أفادت شبكة «سي إن بي سي».وكانت وزارة التجارة الصينية أعلنت الأسبوع الماضي عن قيود جديدة تستهدف منع ما وصفته بـ«سوء استخدام» هذه المعادن في المجالات العسكرية وغيرها من القطاعات الحساسة، في خطوة أثارت قلقاً واسعاً بين المصنعين الأوروبيين.وردّت بكين على الانتقادات بتأكيدها أنها «غير خائفة» من حرب تجارية مع الولايات المتحدة، بعد تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الواردات الصينية. عواقب بعيدة المدى وقالت جمعية صناعة السيارات الألمانية (VDA)، وهي أكبر لوبي صناعي في البلاد، إن الإجراءات الجديدة «ستكون لها عواقب بعيدة المدى على إمدادات المنتجات المتأثرة إلى ألمانيا وأوروبا»، خصوصاً على صناعات البطاريات وأشباه الموصلات، وهما ركيزتان أساسيتان في تصنيع السيارات الكهربائية.وطالبت الجمعية حكومتي برلين وبروكسل بالتحرك «بشكل حازم» لإيجاد حل سريع مع بكين.وأوضحت الـVDA أن القيود التي فرضتها الصين في إبريل الماضي على تصدير المعادن النادرة والمغناطيسات الدائمة «عمّقت بالفعل أزمة الإمدادات»، مشيرة إلى أن القرارات الأخيرة «تذهب إلى مدى أبعد». المعادن النادرة تُعدّ المعادن النادرة عنصراً أساسياً في صناعة السيارات الكهربائية والتقنيات الخضراء، إذ تُستخدم في إنتاج البطاريات والمحرّكات وأجهزة الطاقة المتجددة. ويتوقّع أن يقفز الطلب عليها خلال السنوات المقبلة مع تسارع التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة.وتُهيمن الصين على نحو 60% من إنتاج العالم من هذه المعادن، إضافة إلى امتلاكها 90% من طاقات التكرير العالمية، ما يجعلها عنصراً لا غنى عنه في سلاسل التوريد الدولية. وقد حذّر مسؤولون أمريكيون مراراً من أن هذا الاعتماد يشكل «تحدياً استراتيجياً» في ظل التوجه نحو مصادر طاقة أكثر استدامة.من جهته، قال روبرتو فافاسّوري، رئيس اتحاد مصنّعي مكونات السيارات الإيطالي (ANFIA)، إن احتياطيات المعادن النادرة لدى الشركات الأوروبية «بدأت تنفد»، مضيفاً أن المخزون الذي مكّن المصانع من الاستمرار في الإنتاج خلال الصيف الماضي «لم يعد موجوداً الآن». اختناق حقيقي بدوره، اعتبر ريكو لومان، كبير خبراء النقل والخدمات اللوجستية في بنك ING الهولندي، أن القيود الجديدة تمثل «اختناقاً حقيقياً في سلاسل الإمداد»، موضحاً أن بعض المخزونات الموجودة في أوروبا — مثل منشأة التخزين الكبرى التابعة لشركة «تراديوم» قرب فرانكفورت — قد تخفف الأثر الآني، «لكن بعض العناصر قد تشهد نقصاً واضحاً قريباً، فيما سيعتمد انفراج الأزمة على نتائج المباحثات المقبلة مع الصين».تأتي هذه التطورات في وقت تسعى فيه أوروبا إلى تسريع إنتاجها المحلي من المعادن الحيوية وتقليل الاعتماد على الصين، غير أن المراقبين يرون أن تحقيق هذا الهدف سيستغرق سنوات، ما يجعل القارة عرضة لهزّات جديدة في سلاسل التوريد خلال المدى القريب.