أكد عدد من الخبراء الاقتصاديين أن بناء ثقة المستثمرين في اقتصاد أي بلد أو مدينة اليوم، لا يتحقق بالأساليب القصيرة المدى أو الحملات التسويقية المؤقتة، وإنما يتحقق من خلال مواءمة البيانات الدقيقة والشفافة مع الاستراتيجيات طويلة الأمد، والسياسات الواضحة، مع هوية اقتصادية متماسكة للدول والمدن تعكس قدرتها الفعلية على جذب الاستثمارات والحفاظ عليها.
جاء ذلك خلال جلستين منفصلتين ضمن فعاليات اليوم الثاني من «منتدى الشارقة للاستثمار» 2025 الذي يقام ضمن أجندة موحدة مع «مؤتمر الاستثمار العالمي»، الذي تستضيفه إمارة الشارقة للمرة الأولى يومي 22 و23 أكتوبر في «مركز الجواهر للمناسبات والمؤتمرات».
الاستثمار القائم على البيانات
استضافت جلسة «الاستثمار القائم على البيانات: الاستفادة من الفرص من خلال الرؤى الإحصائية»،كارولاين كينغ، عضو المجلس التنفيذي في الرابطة العالمية لوكالات ترويج الاستثمار(وايبا)، وفونز موريس، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة FNZMS، كريس نايت، المدير الإداري، «فاينناشيال تايمز لوكيشنز»، وأدارتها بسمة عيسى، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة «ترايامف» لاستشارات تطوير الأعمال.
وناقش المتحدثون الدور المتزايد للبيانات في توجيه قرارات الاستثمار الأجنبي المباشر، واستعرضوا كيف تُستخدم الإحصاءات والتحليلات المقارنة وأدوات الذكاء السوقي، لتحديد الفرص الاستثمارية بدقة وتحسين عملية صنع القرار.
ورغم الإشادة بالإمكانات الكبيرة للذكاء الاصطناعي وأدوات تحليل البيانات، شدّد المتحدثون على أن القيمة الحقيقية تكمن في النهج القائم على التحليل البشري المستند إلى الأدلة، وليس في الاعتماد الكامل على الأتمتة.
وأوضحت كارولاين كينغ، عضو مجلس إدارة الرابطة العالمية لوكالات ترويج الاستثمار (WAIPA)، أن «ترويج الاستثمار انتقل من كونه قائماً على الحوافز إلى كونه قائماً على المعرفة والتحليل الذكي»، مضيفةً أن «البيانات، حين تُستخدم بشكل صحيح، تتيح تحليلاً دقيقاً واتخاذ قرارات أكثر ذكاءً». وحذّرت من مخاطر البيانات غير الدقيقة أو غير الموثوقة، مؤكدةً أن «وكالات ترويج الاستثمار بحاجة إلى وصول مباشر ومنظّم إلى البيانات الحكومية لتوليد رؤى حقيقية، لأن الابتكار لا يقوم إلا على أسس صلبة ومعلومات دقيقة ومحدثة».
من جهته، قال فونز موريس، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة FNZMS: «البيانات تمنح الشركات رؤى تساعدها على استبقاء العملاء وجذب عملاء جدد، والأمر ذاته ينطبق على وكالات ترويج الاستثمار، فالمستثمرون يبحثون عن مؤسسات تدرك سرعة تغيّر الأسواق وتستجيب بمعطيات دقيقة ومعلومات موثوقة».
الحكم البشري
أما كريس نايت، المدير الإداري، «فاينناشيال تايمز لوكيشنز، فأكد أن «البيانات قادرة على سرد قصص مؤثرة حول نمو القطاعات، واتجاهات التوظيف، ومستويات الطلب، وهي جميعها عوامل تساعد المستثمرين على اتخاذ قرارات أفضل». لكنه نبّه إلى خطأ الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي قائلاً: «الذكاء الاصطناعي لا يتفوق إلا بقدر جودة البيانات التي يُدرَّب عليها، وما زال الحكم البشري ضرورياً في القرارات الاستثمارية الكبرى، فالخطأ الحقيقي هو الاعتماد على الأتمتة أو مصادر بيانات ضعيفة، بدلاً من استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة داعمة لتحسين الأداء».
العلامة الوطنية
وجاءت الجلسة الثانية بعنوان:«العلامة الوطنية وعلامة المدن كمحرك للاستثمار الأجنبي المباشر» بمشاركة خوسيه توريس، الرئيس التنفيذي لشركة بلوم كونسلتينغ والمدير العالمي لعلامة الدول والمدن، راشد حميد سهو السويدي، مدير العمليات في مدينة الشارقة للإعلام (شمس)، والدكتور ناريش بانا، المدير التنفيذي لشركة بي بي في للاستشارات، وأدارها محمد قاسم، مؤسس Invest Nations وFDEYE News.
وكالات ترويج الاستثمار
وقال خوسيه توريس: «ما يعتقده الناس عن مدينةٍ ما يحدد ما إذا كانوا سيستثمرون أو يعملون أو يسافرون إليها. ولكي تنجح المدن في جذب الاستثمار والمواهب والسياحة، عليها أن تحدد فكرة مركزية لهويتها، وتبني استراتيجيتها حولها، وهنا يأتي دور وكالات ترويج الاستثمار في ربط الهوية بالبحث والاستراتيجية لتحويل الانطباعات إلى نتائج ملموسة».
وفي سياق الحديث عن تجربة الشارقة، أوضح راشد حميد السويدي، مدير العمليات في مدينة الشارقة للإعلام (شمس)، أن «الهوية المؤسسية للمدن لا تُبنى على الألوان أو الشعارات، بل على الخدمات والاستراتيجيات والنتائج. فقد نجحت الشارقة في جذب استثمارات دولية كبرى في قطاعات الضيافة والصناعة منذ سبعينيات القرن الماضي دون أن تحتاج إلى هوية بصرية تقليدية، لأن العلامة الحقيقية هي العائد الاستثماري الذي يتحقق عبر البنية التحتية المتطورة، والحلول الذكية، والتشريعات الداعمة».
وقال الدكتور ناريش بانا، المدير التنفيذي لشركة بي بي في للاستشارات، قائلاً: «صعود الهند كعلامة اقتصادية عالمية لم يكن صدفة، بل نتيجة لتطوير بنية تحتية موثوقة، وسياسات مستقرة، وتخطيط طويل الأمد. فإذا أرادت الدول أو المدن أن تكون وجهات استثمارية جاذبة، فعليها أن تعكس هويتها ما يُنفَّذ فعلاً على أرض الواقع، فذلك هو ما يمنحها المكانة العالمية».
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.