الفلل السكنية تقود نمو الإيجارات العقود الجديدة ترتفع 20% في عام واحد نصف العقود «مجددة» بقيمة 47 ملياراً «الخليج التجاري» و«برج خليفة» الأعلى إيراداً المناطق الخارجية تدخل خريطة الطلب بقوة واصل سوق الإيجارات في دبي أداءه القوي خلال عام 2024، مسجلاً مستويات غير مسبوقة في عدد العقود الموثقة والقيمة الإجمالية للإيجارات، ما يعكس استمرار الزخم في القطاع العقاري ونضوج السوق الإيجارية في الإمارة. فقد ضخت العقود الإيجارية المبرمة خلال العام، نحو 86 مليار درهم (23.5 مليار دولار) في جيوب الملاك، ناتجة عن توثيق 956,180 عقد إيجار جديداً ومجدداً، وفقاً لبيانات «دائرة الأراضي والأملاك» في دبي. وارتفع إجمالي عقود الإيجارات الموثقة، بنسبة 13.7% مقارنة بعام 2023، ليتجاوز حاجز 956 ألف عقد مقابل 841 ألف عقد في سابقة، أي بزيادة تفوق 115.8 ألف عقد. ويعكس هذا الأداء المتسارع استمرار الطلب القوي على المساكن والمكاتب في دبي، سواء من المقيمين أو المستثمرين الأفراد والشركات العالمية التي نقلت عملياتها إلى الإمارة. واستحوذت العقود المجددة على 51% من إجمالي العقود المبرمة، بإجمالي 490 ألف عقد، بارتفاع 8.5% مقارنة بـ 451.7 ألف عقد في 2023. كما بلغت قيمتها الإجمالية نحو 47 مليار درهم، أي ما يعادل 54.5% من إجمالي قيمة الإيجارات الموثقة في 2024، محققة نموّاً نسبته 7.3% مقارنة بالعام السابق. هذا الاتجاه يعكس ارتفاع معدلات الإشغال ورضا المستأجرين، ويؤكد النضج والاستقرار المتزايد في السوق؛ إذ أصبح عدد متزايد من السكان ينظر إلى دبي باعتبارها وجهة سكنية دائمة وليست مؤقتة. في المقابل، شهدت العقود الجديدة قفزة لافتة بنسبة 20% لتصل إلى أكثر من 466.1 ألف عقد، مستحوذة على 49% من الإجمالي، مقابل 389.2 ألف عقد في عام 2023. وبلغت قيمتها الإجمالية أكثر من 39 مليار درهم، أي ما يمثل 45.5% من إجمالي قيمة العقود، مسجلة زيادة كبيرة بلغت 17.3% عن العام الماضي. ويعكس هذا النمو الملحوظ توسع قاعدة الطلب من شرائح جديدة من السكان والشركات، إلى جانب جاذبية دبي للمستثمرين الدوليين الذين يواصلون الدخول إلى السوق بحثاً عن عوائد إيجارية مستقرة وعقارات عالية الجودة. وبالنسبة لأعلى 5 مناطق في إجمالي قيمة الإيجارات الموثقة لـ2024؛ حلّت منطقة الخليج التجاري أولاً، بقيمة إجمالية 3.54 مليار درهم، بزيادة 23.5%، ثم برج خليفة، 3.45 مليار درهم، بنمو 16.4%، ثم مرسى دبي، 3.4 مليار درهم، بزيادة 2.12%، و الثنية الخامسة، 2.23 مليار درهم، بنمو 13%، والبرشاء الأولى، 2.11 مليار درهم، بنمو 4.5%. سوق واعدة.. تعكس رياح التحولات الاقتصادية شهد سوق الإيجارات في دبي خلال السنوات الأربع الماضية نمواً متسارعاً يعكس عمق التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي أعقبت جائحة «كوفيد-19». فقد أدت الزيادة الكبيرة في التنقلات الدولية، وتدفّق الكفاءات العالمية، وتأسيس أعمال جديدة إلى تعزيز النشاط في مختلف شرائح السوق، وتوليد طلب قوي على العقارات السكنية والتجارية على حد سواء. هذا التوسع يعكس نموّاً سكانياً مستمراً، وتوسّعاً في فرص العمل، وازدياد ثقة المستثمرين بصلابة اقتصاد دبي وقدرته على الحفاظ على جاذبيته العالمية. نمو تجديد العقود يعكس الاستقرار والنضج ومن أبرز المؤشرات الدالة على متانة السوق في المرحلة الحالية هو الاتجاه الصاعد في معدلات تجديد العقود على مدار السنوات الثلاث الأخيرة. فالمستأجرون باتوا أكثر تمسّكاً بعقاراتهم، وهو ما يعكس ارتفاع معدلات الرضا وجودة الخدمات العقارية، إلى جانب قوة نسب الإشغال عبر مختلف الشرائح. ويشير هذا النمط إلى دخول السوق مرحلة نضج واستدامة، حيث لم تعد دبي مجرّد محطة مؤقتة للإقامة والعمل؛ بل وجهة سكنية طويلة الأمد تجمع بين جودة الحياة والبنية التحتية المتطورة وفرص العمل الواسعة. وشهدت سوق الإيجارات نقطة تحوّل بارزة بعد عام 2020؛ إذ قفز عدد العقود المبرمة من 531 ألف عقد في 2020 إلى 956 ألف عقد في 2024، أي بزيادة نسبتها 81% خلال أربع سنوات فقط. ويعود هذا النمو القوي إلى مجموعة من العوامل الهيكلية التي أسهمت في ترسيخ مكانة الإمارة بصفتها وجهة عالمية للإقامة والاستثمار، أبرزها: أولاً: الإدارة الفعالة للجائحة وضمان معايير السلامة العالية التي عززت الثقة المجتمعية والدولية. ثانياً: تحديثات الإقامة الذهبية وتأشيرات العمل عن بُعد التي سهلت استقطاب الكفاءات العالمية ورؤوس الأموال. ثالثاً: الانتعاش السياحي الكبير وتزايد انتقال الشركات والمقرات الإقليمية إلى دبي. رابعاً: الانفتاح الاقتصادي المستمر وتطور التشريعات الداعمة للقطاع العقاري. هذه العوامل مجتمعة؛ أسهمت في رفع معدلات الإشغال وزيادة النشاط في كل من العقارات السكنية والتجارية، لتؤكد أن دبي لا تزال واحدة من أكثر المدن جذباً للمقيمين والمستثمرين على مستوى العالم. 2025 وما بعده: نحو مليون عقد سنوياً وتتجه التوقعات إلى أن يتجاوز عدد عقود الإيجار في دبي حاجز مليون عقد سنوياً خلال السنوات القليلة المقبلة، مدعوماً بتواصل الزخم الاقتصادي والسكاني. ووفقاً للتقديرات المستقبلية، من المنتظر أن يصل عدد سكان دبي إلى 5.8 مليون نسمة بحلول عام 2040، مع استمرار تدفق الأفراد والشركات الباحثين عن بيئة عمل مستقرة وفرص نمو متقدمة. هذا الاتجاه يعزز مكانة الإمارة كسوق داعمة للملاك والمستثمرين، حيث توفر عوائد إيجارية مرتفعة واستقراراً طويل الأمد في التدفقات النقدية. كما يدعم جاذبية الاستثمار في العقارات المخصصة للتأجير، خصوصاً في المناطق عالية الطلب مثل «الخليج التجاري» و«نخلة جميرا». ويتوقع أن تستفيد على نحو خاص، الأصول الذكية والعقارات ذات العلامة التجارية والمطلة على الواجهات المائية من هذا التوسع المستمر في الطلب. الفلل تقود النمو القوي في 2024 وتُظهر بيانات عام 2024 تبايناً واضحاً في أداء الشرائح المختلفة من سوق الإيجار، حيث قادت الفلل السكنية موجة الارتفاع، في حين شهدت الوحدات السكنية تصحيحاً نحو التوازن السعري. حيث ارتفع متوسط إيجار الفلل السكنية من 37.3 درهم للقدم المربعة في 2023 إلى 44.6 درهم في 2024، مسجلاً نموّاً بنسبة 19.6%. ويُعزى هذا الارتفاع إلى الطلب المتزايد من العائلات والمقيمين من أصحاب الثروات العالية الباحثين عن مساحات أوسع وجودة حياة أعلى. أما الفلل التجارية، فقد سجلت انخفاضاً طفيفاً بنسبة 1.7%، من 23.2 درهم/قدم مربعة في 2023 إلى 22.8 درهم في 2024، وهو تراجع محدود يعكس استقرار القطاع ومرونته، خصوصاً في فئات الاستخدامات المكتبية والمرافق المصممة حسب الطلب. وعلى المستوى الإجمالي، ارتفع متوسط إيجار الفلل في دبي من 36.5 درهم/قدم مربعة في 2023 إلى 43.4 درهم/قدم مربعة في 2024، أي بنمو قدره 18.9%، ما يؤكد استمرار الطلب القوي على هذا النوع من الوحدات. الوحدات التجارية تنتعش والسكنية تشهد توازناً في المقابل، شهدت الوحدات التجارية ارتفاعاً في متوسط الإيجارات بنسبة 8.7%، لترتفع من 156.7 درهم/قدم مربعة في 2023 إلى 170.4 درهم/قدم مربعة في 2024، مدفوعة بعودة النشاط القوي في الخليج التجاري ومركز دبي المالي العالمي وأبراج بحيرات جميرا. أما الوحدات السكنية، سجلت تراجعاً بنسبة 18.8%، لينخفض متوسط الإيجار من 95.2 درهم/قدم مربعة إلى 77.3 درهم/قدم مربعة خلال الفترة نفسها، وهو ما يعكس مرحلة من التوازن الصحي في السوق بعد موجات الارتفاع السابقة، ويوفر للمستأجرين خيارات أوسع بأسعار أكثر تنافسية. وعلى المستوى العام، تراجع متوسط إيجار الوحدات بنسبة 13.1% إلى 90.7 درهم/قدم مربعة في 2024، ما جعل السوق أكثر جاذبية للمشترين والمستأجرين الباحثين عن مواقع استراتيجية بأسعار مناسبة. تحوّل في خريطة الطلب.. والمناطق الخارجية محور جديد للنمو وتُظهر البيانات الميدانية، أن سوق الإيجارات في دبي تشهد إعادة توزيع طبيعية للطلب، مع تزايد الإقبال على المناطق الخارجية التي تجمع بين الأسعار المعقولة وتطور البنية التحتية. فقد أصبحت مناطق مثل مجمع دبي للاستثمار، والمركاض، ووادي الصفا 5 من الوجهات السكنية البارزة الجديدة، مستفيدة من المشاريع السكنية الحديثة وتحسينات النقل والاتصال الحضري التي تشهدها الإمارة. ويشير هذا التوجّه إلى تنوّع شرائح الطلب بين الفئات الميسورة والفاخرة، ما يعزز مرونة السوق ويمنحها قدرة عالية على استيعاب النمو السكاني والاقتصادي المتوقع في السنوات القادمة. ويثبت أداء سوق الإيجارات في دبي خلال عام 2024 أنه لا يزال واحداً من أكثر الأسواق استقراراً ونشاطاً في المنطقة، مدعوماً بمزيج من العوامل المحفزة تشمل جودة البنية التحتية، وتنوع المشاريع العقارية، والانفتاح الاقتصادي، والسياسات الجاذبة للمواهب والاستثمارات. ومع استمرار الاتجاه الصاعد في معدلات الإشغال وتجديد العقود، يتوقع أن تحافظ دبي على مكانتها بصفتها مركزاً إقليمياً ودولياً رئيسياً للإقامة والعمل والاستثمار العقاري، في سوق تتسم بالتوازن والشفافية والنضج المتزايد.