استثمارات بمليارات الدولارات تجعل نيودلهي محور تصنيع عالمياً
تكاليف الإنتاج المنخفضة والحوافز الحكومية تجذب مصانع اليابان
الشركات الثلاث توسّع خطوط الإنتاج والصادرات من الهند
تتجه شركات السيارات اليابانية العملاقة، تويوتا وهوندا وسوزوكي، إلى ضخ مليارات الدولارات في بناء مصانع جديدة وتوسيع خطوط إنتاجها في الهند، في خطوة تعكس الأهمية المتزايدة لهذا البلد كمركز عالمي للتصنيع، مع سعي الشركات اليابانية لإعادة رسم سلاسل التوريد وتقليص اعتمادها على الصين.
يأتي ذلك، بعد نحو أسبوع من إعلان البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي وقعا على اتفاقية إطارية لتأمين إمدادات المعادن الاستراتيجية من خلال التعدين والمعالجة. وجرى التوقيع خلال زيارة ترامب إلى اليابان، ضمن جولته الأوسع في آسيا، حيث يتطلع كلا البلدين إلى تعزيز سلاسل الإمداد من المعادن الاستراتيجية المستخدمة في قطاعات شتى من الطاقة المتجددة إلى الإلكترونيات والسيارات.
وأعلنت تويوتا، أكبر شركة سيارات في العالم، وسوزوكي، التي تهيمن على نحو 40% من السوق الهندية، استثمارات منفصلة تتجاوز 11 مليار دولار لتعزيز قدراتهما الإنتاجية والتصديرية في ثالث أكبر سوق سيارات في العالم.
أما هوندا، فأكدت الأسبوع الماضي عزمها تحويل الهند إلى قاعدة إنتاج وتصدير رئيسية لإحدى سياراتها الكهربائية المستقبلية.
ويُعد انخفاض التكاليف وتوافر الأيدي العاملة الواسعة من أبرز عوامل الجذب في الهند، لكن الدافع الأكبر اليوم هو ابتعاد الشركات اليابانية عن الصين كسوق ومركز تصنيع، خاصة في ظل المنافسة الشرسة من شركات السيارات الكهربائية الصينية مثل «بي واي دي».
ويقول محللون: إن الحرب السعرية بين صانعي السيارات الكهربائية في الصين جعلت تحقيق الأرباح هناك أمراً صعباً، بينما تتجه الشركات الصينية الآن للتوسع خارجياً وانتزاع حصص من منافسيها اليابانيين في أسواق مثل جنوب شرق آسيا.
وقالت جولي بوت، المحللة في شركة «بيلهام سميذرز أسوشيتس»: «الهند خيار مثالي لتعويض السوق الصينية، فاليابانيون يرونها سوقاً أكثر ربحية حالياً لأنها محمية من المنافسة الصينية المباشرة».
قفزة الاستثمارات اليابانية
قفزت الاستثمارات اليابانية المباشرة في قطاع النقل الهندي – بما في ذلك صناعة السيارات – أكثر من سبعة أضعاف بين عامي 2021 و2024 لتصل إلى 294 مليار ين (نحو ملياري دولار) العام الماضي، في حين تراجعت الاستثمارات في القطاع نفسه بالصين بنسبة 83% إلى 46 مليار ين فقط.
وتعمل تويوتا حالياً على توطين تصنيع مكونات السيارات الهجينة بالتعاون مع موردين هنود ويابانيين لخفض التكاليف، إذ واجهت نقصاً في الإمدادات بسبب ارتفاع الطلب.
وقال أحد مسؤولي التوريد بالشركة: «لم يعد الأمر يتعلق بالمواصفات العالمية، بل بالمواصفات المحلية المناسبة للهند».
كما تخطط تويوتا لإطلاق 15 طرازاً جديداً ومحدثاً في السوق الهندية بحلول نهاية العقد، ورفع حصتها السوقية من 8% إلى 10%.
وقال رئيس تويوتا، كوجي ساتو، في معرض «اليابان للتنقل»: «السوق الهندية شديدة الأهمية ومن المتوقع أن تواصل نموها القوي، وهذا ما يدفع العديد من الشركات إلى التركيز عليها».
وأعلنت تويوتا العام الماضي استثماراً يفوق 3 مليارات دولار لتوسيع طاقتها الإنتاجية في مصنعها بجنوب الهند بنحو 100 ألف سيارة إضافية سنوياً، إلى جانب بناء مصنع جديد في ولاية ماهاراشترا، من المقرر أن يبدأ الإنتاج قبل عام 2030، ما سيرفع إجمالي الطاقة الإنتاجية إلى أكثر من مليون سيارة سنوياً.
دعم حكومي
تستفيد الشركات اليابانية أيضاً من سياسة الحكومة الهندية بقيادة ناريندرا مودي، التي تهدف إلى الحفاظ على معدل نمو اقتصادي يقترب من 8% عبر جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، مع تقديم حوافز للمصنعين الذين يوجهون إنتاجهم للسوق المحلية وللتصدير.
وأنتجت الهند نحو 5 ملايين سيارة ركاب خلال العام المالي الماضي، صُدّر منها ما يقرب من 800 ألف سيارة، بزيادة 15% عن العام السابق.
كما أن القيود الصارمة على الاستثمارات الصينية تمثل ميزة إضافية لصالح اليابانيين، إذ تجعل دخول شركات جديدة مثل «بي واي دي» أو توسع شركات قائمة مثل «إم جي موتور» أكثر صعوبة.
وقال غورو فنجال من «إس آند بي جلوبال موبيليتي»: «السياسة الحمائية الهندية تجاه الصين تعد بمنزلة نعمة مقنّعة لصانعي السيارات اليابانيين، إذ تفتح أمامهم مجالاً للتوسع وتقوية موقعهم التنافسي».
خطط هوندا وسوزوكي
بالنسبة لهوندا، تمثل الهند أكبر أسواقها للدراجات النارية، لكن الشركة تخطط حالياً لتوسيع حضورها في سوق السيارات، حيث صنّف الرئيس التنفيذي، توشیهیرو ميبي، الهند ضمن أهم 3 أسواق عالمية للشركة إلى جانب الولايات المتحدة واليابان.
وتعتزم هوندا جعل الهند قاعدة إنتاج وتصدير رئيسية لسياراتها الكهربائية من سلسلة «Zero»، على أن يبدأ تصدير أحد الطرز إلى اليابان وأسواق آسيوية أخرى بحلول عام 2027.
أما سوزوكي، فقد خصصت 8 مليارات دولار لرفع طاقتها الإنتاجية في الهند إلى 4 ملايين سيارة سنوياً بدلاً من 2.5 مليون حالياً. وقال رئيسها توشیهیرو سوزوكي: «نسعى لجعل الهند مركز الإنتاج العالمي لسوزوكي، وتعزيز صادراتنا منها إلى الأسواق الخارجية».
بهذا، تتجه الهند بثبات لتصبح القاعدة التصنيعية الجديدة للسيارات اليابانية، في تحول استراتيجي يعيد رسم خريطة صناعة السيارات في آسيا، ويضع نيودلهي في موقع تنافسي متقدم أمام بكين.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
