دبي: عمرو يسري تعد الشركات الصغيرة والمتوسطة أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد الوطني في دولة الإمارات، إذ تلعب دوراً محورياً في تعزيز الابتكار، وخلق فرص العمل، وتعزيز التنويع الاقتصادي. وفي الوقت الذي تبذل فيه الحكومة جهوداً متواصلة لترسيخ بيئة جاذبة ومبتكرة، عبر مبادرات وبرامج لدعم رواد الأعمال، يواجه هذا القطاع الحيوي مجموعة من التحديات عند الانطلاق، خاصةً في ما يتعلق بالاشتراطات المصرفية في بعض البنوك. قال خبراء مصرفيون واقتصاديون ل«الخليج» إن أبرز هذه الاشتراطات تتمثل في ارتفاع الحد الأدنى للرصيد المطلوب، والرسوم الشهرية المرتبطة بالحسابات المصرفية، الأمر الذي قد يحد من استفادة بعض رواد الأعمال والمنشآت الصغيرة من الخدمات المصرفية، إضافة إلى اشتراط البنوك وجود مقر فعلي للشركة، رغم أن العديد من المشاريع الحديثة لا تتطلب وجود مكتب دائم، ويضطر بعض أصحاب المشاريع إلى استئجار مكاتب لتلبية هذا الشرط، الأمر الذي يؤدي إلى تكاليف إضافية. تحديات واشتراطات مصرفية قال أمجد نصر، الخبير المصرفي «إن الشركات الصغيرة والمتوسطة تمثل أحد أهم محركات النمو الاقتصادي في دولة الإمارات، إلا أن هذا القطاع ما زال يواجه عدداً من التحديات، عند فتح الحسابات المصرفية، إذ تفرض بعض البنوك اشتراطات وإجراءات معقدة نسبياً» وأوضح «إن أبرز هذه الاشتراطات تتمثل في ارتفاع الحد الأدنى للرصيد المطلوب، والرسوم الشهرية المرتبطة بالحسابات المصرفية، الأمر الذي قد يحد من استفادة بعض رواد الأعمال المنشآت الصغيرة من الخدمات المصرفية، كما أن احتياجات هذه الشركات لا تقتصر على الحسابات المصرفية فقط، بل تمتد إلى خدمات الدفع والتمويل والخدمات الرقمية، التي تمكنها من إدارة أعمالها بكفاءة». مشيراً إلى «أن بعض البنوك في الدولة نجحت في ابتكار قنوات رقمية سهلة وميسرة، لتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة من فتح حسابات مصرفية بسرعة وبأسلوب حديث». مقترحات لدعم القطاع دعا نصر إلى أن تكون هناك خطوط توجيهية واضحة من «اتحاد المصارف» و«المصرف المركزي»، تؤكد على أهمية تعاون البنوك مع هذه الفئة، وعدم رفض فتح حسابات لها دون مبررات موضوعية، إذ إن دعمها يسهم في تشجيع الشباب على إطلاق مشاريعهم الخاصة. واقترح أن يتم توسيع نطاق الخدمات المصرفية الرقمية لهذه الشريحة، بما في ذلك فتح الحسابات إلكترونياً دون اشتراط وجود مكتب فعلي، إضافة إلى وضع سقف منخفض للرصيد المطلوب ورسوم معتدلة لهذه الشركات، واعتماد نموذج تحقق مرن، بما يضمن سهولة فتح الحسابات، دون الإخلال بالضوابط الرقابية. برامج ومبادرات حكومية قال الدكتور جمال السعيدي، الخبير الاقتصادي «إن الشركات الصغيرة والمتوسطة تعد ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات، لما لها من دور فاعل في تعزيز الابتكار، وتوفير فرص العمل، والمساهمة في التنويع الاقتصادي، الذي تشهده الدولة ضمن رؤيتها المستقبلية». وأوضح «على الرغم من الدعم الحكومي المتواصل لهذا القطاع، عبر برامج تمويلية ومبادرات تشجيعية متعددة، إلا أن رواد الأعمال ما زالوا يواجهون بعض التحديات العملية عند تأسيس شركاتهم، وهو ما لا يتناسب مع طبيعة هذه المشاريع التي غالباً ما تبدأ بإمكانات مالية محدودة، الأمر الذي يشكل عبئاً على الشركات الناشئة». ولفت إلى «أن دولة الإمارات اتخذت خطوات سباقة لتعزيز بيئة ريادة الأعمال، من خلال مبادرات مثل صندوق خليفة لتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وبرنامج موطن لريادة الأعمال، إضافة إلى التراخيص الافتراضية التي تسمح بإدارة الشركات دون الحاجة لمقر دائم، ما يعكس التزام الدولة بتسهيل الإجراءات وتقديم بيئة أعمال مرنة ومبتكرة». معالجة التحديات والعقبات قال عميد كنعان، الخبير المالي «إن قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة يعد عموداً فقرياً لأي اقتصاد متنوع، وتعد دولة الإمارات من أوائل الدول التي أولت هذا القطاع اهتماماً كبيراً، نظراً لدوره الحيوي في دعم الابتكار وتنشيط بيئة الأعمال». وأضاف «إن وجود بعض العقبات أمر طبيعي في جميع الدول، إلا أن الإمارات تمتاز ببيئة جاذبة للاستثمارات وفكر منفتح على تطوير التجارة، ما يجعلها أكثر قدرة على معالجة التحديات التي تواجه هذا القطاع الحيوي». وأوضح «إن من أبرز المقترحات، التي يمكن أن تسهم في تسهيل أعمال المشروعات الصغيرة والمتوسطة، هو تعزيز التعاون بين البنوك التجارية والمصرف المركزي لتخصيص حسابات مصرفية رقمية موجهة لهذه الفئة، تكون برسوم معتدلة وداعمة للمشروعات الناشئة، مع إعفائها من شرط الحد الأدنى للرصيد». برامج إعفاء مؤقت للشركات دعا كنعان الى أن تتبنى البنوك التجارية برامج «إعفاء مؤقت» أو «دعم مالي مرحلي» للشركات الصغيرة في بداياتها، بحيث تمنح تسهيلات مالية ميسرة ضمن ضوابط محددة، أو أن تخصص نسبة محددة من ميزانياتها أو أرباحها لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، تماماً كما تخصص مبالغ للتسويق أو المصروفات التشغيلية، بحيث تكون هذه النسبة موجهة لتمويل هذه المشاريع بفوائد رمزية، تعزيزاً لدورها في الاقتصاد الوطني، وبما يشجع نموها واستمرارها.